ادلب على المحك.. ما هو المطلوب من تركيا؟

ادلب على المحك.. ما هو المطلوب من تركيا؟
السبت ٠٣ أغسطس ٢٠١٩ - ٠١:٠٨ بتوقيت غرينتش

خرقت التنظيمات الإرهابية في سوريا اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد وذلك بعد ساعات من إعلان سريانه واعتدت بالصواريخ على المدنيين في ريف اللاذقية ما أسفر عن سقوط ضحايا. وكانت موسكو أعلنت أنها تنتظر من أنقرة تنفيذا كاملا للاتفاقيات المتعلقة بسحب المقاتلين والأسلحة من إدلب خلال 24 ساعة.

العالم - تقارير

روسيا كانت حذرة في تفاؤلها بشأن وقف اطلاق النار في منطقة خفض التصعيد فس سوريا حيث طالبت تركيا بالافعال وعدم الاكتفاء بمجرد الاقوال، وذكرت أنها تنتظر من أنقرة تنفيذا كاملا للاتفاقيات المتعلقة بسحب المسلحين واسلحتهم من إدلب خلال 24 ساعة، ردا على مبادرة الحكومة السورية بوقف إطلاق النار في تلك المنطقة.

وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء أليكسي باكين، للصحفيين امس الجمعة: "بهدف استقرار الوضع في الجمهورية العربية السورية ودعما "للقاء أستانا" الدولي حول سوريا، قرر الرئيس السوري بشار الأسد، وقف إطلاق النار وأي عمليات هجومية في منطقة التصعيد في إدلب، اعتبارا من الساعة 00:00 من يوم 2 أغسطس عام 2019. وردا على هذه المبادرة السورية، ننتظر أن ينفذ الجانب التركي بشكل تام بنود اتفاق سوتشي الذي ينص على سحب المسلحين والأسلحة من المنطقة المنزوعة السلاح، ووقف القصف وفتح طريق السيارات الواصل بين دمشق وحلب".

لكن التنظيمات الإرهابية خرقت اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد وذلك بعد ساعات من إعلان سريانه واعتدت بالصواريخ على المدنيين في ريف اللاذقية ما أسفر عن استشهاد مدني وإصابة 3 آخرين.

وأفادت وكالة "سانا" السورية، أنه "بعد مرور ساعات قليلة على بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب، أقدمت المجموعات الإرهابية المسلحة في الساعة السابعة من صباح اليوم الجمعة على إطلاق خمسة صواريخ من جبل شحشبو بالقرب من المرصد التركي رقم عشرة باتجاه الساحل".

وأضافت أن "سقوط بعض الصواريخ في بلدة بشلاما جنوب شرق مدينة القرداحة أدى إلى ارتقاء شهيد وإصابة ثلاثة مدنيين آخرين بجراح، وخسائر مادية في ممتلكات المواطنين".

وأعلن مصدر عسكري سوري، موافقة الجيش على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب اعتبارا من ليل الخميس، شريطة أن يتم تطبيق اتفاق سوتشي الذي يقضي بتراجع الإرهابيين بحدود 20 كيلومتراً بالعمق من خط منطقة خفض التصعيد بإدلب وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مقابل وقف إطلاق النار.

وعمدت التنظيمات الإرهابية منذ إعلان الاتفاق حول منطقة خفض التصعيد في إدلب على خرق هذا الاتفاق بشكل مستمر عبر الاعتداء بالقذائف الصاروخية وشن الهجمات على المناطق الآمنة ونقاط الجيش التي تحمي المدنيين فيها ما تسبب باستشهاد وجرح العشرات معظمهم من الأطفال والنساء ناهيك عن الأضرار المادية في المحاصيل الزراعية والمنازل والبنى التحتية.

الموقف العسكري واستانا

الخبير العسكري السوري، العميد المتقاعد علي مقصود، اعتبر أن العملية العسكرية التي خاضها الجيش السوري في المنطقة منزوعة السلاح جرت وفق خطة مدروسة بالتنسيق مع الجانب الروسي الذي نسق بدوره مع تركيا.

وألمح مقصود إلى أن الخطة التي تم تنفيذها بهذا التناغم العفوي تهدف الى تدمير قدرات التنظيمات الإرهابية التي تدور في فلك تنظيم القاعدة، وإجبارها على الخضوع لتركيا بما يمكن الأخيرة من الإيفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي.

وقال العميد مقصود للصحافة: "إن الخارطة التي رسمها الجيش السوري قبل الذهاب إلى أستانا تفصح عن وجود تفاهم لوقف الأعمال القتالية وانسحاب المجموعات الإرهابية المسلحة إلى عمق 20 كم، فهذه الخارطة وما تضمنته من خطوط تماس، أراد الجيش منها بعث رسالة مفادها بأنه إما أن يخرج عن أستانا اتفاق يتضمن حلا سياسياً، أو سيكون الحل العسكري هو الفيصل، بعد أن أقام الجيش السوري خطوط الانقلاب والتماس على محيط ريف إدلب الجنوبي".

وأضاف العميد مقصود: "أن عملية الجيش السوري في ريف حماة الشمالي التي أفضت مؤخرا إلى السيطرة على تل ملح والجبين، وقطعت طرق الإمداد بين الهبيط وكفرزيتا، وبين اللطامنة ولطمين وكفرزيتا وصولاً إلى خان شيخون، تمهد لإعادة فتح طريق حماة حلب، لأن هذه المناطق تقع بمحيط هذا الطريق الإستراتيجي، وبالتوازي كان هناك تحرك عسكري على محور البشير باتجاه جسر الشغور ثبت الجيش من خلاله نقاط انتشاره على هذا المحور وأجبر التنظيمات الإرهابية على الانكفاء إلى جبل الزاوية".

وأوضح العميد مقصود أنه عندما وصل الجيش بالسيطرة الكاملة بالقوات على تل ملح والجبين وتل الجبين فقد أشرف على جبل شحشبو التي توجد بمحيطه منطقة شير المغار والقاعدة التركية، وهذه المنطقة في الوقت الذي تؤمن فيه طريق محردة السقيلبية تشرف على محور أريحا وجبل الزاوية الذي يعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية في إدلب، والذي يعني سقوطه في يد الجيش نهاية هذا الجيب الإرهابي بشكل كامل.

وتابع العميد مقصود: أن الجيش السوري وجه ضربات حاسمة للتنظيمات الإرهابية عبر تدمير خطوط دفاعها ومقرات قياداتها وقضى على قدراتها القتالية من خلال العملية العسكرية التي يخوضها في المنطقة منزوعة السلاح منذ أسابيع،

الجولة 13 لاستانا كانت مثمرة

في هذا الوقت يشير مراقبون سياسيون الى وجود نوع من التناغم بين الافراجات التي حدثت في استانا وبين انصياع الجماعات المسلحة لمبدأ وقف اطلاق النار.

وكانت روسيا وتركيا وإيران قد أعربت في البيان الختامي للجولة الـ13 لمفاوضات أستانا، عن ارتياحها لما تم إنجازه من تقدم في تحديد قوام ونظام عمل اللجنة الدستورية السورية، مؤكدة استعدادها للمساعدة في انعقاد هذه اللجنة في أسرع وقت ممكن.

وأشار البيان إلى أن روسيا وتركيا وإيران بصفتها الدول الضامنة لـ"عملية أستانا"، أعربت عن أسفها لسقوط ضحايا بين المدنيين في إدلب السورية، واتفقت على اتخاذ "إجراءات عملية" من أجل حماية المدنيين وكذلك "العسكريين التابعين للدول الضامنة داخل منطقة وقف التصعيد وخارجها في إدلب".

ودعا البيان المجتمع الدولي لدعم الجهود الرامية إلى إعادة اللاجئين والنازحين السوريين، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون شروط، مشيرا إلى أن الدول الضامنة تبحث فكرة عقد مؤتمر دولي لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري.

سوريا لاترى تطبيقا نزيها للاتفاق

الحكومة السورية تريد ان ترى تركيا وهي تطبق ماتم الاتفاق عليه في استانا وقال الجعفري خلال مؤتمر صحفي في ختام الجولة 13 من محادثات استانا يوم الجمعة: "سوريا لا ترى تطبيقا نزيها من جانب النظام التركي لـ"تفاهمات أستانا" و"اتفاق سوتشي" حول إدلب، الذي يقضي بانسحاب التنظيمات الإرهابية إلى عمق 20 كم وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة"، مطالبا "جميع الأطراف في "مسار أستانا" بتحمل مسؤولياتهم والضغط على تركيا في هذا الشأن".

ولفت الجعفري إلى أن "سوريا لن تنتظر إلى ما لا نهاية حتى ينفذ النظام التركي التزاماته، إذ أن هناك ملايين السوريين في إدلب يناشدون الدولة السورية تخليصهم من الإرهاب".

واعتبر الجعفري أن "أنقرة تواصل احتلال أجزاء من سوريا في انتهاك لـ"تفاهمات أستانا" التي تنص على الالتزام بوحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها"، مضيفا أنه "لا يحق لتركيا أو الولايات المتحدة الحديث عن أي شبر من سوريا، في وقت تنتهكان فيه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بوجودهما غير الشرعي على الأراضي السورية".