آخر التطورات في مجال التقنية النووية في ايران

الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٤:٤٩ بتوقيت غرينتش

استضافت قناة العالم في برنامج "من طهران" عميد الكلية النووية في جامعة الشهيد بهشتي في طهران الدكتور محمود رضا آقا ميري فیما یخصّ ظروف ایران في الوقت الراهن، وبالنظر إلی أنّها تخضع لحظر إقتصادي ثقیل منذ عام 2015.

س: كيف تقيمون وضع ايران الحالي في استخدام الطاقة النووية للأغراض السليمة و التنموية؟!

الدكتور آقا ميري : بإمکاني القول أنّ ایران قد إتّخذت قرارها بصفة مستقلّة فیما یخصّ القوی البشریة وتعلیم وتدریب القوی البشریة والإستحواذ علی أحدث الإنجازات العلمیة إلی جانب المعدّات والأجهزة العلمیة. وفي أهمّ قسم أو جزء من هذه التقنیة یکمن قسم عجلة الوقود النووي، أي من المنجم وحتّی الإحتفاظ بالنفایات. والآن توجد في ایران عجلة کاملة للمراحل المختلفة لإنتاج الکعك الأصفر ومرحلة إنتاج الوقود والإستفادة منه والمراحل المختلفة لتصمیم الوقود، بکلمات أخری تتساوی ایران مع أغلب دول العالم في هذا المجال، والسبب أنّ الدول التي تطبّق ماذکرته قبل قلیل، مثل فرنسا، لدیها هذه العجلة. لایمکن لبقیّة الدول الحصول علی عجلة الوقود النووي کاملة ماعدا 3 أو 4 دول کأمریکا وروسیا الإتّحادیة والصین. علی سبیل المثال توجد دولة تقوم بعملیة التخصیب بینما الثانیة تنتج الوقود والثالثة لدیها المنجم فقط. لحسن الحظّ، فقد نجحت ایران في الوقت الراهن بإکمال دورة عجلة الوقود النووي وذلك بإعتراف الوکالة الدولیة للطاقة النوویة ، کما أنّها اکتشفت نفسها وبقوّة في مجال تطبیق الأجهزة والمعدّات، إضافة إلی ماسبق، فأنّ ایران نجحت في تطویر الأجهزة والمعدّات ورفع مستوی قدرة التخصیب وإنتاج أجهزة الطرد المرکزي من الجیل الجدید. ما قلته یصبّ في القسم الرئیس من العمل، أمّا في مجال التطبیق داخل البلاد، فنحن الیوم لاتوجد لدینا أيّ مشکلة تُذکر في التطبیق في الطبّ، وفي إنتاج النظائر المشعّة الضروریة في المجال الطبّي، وعلی الأخصّ في تشخیص الداء، لذا أستطیع القول أنّ ایران تقوم بتنفیذ أعمالها الخاصّة بها، وقد قطعت إعتمادها علی الخارج بشکل کبیر. وفي مجال العلاج هکذا أیضاً، نحن نعمل حالیاً علی صنع المسرّع أو المعاجل الطبّي.

س: كيف تقيمون مكانة ايران في استخدام التقنية النووية مقارنة بدول المنطقة و دول العالم؟

آقا ميري: مقارنة بدول المنطقة نحن نتبوّأ الصدارة. أنا أعلن لکم بصراحة وفقاً لمعاهدة إن بي تي، أي عدم إنتشار الأسلحة النوویة، سُمح لبعض الدول القیام ببعض الأنشطة النوویة، وقد قامت بهذا العمل بالفعل. فبعد أن قام انشتاین بکتابة رسالة لرئیس جمهوریة أمریکا آنذاك، ما الذي فعله الأمریکیون لاحقاً؟ قاموا بصنع القنبلة الذرّیة لا وبل استفادوا منها في وقت آخر، حینها علموا حجم القوّة التي تکمن فیها!


س : هل نستطيع القول أن التقنية النووية في ايران هي تقنية محلية؟

آقا ميري: بإمکانکم مراجعة وثائق ومستندات الوکالة الدولیة للطاقة الذرّیة. حضرت الوکالة المذکورة وذکرت بصراحة النقاط التي تُجری فیها عملیات التخصیب، لذا تقوم بالإشراف علیها ومراقبتها. لاتوجد دولة في العالم تمنح دولة أخری إمکانیات عملیة التخصیب، کما لاتوجد دولة في العالم تتمیّز بالتقدّم في مجال عملیة التخصیب أو تعمل في مجال التقنیة النوویة تنقل أيّاً من هذه الأنشطة إلی دول أخری. کلّ ما أنجزناه یحمل بصمة موافقة الوکالة الدولیة للطاقة الذرّیة. ففي وقتٍ من الأوقات کانت سرعة عملیة التخصیب لدینا تمضي بوتیرة جیّدة جدّاً، إلا أنّ بعض الدول کانت تقول لایمکن تصوّر هذه السرعة! لاحظ معي، کنّا نقوم بعملیة التخصیب براحة تامّة من خلال أجهزة الطرد المرکزي من الجیل الأوّل وننتج حتّی 20 ألف "سو" ، أي وحدة إنتاج نوویة، أمّا الیوم فأنّ سرعة عملیة التخصیب من خلال الأجیال الجدیدة لأجهزة الطرد المرکزي الموجودة بحوزتنا بإمکانها أن تسیر بوتیرة مضاعفة، لربّما عشرین ضعفاً. کلّ هذا حصل في الداخل وبقدرات داخلیة، للعلم فأنّنا نتعرّض للحظر حتّی في إستیراد المواد الخام لصناعة أجهزة الطرد المرکزي، إلی درجة أنّ الألمنیوم الذي نحتاجه في صناعة الهیکل الخارجي لجهاز الطرد المرکزي یمنعونه عنّا. کلّ هذا تحقّق داخل البلاد، الأبحاث والصناعة والإنتاج والنشر کان یتمّ تحت سمع ونظر مفتّشي الوکالة الدولیة للطاقة الذرّیة. بکلمات أخری، فأنّ الوکالة تؤیّد جمیع هذه الأنشطة المشار إلیها وتقرّ بأنّها محلّیة ونابعة من الداخل.


س : ما هي المجالات التي يجب أن نعمل عليها والتي لم نصل اليها بعد؟

آقاميري: أحد أهمّ الأعمال الذي یجب علینا القیام به وتنفیذه یتمثّل في موضوع صنع المفاعل الذرّیة الخاصّة بنا. المفاعل اثنان وثلاثة، الموجود علی رأس جدول أعمالنا، تمّ تصمیمه، حینما نقوم بصنع أيّ مفاعل نضع في الإعتبار موضوع الوقود الخاصّ به، وهو الموضوع الذي یحظی بأهمّیة أکثر من المفاعل في حدّ ذاته. ففي موضوع إنتاج الوقود النووي نحن لدینا المناجم التي تُعتبر من أهمّ الأقسام، إلی جانب القدرة علی إنتاج الکعك الأصفر وعملیة تخصیب الیورانیوم وإنتاج الوقود النووي. علینا أن نزید من وتیرة سرعتنا في هذا القسم، أي أن یبدأ العمل في المفاعل اثنین وثلاثة في أقرب فرصة ممکنة. عمل مهمّ آخر موجود علی جدول أعمالنا یتمثّل في موضوع القاطرات النوویة التي تُستخدم في مجالات کثیرة، سواء في السفن والغوّاصات والأماکن التي نحن بحاجة إلی إستخدام کمّیة کبیرة من الوقود فیها تعادل محطّة طاقة صغیرة. علی سبیل المثال، إفترضوا في غوّاصة، من غیر الممکن وضع مخزن کبیر للدیزل فیها، یجب أن یکون حجم المخزن صغیراً کي تقوم الغوّاصة بنشاطها. من الطبیعي أن ترتفع وتیرة عملیة التخصیب، بینما یقلّ حجم المفاعل المستخدم، هذا العمل یحظی بأهمّیة فائقة لدینا ویجب علینا أن ننظر إلیه نظرة جدّیة، صحیح أنّه علی جدول أعمالنا ، لکنّنا یجب أن نولیه أهمّیة فائقة وندفعه إلی أمام. أمّا ما یخصّ تطبیق هذا النوع من القاطرات النوویة في القطاع الصناعي، فنحن بحاجة إلی معدّات وأجهزة تمّ صنع جزء منها، والجزء الآخر یجب أن یُصنع. بکلمات أخری فأنّ أعمالاً کبیرة قد إنطلقت في جمیع المجالات، ولکن أيّ منها سیصل إلی نتیجة بسرعة أکبرمن الأعمال الأخری، یعتمد الأمر علی الأولویات، وللعلم فأنّ أولویاتنا الحالیة تتمثّل في صنع المفاعل اثنین وثلاثة إلی جانب القاطرات النوویة وصناعة بعض المعدّات والأجهزة الطبّیة.

س: بعد إنسحاب أمريكا من الإتفاق النووي، قامت ايران مؤخرا بخفض التزاماتها في الإتفاق النووي وتم ذلك في ثلاثة مراحل نفذتها ايران. اريد أن تشرح لنا كيف تم ذلك؟

آقاميري: کانت هناك إلتزامات علی ایران في الإتّفاقیة النوویة، أو إتّفاقیة خطّة العمل المشترك الخاصّة بالبرنامج النووي السلمي لایران. إذاً، حینما خرجت أمریکا من الإتّفاقیة المشار إلیها قبل قلیل، من الطبیعي أنّنا إلتزمنا بالصبر لمدّة سنة وبضعة شهور کي نری ما الذي ستؤول إلیه الأمور. أهمّ ما کان لدینا من حدیث هو أنّنا قد قمنا بتقیید عملیة التخصیب، أي أنّنا أوقفنا عملیة التخصیب عند مستوی نسبة 3 أو 4 أعشار في المائة، وقد کان نقاشنا یدور حول عدم تجاوز هذه النسبة، ولو حدث وأن إرتفعنا عن النسبة المذکورة کان یجب علینا تصدیر الکمّیة إلی خارج البلاد، وهذا ما حصل بالفعل، فقد تمّ تصدیر عدّة أطنان من المواد إلی خارج البلاد، أي تمّ تسویقها لبعض الدول. کان علی ایران إتّخاذ أوّل خطوة ألا وهي رفع حجم عملیة التخصیب إلی خمسة بالمائة. ثانیاً، المواد النوویة التي کان یجب علی ایران إرسالها إلی خارج البلاد، من الطبیعي أنّ الطرف الآخر الذي لم یلتزم بما تعهّد به، لذا فأنّ ایران أیضاً إمتنعت عن القیام بما إلتزمت به، علی هذا فقد بقیت هذه المواد داخل البلاد. وهذا المسار یستمرّ إلی أن یصل إلی مستوی رفع مستوی عملیة التخصیب وزیادة حجم المواد الجاهزة للقیام بعملیة التخصیب. بمعنی آخر، أنّ کعکنا الأصفر یبقی في حدود البلاد، والإحتفاظ بغاز "یو إف سي" إلی حدّ ما في الداخل أیضاً إلی أن یصبح بإمکاننا القیام بهذا العمل في البلاد. بالطبع هذه المراحل التي تبلورت کانت بطیئة جدّاً، فقط من أجل أن نبیّن أنّه بإمکاننا القیام بهذا العمل، ولو أردنا العودة إلی السابق فهذا في مقدورنا، أمّا الآن فتوجد ضرورة لزیادة هذه السرعة، وهذا سوف یحصل في المرحلة اللاحقة.


س: من الناحية الفنية والتقنية كيف نستطيع أن نفسر ونوضح أن ايران لا تسعى للحصول على الأسلحة النووية؟

آقاميري: فیما یخصّ موضوع السلاح النووي فأنّ ایران تواجه مسألتین في الأساس لم تلتفت إلیهما دول العالم کثیراً، بل یمکن القول أنّها لم تفهم المسألتین. إحداهما مسألة شرعیة، ففي النهایة یجب علی أيّ دولة أن تضع في إستراتجیّتها وعقیدتها شیئاً ما، في المقام الأوّل من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامیة حفظه الله والذي یمسك بدفّة البلاد ویتحمّل مسؤولیتها، لدیه فتوی تحرّم إنتاج الأسلحة النوویة. بمعنی أنّه حینما تقول الفتوی أنّ هذا الموضوع حرام، فلا یجوز لي أنا الجالس هنا والمتخصّص في هذا المجال أن أسلك هذا الطریق، وهذا الأمر لایمکن تصوّره من قبل العالم. بإختصار فانّ الفتوی تعني عدم التوجّه إلی هذا المنحی في برامجنا النوویة السلمیة.
المسألة الثانیة هي أنّنا جمیعاً نعلم عدم وجود أيّ فرق بین حیازة قنبلة نوویة واحدة أو حتّی ألف قنبلة. بمعنی إذا کنت أنت تحوز علی قنبلة نوویة واحدة أو أکثر، خذ کوریا الشمالیة علی سبیل المثال، فالقنابل التي بحوزتها تُمثّل تهدیداً للأمریکیین، إلا أنّ عدد القنابل الموجودة بحوزتها لاتمثّل شیئاً مقارنة بتلك الموجودة في حیازة أمریکا أو روسیا. بکلمات أخری، لو إفترضنا وجود 100 قنبلة نوویة لدی کوریا الشمالیة، فلدی إسرائیل الیوم 150 قنبلة نوویة أو حتّی في دول أخری. ولکن علی أیّة حال فوجود هذه القنابل یمثّل تهدیداً. نحن لانننظر إلی هذه المسألة في الأساس، أمّا النقطة المهمّة فهي أنّ التقنیة النوویة الآن تخضع للسؤال لهذه القوی. فالدولة التي یمکنها الإستحواذ علی مفاعل نووي یعني أنّها أصبحت قوّة نوویة، أي القوّة التي تخاف منها هذه الدول. علی الرغم من أنّ هذه القوی وهذه الدول تعلم علم الیقین من أنّنا لن نستخدم السلاح النووي ولن نقوم بتصنیعه، إلا أنّها لاترید لایران أن تحصل علی القوّة من خلال هذه التقنیة. ولکن علی أیّة حال، نحن لانزال نعتقد أنّنا نقوم بأعمالنا ونتقدّم ، کما أنّ المتخصّصین یفهمون بعضهم البعض، أي أنّنا نفهم مایقولونه کما أنّهم یفهموننا في المقابل. تقول هذه الدول لایجب أن تحصلوا علی المفاعل، والسبب أنّ سلسلة التفاعلات في المفاعل یمکن التحکّم بها، بینما ردود سلسلة التفاعلات في القنبلة النوویة تخرج عن السیطرة. من الطبیعي أنّ صنع المفاعل صعب، لکنّنا قادرون علی صنعه، ولکن لایوجد في برامجنا إنتاج القنابل النوویة. وهذا الکلام یعني صحیح أنّنا نملك القدرة علی الإنتاج، إلا أنّ الأسس الدینیة الموجودة هي التي تقف حائلاً بیننا وبین إنتاج القنبلة النوویة ولاتسمح لنا بالقیام بهذا العمل.

س: اذا من الناحية الفنية لايوجد أي مشاكل؟

آقاميري: لاتوجد أيّ مشکلة فنّیة في الأساس، وهم یعلمون هذا جیّداً، ألم تقم باکستان بهذا العمل؟ وألم تقم الهند بهذا العمل؟ وماذا بشأن إسرائیل ألم تقم بهذا العمل؟ ألم تکن البرازیل تفکّر في القیام بهذا العمل؟ کذلك الحال مع کوریا الشمالیة ألم تقم بهذا العمل وتنفّذه؟ ألم تبدأ کوریا الجنوبیة بهذا العمل ومن ثمّ منعتها هذه الدول لاحقاً؟ بالطبع نحن نعتقد أنّهم یقومون بهذا العمل، إلا أنّهم یمارسون هذا النشاط تحت وصایة أمریکا ولا توجد مشکلة تمنعهم، لکن لأنّنا نرید الحصول علی عمل سلمي کإنتاج الطاقة النوویة للأغراض السلمیة، نواجه مقاومة من قبل هذه الدول.


س: هل تراجعت أو تخلفت ايران في خططها وبرامجها النووية من خلال الإتفاق النووي؟

آقاميري: لم تتراجع ایران بعد الوصول إلی الإتّفاقیة النوویة، کانت هناك إلتزامات، عملت هذه الإلتزامات علی إبطاء سرعتنا، لربّما یمکن إطلاق إسم تراجع علی هذه الحالة، إلا أنّني أؤکّد لکم بعدم وجود أيّ تراجع، بل لمدّة زمنیة محدودة والقیام بسلسلة من الإختبارات والتجارب لإفهام الآخرین أنّ ایران بإمکانها القیام بهذه الأنشطة، ولکن في مرحلة أخری قللّت ایران من سرعتها إلی حدّ بعید. ولو ترکنا موضوع هذه السرعة، کلا، نحن لم نتراجع، لأنّنا لازلنا نقوم بأعمالنا، فمفاعلنا لاتزال تُصمّم والأقسام المختلفة منهمکة في الأنشطة المختلفة، کما أنّ البُنی التحتیة قد نُظّمت بشکل یمکننا من العودة بسرعة.


س: وهل يمكن التعويض عن ذلك؟

آقاميري: لقد أسلفتُ لکم، متی ما أردنا، بالطبع لقد مرّ الوقت، حوالي مابین سنتین إلی ثلاث سنوات حیث کان موضوع الإتّفاقیة النوویة هو المسیطر علی الأجواء، کان الوقت آنذاك مهمّاً بالنسبة لنا، لا بل کان مصیریاً، لکنّنا أضعنا هذا الوقت، أبطأنا العمل، ولکن إذا ماأردنا العودة لاتوجد مشکلة خاصّة أمامنا.


س: العودة لاتستغرق وقتا طويلا؟

آقاميري: نعم، نحن بحاجة إلی تحدید فترة زمنیة کي یمکننا العودة إلی النقطة التي توقّفنا عندها.

س: ماهي توقعاتكم للمرحلة الرابعة لخفض ايران من فعالياتها النووية؟

آقاميري: لاحظ معي، في المرحلة الرابعة من الطبیعي أن یُغلق ملف إتّفاقیة خطّة العمل المشترك. بمعنی أن نعود إلی المراحل التي سبقت إتّفاقیة خطّة العمل المشترك حینما نصل المرحلة الرابعة، والسبب أنّ سرعة عملیة التخصیب کانت عالیة جدّاً کما أنّ إنتاج أجهزة الطرد المرکزي لدینا کان عالیاً أیضاً. لذا فأنّه في المرحلة الرابعة یجب العودة إلی الظروف التي کانت سائدة قبل التوقیع علی إتّفاقیة خطّة العمل المشترك الخاصّة بالبرنامج النووي الایراني السلمي، السبب أنّنا قمنا برفع مستوی التخصیب وهذه الخطوة تعني العودة إلی الحالة التي کانت سائدة قبل التوقیع علی الإتّفاقیة النوویة. شخصیاً أعتقد أنّه یتوجّب علی ایران أن تقوم بتصمیم عمل مفاعل الماء الثقیل في أراك بنفسها، ولاتنتظر تصامیم الآخرین کي تعود إلی النقطة التي توقّفت عندها.

س: وهل نستطيع القول كما يقول الأوروبيين والغرب وتحديدا أمريكا، أن ايران بإجراء هذه المراحل ستسعى و تقترب من امتلاك الاسلحة النووية؟

آقاميري: کلا، الأمر لیس علی هذه الشاکلة،أي أنّه لایوجد مثل هذا الشئ في برنامج ایران. تسعی ایران للعودة إلی قوّة نوویة، والقوّة النوویة وفقاً لتفاسیر تلك الدول في الطرف الآخر من الإتّفاقیة النوویة هي قدرة ایران علی صنع القنبلة النوویة، في حال أنّ مثل هذه الفکرة غیر موجودة في برنامجنا. برنامجنا سلمي، لذا نحن نسعی للحصول علی هذه التقنیة بالوسائل السلمیة والإستفادة منها من أجل الشعب وطبّ الشعب وصناعة الشعب ولحیاة الشعب بشکل عام وأخیراً إنتاج الطاقة اللازمة للشعب. علی أیّة حال، لاحظوا أنّ الطرف الآخر یوجّه لنا التهم ویقول أنتم تمتلکون الوقود الأحفوري إذاً لماذا تریدون هذه التقنیة؟ حسناً أنتم أیضاً لدیکم الوقود الأحفوري، کما أنّ أمریکا تمتلکه أیضاً، نسبة 25% من الطاقة في أمریکا تُنتج من المفاعلات النوویة، وفي فرنسا تبلغ النسبة 75% ، کما أنّ بریطانیا التي لدیها نفط برنت إذاً لماذا تقوم بإنتاج الطاقة النوویة؟ السبب هو أنّ هذه الطاقة تُعتبر مصدراً نظیفاً یمکن الإعتماد علیها. ونحن نعتقد أیضاً بوجوب إنتاج 5% علی أقلّ تقدیر من طاقتنا عن طریق هذه التقنیة، کما هي الحال في تولید نسبة معیّنة في المائة من طاقتنا من الطاقة الشمسیة ومن محطّات الطاقة العاملة علی الریاح. أمّا ما یدّعیه الأوروبیون والأمریکیون من أنّ ایران تسعی من خلال هذه المراحل العودة إلی صنع الأسلحة النوویة، فهذا أمر مرفوض وهم یعلمون بهذه الحقیقة جیّداً. فالدولة التي یمکنها أن تصبح قوّة نوویة بإمکانها القیام بأيّ عمل ترغب في القیام به، ولکن لایوجد مثل هذا الأمر في برنامجنا.

س : برايكم الى أي مدي يجب ان تطور ايران تقنيتها النووية خاصة وأن هناك في بعض الدول محاولات لامتلاك طاقات جديدة غير الطاقة النووية وهل يجب أن تسعى ايران لتطوير طاقات أخرى غير النووية؟

آقاميري: ایران دولة مترامیة الأطراف، تبلغ مساحتها ملیون وستمائة وثمانیة وأربعین ألف کیلومتراً مربّعاً. دولة تتمیّز بوجود شمس تسطع بقوّة فیها، لذا من الطبیعي أنّنا توجّهنا صوب إنتاج الخلایا الشمسیة ومحطات الطاقة التي تعمل علی الطاقة الشمسیة. وفقاً لمعلوماتي من المفروض أن تؤمّن محطّات الطاقة العاملة علی الطاقة الشمسیة من 3 إلی 4 آلاف میغاواط. نحن لدینا ریاح قویّة في بعض نقاط البلاد، ومن المفترض الإستفادة من محطّات الطاقة التي تعمل علی الریاح في هذه المواقع، وإلی جانب ماسبق قوله، لدینا مناجم زاخرة بالیورانیوم، لماذا لانستفید منها؟ علی أیّة حال، نحن لدینا النفط، کما نستفید من الغاز لتزوید محطّاتنا الغازیة، لذا یجب علینا الإستفادة منه. نحن نعتقد بوجوب الوصول إلی 20 ألف میغاواط في إنتاج الطاقة النوویة التي أقرّها مجلس الشوری الإسلامي، للعلم فأنّه لدینا القدرة علی القیام بهذا العمل کما أنّه لدینا الإمکانیات اللازمة، ولاتوجد أمامنا أيّ محدودیة أو قیود. لو تعاونت الدول الأوروبیة والدول المتقدّمة معنا فهذا جیّد جدّاً، یمکننا القیام بهذا العمل سویّاً. وإذا لم یتعاونوا من الطبیعي أن نقوم نحن بمفردنا بإنجاز هذا العمل وفقاً لقانون مجلس الشوری الإسلامي، ونمضي قُدماً في هذه القضیّة بمفردنا.

س: هناك بعض دول المنطقة كالإمارات والسعودية تسعيان لإمتلاك الطاقة النووية ويوجد محادثات مشتركة في هذا المجال وذلك بمساعدة روسيا وأمريكا، مارايكم في هذا الموضوع؟

آقاميري: هذا في الأساس سؤال أطرحه علی الأصدقاء، هل السعودیة تبیع النفط بکمّیات أکبر حالیاً وهل لدیها مخزون أم لا؟ هل الإمارات لدیها نفط أکثر أم نحن؟ من الطبیعي أنّ هاتین الدولتین مقارنة بعدد سکانهما یبلغ إستهلاکهما الداخلي عشر ما نستهلکه نحن، ولکن لماذا توجّهوا للحصول علی المحطّات النوویة؟ لماذا لدی السعودیة ثلاث محطّات؟ وسوف تُفتتح أربع محطّات في المستقبل القریب وتتمّ الإستفدة منها؟ لماذا قامت الإمارات بهذا العمل؟ لماذا هذا المنطق موجّه لنا نحن فقط؟ علی الآخرین أن یطبّقوا هذا المنطق علی الدولتین أیضاً، ویقولوا لهما لماذا تذهبان للقیام بهذا العمل؟ في الأساس فأنّ إحتیاجاتهما لیست إلی هذا الحدّ، لاحظ معي، قارن 80 ملیون إنسان مع سبعمائة ألف من البشر، تعداد سکّان الإمارات الأصلیین حوالي سبعمائة ألف إنسان، والمجموع مع الوافدین یبلغ حوالي 3 ملایین شخص. کم یبلغ إستهلاك الطاقة الکهربائیة لثلاثة ملایین شخص مقارنة بثمانین ملیون إنسان؟ لماذا توجّه هؤلاء نحو المحطّات النوویة؟ لماذا قاموا بهذه الإستثمارات الضخمة کي یتمّ هذا الأمر؟ ولماذا هذه القدرة مع الذلّ؟ أي أنّهم لا یسمحون لمواطني الإمارات والسعودیة ایفاء أيّ دور في مراحل تشیید المحطّات النوویة والإستفادة منها لاحقاً. أنا أعلن لهم من هنا إذا رغبوا سوف نقوم بتدریب مواطنیهم وتأهیلهم، فالسعودیة دولة جارّة لنا وهي مسلمة، إذا رغبت بالأمر نحن علی إستعداد لتدریب مواطنیها، سواء لتشغیل أنظمتهم أم للإستفادة منها. ولکن إذا کان هذا الموضوع یمثّل مشکلة لماذا لایکون مشکلة لهاتین الدولتین وفي نفس الوقت هو مشکلة لنا نحن؟ لا وجه للمقارنة معنا من حیث تعداد السکّان ولا من حیث مساحة الرقعة الأرضیة ولا من حیث الإمکانیات، لو بحثتم في مختلف مناطق السعودیة لما نجحتم في الحصول علی جرام واحد من الیورانیوم، علی العکس توجد في بلادنا ثمانیة مناجم للیورانیوم. حسناً، یجب الإستفادة من کلّ هذه المناجم، کیف یذهب الفرنسیون إلی نامیبیا وکازاخستان لجلب الیورانیوم ویقومون بعملیة التخصیب هناك ومن ثمّ ینتجون الطاقة النوویة من خلال مراحلها ، بینما نحن نمتلك کلّ هذه العناصر في بلادنا ونجلس ونحن ننظر إلیها!!! حسناً من الطبیعي أنّ هذا الکلام غیر صحیح علی الإطلاق، وحالیاً لا یوجد أيّ مبرّر لکلام الأوروبیین القائل بأنّ ایران لدیها نفط ولاحاجة لها للحصول علی الطاقة النوویة خاصّة بعد أن توجّهت الإمارات والسعودیة صوب إنتاج الطاقة النوویة. ومن ناحیة الخطر انظروا من الذي یکمن الخطر في منشآته، نحن شهدنا کارثتین في العالم، إحداهما تشرنوبیل بینما الأخری فکوشیما. من الطبیعي أنّ خطورة مفاعلاتنا النوویة تبلغ عشر مخاطر المفاعلات النوویة التي ینصبها الأمریکیون في السعودیة، وهم یعلمون هذا الموضوع جیّداً، أنا أتحدّث أیضاً عن فکوشیما، فالمفاعلات النوویة التي یضعها هؤلاء في السعودیة وفي الإمارات لایمکن لهاتین الدولتین التحکّم فیها إذا ما تکرّرت حادثة فکوشیما وذلك بسبب الظروف الجغرافیة للدولتین، علی المسؤولین إغلاق المنطقة برمّتها ومغادرتها، هناك أمر یتبلور من خلال هؤلاء ولایعیرونه أيّ أهمّیة، لذا فقد تمّت الإجابة علی الکثیر من أسئلتنا والأسئلة التي کان یطرحها هؤلاء بمجرّد أن تمّ وضع المفاعلات النوویة في الإمارات والسعودیة، علی أیّة حال حصلت الأسئلة علی أجوبتها، لذا یجب علی هؤلاء الذهاب والإجابة علی أيّ سؤال.