علامة سؤال تواجه تركيا اثناء تقدم الجيش السوري

علامة سؤال تواجه تركيا اثناء تقدم الجيش السوري
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٤:٤٦ بتوقيت غرينتش

ثلاثة احداث تتسارع خطواتها على الساحة السورية، وعلى رأسها التقدم الذي احرزه الجيش السوري في ريفي ادلب وحماة والثاني اشتداد وتيرة التهديدات التركية بمهاجمة المناطق التي يسيطر عليها الاكراد شرق الفرات والثالث هو وصول وفد اميركي لبحث المنطقة الآمنة التي تقترحها حكومة اردوغان على الاراضي السورية.

العالم - تقارير

وكلما احرزت القوات السورية تقدما في جبهات القتال شعرت تركيا بالرهبة وبالحاجة الى تقنين وجودها على الاراضي السورية من خلال الترويج لفكرة المنطقة الآمنة محل الخلاف بين الاطراف الاقليمية والدولية والمحلية، ومن اجل حث الطرف الاميركي على التفاعل مع الفكرة ترفع وتيرتها التهديدية ضد الاكراد.

وعلى صعيد الانتصارات التي حققها الجيش السوري مؤخرا فقد اعلنت وزارة الدفاع السورية ان قواتها سيطرت على ثلاث بلدات في ريفي إدلب وحماة ومنها مدينة الهبيط التي تعتبر البوابة المؤدية لريف إدلب الجنوبي، وهي تكتسب أهمية إستراتيجية كونها قريبة من الطريق السريع الرئيسي بين دمشق وحلب.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن القوات السورية نفذت تمهيدا بسلاحي المدفعية والصواريخ ضد تحصينات قوات المعارضة بمحيط الهبيط، قبل أن تخوض اشتباكات عنيفة استمرت ساعات، وانتهت بانسحاب مسلحي المعارضة إلى عمق منطقة خفض التصعيد، لا سيما باتجاه مدينة خان شيخون، وهي المدينة الأكبر بريف إدلب الجنوبي، وتقع على بعد 11 كيلومترا شرق الهبيط.

وعلى مستوى جبهة حماة فقد وصفت صحيفة تشرين السورية التقدم في تلك الجبهة بانه خطوة ميدانية كبيرة خطاها الجيش العربي السوري بإحرازه السيطرة على قرى وبلدات كانت لنحو سبع سنوات تحت احتلال الإرهاب.

وقالت الصحيفة انه بعد أيام قليلة من استئنافه العمليات العسكرية، دخلت وحدات من الجيش إلى قرية الزكاة الإستراتيجية التي تعد مدخلاً لبلدات «كفر زيتا» و«مورك»، معقل ما يسمى «هيئة تحرير الشام» الواجهة الحالية لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابية.

ارتباك تركيا مع تقدم القوات السورية

وفي الاثناء تصاعدت وتيرة التهديدات التركية بمهاجمة الاكراد حلفاء الاميركيين المتواجدين في شرق الفرات السوري وبهذا الخصوص فقد جدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو تهديده بتدخل بلاده العسكري ضد التنظيمات الكردية مؤكداً أن “تركيا عازمة على تطهير المنطقة مهما كلفها الأمر.

ونقلت وكالة “الأناضول” عن الوزير التركي قوله، في تصريحات أن “تركيا اتخذت إجراءات ضد التهديدات الخارجية وخطوات مهمة في عملية شرق الفرات.

وتوجه اوغلو بالحديث إلى الولايات المتحدة ،قائلاً “إما أن نقوم بتنظيف منطقة شرق الفرات معاَ، أو أن تدخل تركيا وحدها المنطقة لتنظيفها من الإرهابيين”، مجدداَ اتهامه واشنطن بـ”عدم الالتزام بوعودها فيما يتعلق باتفاق منبج.

وكانت أنقرة وواشنطن توصلتا، الأربعاء، إلى اتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا خلال أقرب وقت، لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا.

ومن الواضح فإن تركيا بمفردها لاتستطيع ان تقيم المنطقة الآمنة التي تدعو اليها ولذا كانت تهديدات مسؤوليها باقتحام شرق الفرات لاتنفصل ابدا عن دعوتهم الى الادارة الاميركية بالتنسيق من اجل ايجاد تلك المنطقة الآمنة.

وفي هذا المضمار أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، يوم امس الاثنين، في تصريح لقناة محلية: "المنطقة الآمنة في سوريا يجب أن تمتد من الحدود التركية لـ30-40 كيلومترا إلى داخل الأراضي السورية. نحن ننتظر من الولايات المتحدة الخطوات بهذا الاتجاه تحديدا".

تركيا عاجزة عن تحقيق المنطقة الآمنة بمفردها

وأضاف أن تركيا مستعدة للعمل بشكل مستقل لإنشاء المنطقة الآمنة، وقال إن لدى أنقرة "خططا بديلة".

وعلى اثر هذه التهديدات قررت واشنطن ارسال وفد اميركي الى تركيا وهو بالفعل وصل يوم امس الاثنين إلى ولاية شانلي أورفة جنوبي البلاد، لبدء العمل في إنشاء بما يسمى مركز للعمليات المشتركة منوط بها تنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا.

وزارة الدفاع التركية، اكدت وصول الوفد الأمريكي المؤلف من 6 أشخاص إلى شانلي أورفة وقالت الوزارة أنه من المخطط بدء عمل مركز العمليات خلال الأيام المقبل.

وجاء الاتفاق بعد مباحثات بين الجانبين التركي والأمريكي في أنقرة في الفترة ما بين الخامس والسابع من الشهر الجاري، حول المنطقة الآمنة بينما أكّدت وزارة الدفاع التركية في بيان أنه جرى الاتفاق مع الجانب الأمريكي على جعل المنطقة الآمنة ممر سلام، واتخاذ كل التدابير الإضافية لضمان عودة السوريين إلى بلادهم.

الحديث عن المنطقة الآمنة قد يبدو امرا سهلا على المسؤولين الاتراك لكن من الناحية العملية فإن انقرة لديها تصورات مختلفة حتى مع الاميركان فمابالك بمن يعادون سياساتها.

وحتى لم تتضح بعد معالم الاتفاق وكذلك "المنطقة الآمنة"، كما لم يتفق الطرفان بعد على روزنامة معينة لإقامتها، ولا على عمقها داخل الأراضي السورية، ولا على القوات التي ستنتشر فيها.

هذا وتعارض دمشق هذا الاتفاق بشكل قاطع وتصفه بانه يعد اعتداء على سيادة سوريا ووحدة أراضيها وانتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

طرح تركيا لفكرة المنطقة الآمنة لشرعنة وجودها على الاراضي السورية سيزيد الاوضاع تعقيدا على الارض السورية اضافة الى انه لن يضفي الشرعية على تواجد قواتها هناك لان هذه المنطقة الآمنة لن تتخذ الصفة الشرعية الا بعد مصادقة مجلس الامن الدولي عليها ومن غير المعتقد ان المجلس سيوافق على هذه الفكرة.

اما اذا كانت تركيا تتحجج بتوفير الامن لحدودها كمبرر لايجاد المنطقة الآمنة وتواجد قواتها على الاراضي السورية فإن الضمانة الوحيدة لاستقرار حدودها هو تمكين الجيش السوري من السيطرة على كامل اراضي البلد من اجل تحقيق السلام في المنطقة ..اذا كانت تركيا بالفعل راغبة بتحقيقه.