الشيخ نعيم قاسم للعالم: السعودية لاتريد الوحدة الإسلامية

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٥:٠٤ بتوقيت غرينتش

استضافت قناة العالم في برنامج "من طهران" نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، لمناقشة اهمية الوحدة الإسلامية واهم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي بشكل عام والوحدة الإسلامية بشكل خاص، وتطرق الى قضايا المنطقة وما يشهده لبنان من تظاهرات شعبية ومطلبية.

العالم - من طهران

وأوضح الشيخ نعيم قاسم، الذي يشارك في المؤتمر الدولي الثالث والثلاثين للوحدة الإسلامية المقام في العاصمة الإيرانية طهران، اهمية الوحدة الإسلامية وطرق انجازها وابرز التحديات امامها ودور العلماء فيها والدول التي تعرقلها... كما تطرق في جانب من حديثه الى التطورات التي تشهدها لبنان.

وهذا نص اللقاء كاملا:

س: ما هي المقومات التي ترتكز عليها الوحدة الإسلامية؟

الشيخ قاسم: عندما نتحدث عن الوحدة الإسلامية يعني نتحدث عن الإسلام كجامع، لابد ان يكون هناك ايمان بالإسلام، وايمان بأنه هو المشروع الذي يصلح للبشرية، هذا مقوم اساس، الامر الثاني بما ان المسلمين يتجهون الى قبلة واحدة والى قرآن واحد وان الله تعالى قال ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فأعبدون، وفاتقون في آية اخرى، هذا يعني اننا اذا اردنا ان نكون مسلمين حقيقيين لابد ان نتوحد وان نتعامل مع بعضنا.

الامر الثالث، هناك نقطة اساسية ان المذاهب الإسلامية هي طريقة في فهم الإسلام ولكنها لا تمس المبادئ الاساسية والكبرى، فإذن فلنترك المذاهب للتعبد ولنجعل الوحدة الإسلامية للمسار الواحد اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، والامر الرابع، مصالحنا واحدة اعداءنا مشتركين، قضايانا واحدة، كيف لا نجتمع حول هذه القضايا المختلفة.

واليوم يوجد لدينا عامل خامس اساسي يجب ان يدفعنا الى الوحدة بحمد الله تعالى انه توجد إسلامية بقيادة الولي الفقيه الإمام الخامنئي دام حفظه، اليوم وجود القيادة الواحدة يسهل ويساعد ويجعل الوحدة قادرة على ان تنجز انجازات عظيمة.

س: إذن حسب ما تفضلتم به، هناك وجوب شرعي للوحدة الإسلامية؟

الشيخ قاسم: لا يجوز للانسان ان يكون بعيدا عن الوحدة، الله سبحانه وتعالى على المستوى الفردي يقول انما المؤمنون اخوة، ويقول واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، كيف لا نجتمع على طاعة الله تعالى، ويجتمعون على معصية الله.

س: هناك نظريتان حول التقريب بين المذاهب الإسلامية كمقدمة والوحدة الإسلامية، النظرية الاولى تقول ليتحد المسلمون على المشتركات ويتركون الخلافات جانبا بشكل نهائي.. والنظرية الثانية تقول بأن يتحد المسلمون على المشتركات وان يكون هناك حوار جاد وهادف لتذليل العقبات او التصالح بين الخلافات.. برايكم ما هو الحل الانسب للوحدة الاسلامية في اطار المذاهب الإسلامية؟

الشيخ قاسم: المسالة ليست حادة، المسألة التي يجب ان تكون واضحة جدا هو ان الوحدة الإسلامية يمكننا ان نبنيها على قاعدة المشتركات، وهذا بالاقتراحين امر مشترك، ان المشتركات يجب ان تكون سبب للوحدة الإسلامية، لكن في الحقيقة ما نطرحه من وحدة اسلامية لا نطرحه على قاعدة توحيد الفقه، انما على قاعدة توحيد الموقف من القضايا والمصالح الموجودة، اي الوحدة السياسية اذا صح التعبير، الوحدة السياسية تتعاطى مع المشتركات ومع القضايا الكبرى ومع الحلال والحرام الذي نتوحد فيه كمسلمين، يعني عدونا واحد وصديقنا واحد، هذا لا يمس المذاهب، وهذا بالاصل هو من المشتركات، لان العقيدة واحدة والقبلة واحدة والصلاة واحدة والصوم واحد، يعني حتى العبادات الاساسية والاعتقاد الاساسي هو واحد، الخلاف موجود في الفقهيات والامور التفصيلية، انا اقول ان نتوحد يعني ان نتوحد سياسيا وعاطفيا وعمليا بما اننا مسلمون، اما القضايا الخلافية لا اشكال في ان يكون هناك حوار للتفاهم على القضايا الخلافية، لكن انا ادعو ان يكون هذا الحوار حوار علمائي في غرف مغلقة، لان عامة الناس لا يتحملون مثل هذه النقاشات، وايضا النقاش يكون علمي حتى ولو لم يصل الى نتيجة من باب على الاقل التعارف بين الافرقاء، لكن انا لست مع وضع الاتفاق كنتيجة للحوار اساس للوحدة، هذ موضوع جانبي، يعني الحوار موضوع جانبي، اذا رغب المسلمون فليتحاوروا، اذا لم يرغبوا فلا يتحاوروا، لا مشكلة في ذلك، المهم ان يبقوا على المشتركات، هذا هو الاصل.

س: اشرتم الى دور العلماء في تقريب المذاهب الإسلامية والوحدة الإسلامية، ما هو دور النخب الإسلامية في تهيئة الارضية بالنسبة لعامة المسلمين؟

الشيخ قاسم: النخب الإسلامية حقيقة تلعب دورا قريبا من دور العلماء، لان كلامهم مسموع ومنطقهم مقبول، وكذلك ينظر الناس اليهم انهم اصحاب رأي وخبرة في آن معا، انا اعتبر ان دورهم في التقريب وفي الوحدة هو يشابه دور العلماء في التقريب وفي الوحدةن بل اكثر من هذا اقول يجب ان تصبح الدعوة الى الوحدة الإسلامية شعبية، يعني حتى على مستوى المسلم العادي جدا الذي بالكاد يعرف بعض المبادئ الإسلامية يجب ان يكون مشبعا بقناعة الوحدة الإسلامية من اجل ان تكون الوحدة حقيقية وعملية.

س: ما يتم مناقشته خلال هكذا مؤتمرات، مؤتمرات التقريب بين المذاهب ومؤتمرت الوحدة الإسلامية، يحتاج الى آلية لتفعيله على الارض ليكون ذا تأثير.. الا تعتقدون على ذلك؟

الشيخ قاسم: انا اخالف الكثيرين ممن يعولون على المؤتمر آمالا كبيرة، لانهم لا يعرفون هدف المؤتمر، انا اسال الآن ما هو هدف المؤتمر؟ هل هدفه ان ينظم العالم الإسلامي من اجل ان يذهب كل انسان الى بلده والى بيته والى جماعته فيعمل للوحدة؟ ام ان الهدف هو صورة تظهر ان هؤلاء لديهم استعداد لأن يتعاملوا مع بعضهم ويتبادلون التجارب بالاجماع؟ انا اعتقد ان الهدف هو الثاني، يعني الهدف هو الصورة، الهدف ان نقول للعالم نعم نحن مع بعض نشجع الباقين ان يكونوا موحدين، وإلا ايام المؤتمر الثلاثة لا تكفي من اجل مناقشة القضايا كلها.. نعم هناك بعض القضايا تناقش، هناك اقتراحات يطرحها بعض العلماء من مختلف انحاء العالم يسمعها الآخرون تؤثر في طريقة تفكيرهم وفي علاجهم، تجري بعض الحوارات التي تبلور بعض القضايا، انا اعتقد هذه الفوائد تحصل، لكن تنظيم الوحدة الإسلامية هو خارج المؤتمر وليس بنتيجة من نتائج المؤتمر.

س: الوحدة الإسلامية اشرتم الى انها لا تكفي بان تكون في قاعة المؤتمرات، بالتأكيد من اجل تنفيذ القرارات وما يتم الاتفاق عليه وما يتم التوصل اليه من نتائج، بحاجة الى قرارات سياسية على مستوى دول، الا ترون ذلك صحيحا؟

الشيخ قاسم: صحيح انه اذا كان قرار الوحدة الإسلامية على مستوى دول فهذا يكون قوي ومؤثر، لكن ماذا تفعل اذا كانت بعض الدول حكامها لا يريدون الوحدة الإسلامية، عندها لابد من التعامل مع جمعيات او حركات او احزاب، انا ادعو ان لا نترك طريقة في الانتشار العالمي للوحدة الإسلامية إلا ونقوم بها، يعني لا نشترط الوحدة الإسلامية اما ان تكون بين الدول او لا تكون، لا، هناك وحدة بين دول وهناك دول بين احزاب وحركات بينها ومع الدول، هناك وحدة بين جمعيات، وهناك وحدة يمكن ان تكون اضيق، انا ادعو الى كل شكل من اشكال الوحدة بشكل عملي مع الجمهورية الإسلامية كرائد وقائد، وهذا يعطي نتائج حقيقية.

س: اشرتم الى بعض الدول.. هل هذه الدول لا تريد الوحدة الإسلامية؟ ام لديها مخاوف؟

الشيخ قاسم: يعني مثلا اليوم السعودية هي لا تريد الوحدة الإسلامية ولا تريد اصل العلاقة مع ايران وتقمع كل من يفكر بالوحدة الإسلامية وهي تتبنى المذهب الوهابي وتعمل لقمع المذاهب الاخرى، هذه لا تفكر بالوحدة، فضلا عن ان موقفها السياسي مع امريكا و"اسرائيل"، يعني بعيدا عن قضايا المسلمين الحقيقية ومنها قضية القدس، لا يؤمل من هذه الدولة ان تكون دولة وحدة او ان تعمل للوحدة، بل هي تقمع للوحدة، وهناك نماذج اخرى قريبة من هذا الامر، فنحن علينا ان نبحث عمن يقبل ان يعمل للوحدة.

س: لماذا برأيكم بعض الدول تشعر بالخطر من الوحدة الإسلامية، هل الوحدة الإسلامية تشكل خطرا على احد؟

الشيخ قاسم: بعض الدول تشعر ليس بالخطر من الوحدة، انا رأيي تشعر بالخطر من تبني الإسلام، لان تبني الإسلام يعني ان عروشهم المبنية على الدعم الغربي العلماني الامريكي الإسرائيلي ستسقط، لان اذا كان هناك احد يريد ان يتبنى مشروع اسلامي يجب ان يكون اداؤه إسلامي والدستور الذي يريد ان يعمله للبلد يأخذ نكهة اسلامية، وتعامله مع الاطراف على اساس القضايا الإسلامية، اذا ما كان لديه استعداد ان يتبنى القضايا الإسلامية من الطبيعي ان لا يؤمن لا بالإسلام ولا بالوحدة الإسلامية.

س: الوحدة الإسلامية المتكاملة، بالتأكيد هي لا تتحقق اذا لم تكن هناك وحدة إسلامية اقتصادية ووحدة إسلامية سياسية... برأيكم بقاء لوحدة الإسلامية او فكرة الوحدة الإسلامية في اطار فكري بحت هل يساعد على هذا الموضوع؟

الشيخ قاسم: أنا اميل بعكس سؤالك الى الايجابية وليس إلى السلبية.. يعني لا اشجع على القول ان الوحدة الإسلامية لا تكتمل إلا بالوحدة الإقتصادية او لا تكتمل إلا بالوحدة السياسية او لا تكتمل إلا بالوحدة الثقافية، انا ضد هذا المنهج، انا مع منهج آخر يقول الوحدة الإسلامية لها مراتب، كلما عملنا في مرتبة تقدمنا خطوة الى الامام، وهو انجاز، فإذا كان لدينا وحدة سياسية فهذا انجاز الى الامام، اذا توحدنا حول القدس فهذا انجاز آخر، إذا توحدنا حول بعض القضايا الاقتصادية فهذا انجاز ثالث، يعني ان الانجازات يمكن ان نراكمها وكلها اسمها وحدة، لكن وحدة بمقدار ما انجزناه، اميل الى العنوان الايجابي حتى لا نقول انه لا يوجد وحدة اذا لم يحصل اتفاق اقتصادي، من يجمع الدول الإسلامية والعربية اليوم على منهج اقتصادي واحد او على تعامل اقتصادي، اليوم هذا الامر غير موجود فهل نعلق الوحدة على هذا الامر؟ لا، هذا غير صحيح، بإمكاننا ان نعمل عليها سياسيا وبعد ذلك نضيف اليها الامور الاخرى.

س: انتم كرجل دين وكرجل سياسة، برأيكم ما هي اهم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي بشكل عام والوحدة الإسلامية بشكل خاص؟

الشيخ قاسم: اهم تحدي هو الحرب الناعمة تالتي تخوضها امريكا ومن معها، لأنها تحاول ان تدخل الى منطقتنا افكارا خاطئة واعلام مظلل وقواعد سياسية غير صحيحة وتلطف هذه الامور بعنوان الديمقراطية وحقوق الانسان، بعناوين اصلا لا تلتزم بها اميركا على الإطلاق، ومهمتنا نحن ان نفضح هذه الحرب الناعمة وان نكون واضحين وصريحين وان لا نقبل النفاق والمواربة في عرض السلام وفي طرح الإسلام.

س: وهل هذه الحرب الناعمة تشن على لبنان اليوم؟

الشيخ قاسم: تشن على كل المنطقة ومنها على لبنان، اليوم مثلا في لبنان يوجد حراك شعبي حقيقي له علاقة بالوجع والجوع والعطش ورغبة هؤلاء الناس ان يحصلوا على حقوق اقتصادية واجتماعية.. بعد يومين او ثلاثة من بدء الحراك العفوي والشعبي دخلت عليه امريكا من خلال بعض المنظمات التابعة لها لتطرح شعارات لا علاقة لها بالجوع والعطش، يعني تطرح شعار اسقاط النظام اللبناني كله وبتغيير الحكومة وتغيير مجلس النواب وتغيير الرئاسة وتغيير قانون الانتخابات، كلها دفعة واحدة؟ هذا كله يريدون طرحه لماذا؟ لانهم يعتبرون ان تركيبة البلد اليوم لا تمكنهم من ان يقوموا بمشاريعهم كما يريدون، هذه حرب ناعمة.

س: وما هي هذه المشاريع؟

الشيخ قاسم: يريدون ان يكون لبنان ملحق بإسرائيل حتى يحصل فيه التوطين، الا يكون هناك مقاومة، ان ينزع سلاح حزب الله، ان تضرب يد من ايادي المقاومة في المنطقة يعني زعزعة محور المقاومة المتكامل، كل هذه اهداف تصب في النهاية مصلحة الكيان الاسرائيلي.

س: اكثر من شهر ولبنان يواجه احتجاجات ومظاهرات شعبية وقطع طرق، برأيكم لبنان الى اين؟

الشيخ قاسم: انا برأيي انه نستطيع تجاوز هذه المشكلة، هناك متابعات حثيثة واتصالات بين الاطراف السياسية وافكار للمعالجة عندما تنضج ويحين الوقت واعتقد انه قريب، ان شاء الله تنتهي هذه الصورة في هذه المرحلة لنواجه مراحل اخرى لاحقا.

س: يعني عبر تفاهمات سياسية او تسويات سياسية؟

الشيخ قاسم: ستحصل تفاهمات سياسية ان شاء الله بين الاطراف وحتى مع قيادات في الحرام من اج حكومة جديدة تطرح برنامج عمل فيه معالجة لبعض القضايا وهذا يساعد على تهدئة الشارع بإنتظار نتائج برنامج العمل.

س: وماذا عن الحكومة المستقيلة؟

الشيخ قاسم: الحكومة المستقيلة مستقيلة، هي تصرف الاعمال فقط لا تستطيع ان تستمر.

س: وهل الرئيس سعد الحريري سيعود الى حكومة كفاءات كما قال.. هل تقبلون به؟

الشيخ قاسم: فلننتظر لان كل هذا ضمن النقاش، هل يكون او لا يكون، ستُظهر الايام القادمة.