حملة ضغط على لبنان..السعودية تحظر استيراد المنتجات الزراعيّة

حملة ضغط على لبنان..السعودية تحظر استيراد المنتجات الزراعيّة
السبت ٢٤ أبريل ٢٠٢١ - ٠٩:٠٥ بتوقيت غرينتش

ركزت الصحف اللبنانية اليوم السبت على القرار السعوديّ بإقفال الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية والذي شكل العنوان الأول للاهتمام الشعبي والسياسي والإعلامي، وقد رأى فيه البعض حملة ضغط جديدة على لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، فيما لا تزال الحلول الداخلية والمبادرات الخارجية لتأليف الحكومة متعثرة.

العالم_لبنان

وفي هذا السياق، قالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن ضبط شُحنة تهريب يعني نجاح جهود لتطويق هذه العادة التجارية، إلا أنّ السعودية قرّرت استغلال الكشف عن شُحنة رمّان جديدة تُخبأ بها حبوب الكبتاغون لوقف استيراد المنتجات الزراعية من لبنان، ومنع حتى مرورها من أراضيها!

واضافت الصحيفة إن 10 ملايين و10 آلاف حبة كبتاغون، حجم الشُّحنة التي ضبطتها السلطات السعودية على منفذ حدودي مع الإمارات في كانون الأول 2019، وقد وصفت السلطات السعودية يومها العملية بأنّها من أكبر مُحاولات التهريب في السنوات الماضية». رغم ذلك، استمر التنسيق بين البلدين، ولم يُتخذ أي إجراء لتجميد العلاقة التجارية الثنائية.

واشارت الصحيفة إلى أن السعودية لا تُريد مكافحة تجارة الكبتاغون، بل اتخذت من شحنة الرمّان ذريعة لتُطبق حصاراً سياسياً على لبنان. وبعدما فقدت أدوات التغيير السياسية أو العسكرية، وتيقّنت من أن ميزان القوى لا يميل إلى مصلحتها، وجدت أمامها الورقة التجارية لتلوي بها ذراع خصمها. وهكذا قرّرت «مملكة الخير» ضَرب لبنان بواحد من امتيازاته القليلة، وهي صادراته الزراعية المحدودة.

الأذى لم يقتصر على منع إدخالها إلى السعودية، بل حتى منع أن تكون أراضيها ممرّاً للبضائع اللبنانية، من الأحد وحتى التاريخ الذي يرضى فيه وليّ العهد محمد بن سلمان عن لبنان، أو يُطلب منه ذلك. هي نفسها الدولة التي تضغط على دول عربية أخرى لمنع تأمين أي مساعدة للبنان. غيضٌ من فيض حصار سياسي واقتصادي، يهدف إلى تحطيم الهيكل فوق كلّ ساكنيه، بعدما تعذّر على الرياض بتحالفها مع العدّو الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية وبقية «الحلفاء» جعل البلد محميّة سياسيّة خالصة لهم.

من جهتها، قالت صحيفة البناء إن القرار السعوديّ بإقفال الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية العنوان الأول للاهتمام الشعبي والسياسي والإعلامي، فالقرار المستند الى اتهام سعودي للمصدرين اللبنانيين بتهريب المخدرات، طرح أسئلة من نوع، هل سبق وحاولت السلطات السعودية متابعة الملف مع الجهات الأمنية المعنية في لبنان، وبينها أصدقاء للسعودية، ووصلت الى طريق مسدود، وطالبت السلطات الحكومية والسياسية عبر سفيرها في لبنان وزياراته للمسؤولين، وعندما لم تجد جواباً، اضطرت لهذا القرار؟ أم أن الأمر مجرد ذريعة، خصوصاً أن مراجع عديدة في الدولة قالت إنها فوجئت بالقرار وخلفياته، فيما قالت مصادر أمنية إن ملف تهريب المخدرات قضية عالمية شائكة تعرف السعودية المصاعب التي تعترض طريق ضبطها، وقد سبق وتدخل السعوديون رسمياً مع لبنان لإطلاق أحد الأمراء الذين تورّطوا بعمليات التهريب، وعُرف باسم أمير الكابتاغون، كما تعلم السلطات السعودية ان دولاً كبرى وامكاناتها تفوق امكانات لبنان كثيراً تعاني الكثير في عمليات الملاحقة والضبط لشبكات التهريب.

وقالت المصادر إن قراراً بحجم إغلاق الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية في ظرف شديد القسوة على اللبنانيين، في ظل الانهيار المالي والاختناق الاقتصادي ربما يكون أشد صعوبة وقسوة على لبنان من قرار منع السياح السعوديين من المجيء الى لبنان، فهل هو عقوبة إضافية لتسريع الانهيار اللبناني، وإعلان عدم جهوزية سعودية للتعاون مع الحكومة المقبلة في تقديم أي مساعدة للبنان، كردّ على التساؤلات عن كيفية التعامل السعودي عندما يتم تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، أم هو فتح الباب أمام فك وتركيب الساحة السياسية التي يتحرّك فيها الحريري وسواه من قيادات الطائفة التي تنتج رؤساء الحكومات وتعتبر السعودية راعياً إقليمياً لهذه القيادات، بما يترتب على الإقفال من اتصالات يفترض أن تظهر للبنانيين مَن هي الشخصية التي تملك مفاتيح الحل والربط مع السعودية؛ وبالتالي إن كان الرئيس المكلف فتلك تزكية له للنجاح بمهمته، وإن كان سواه فهي رسالة واضحة بالدعوة لتنحّيه، وتكليف من يستطيع التحدث مع السعودية والحصول على دعمها ومساعدتها للحكومة الجديدة.

أما صحيفة النهار اشارت إلى أن الاجراء السعودي اتسم بدلالات بالغة السلبية على لبنان اقتصاديا ومعنويا وديبلوماسيا، اذ يشكل صدمة قاسية جديدة لعلاقات البلدين التي تأثرت تأثرا سلبيا عميقا في السنوات الأخيرة بسبب تعرض المملكة لحملات سياسية وإعلامية عنيفة من حزب الله متصلة بتورط الحزب عبر المحور الإيراني في حرب اليمن واعتداءات الحوثيين على المملكة.

واذا كانت عمليات تهريب الممنوعات الى المملكة سواء من المعابر البرية اللبنانية - السورية او المعابر البحرية تفتح مجددا اخطر مسارب الخطر الاقتصادي والأمني التي تساهم في انهيار لبنان واقتصاده وما تبقى له من علاقات عربية وخليجية يمكنها ان تعين اللبنانيين على الصمود في أسوأ ظروف تطبق عليهم، فان سؤالا تردد فورا امس في الكواليس الديبلوماسية والسياسية حول ما اذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون سيبادر الى تحرك فوري ما لاحتواء تداعيات هذه الصدمة الخطيرة ام يتركها متجاهلا آثارها ؟

وأوضحت الصحيفة أن القرار جاء في وقت يمر به لبنان في ظروف اقتصادية صعبة، فيما تداعياته ستكون كارثية على المزارعين على نحو سيؤدي الى تكديس الإنتاج الزراعي اللبناني وتحديدا الحمضيات والبطاطا، خصوصا ان السعودية تأتي في المرتبة الثانية بحجم الكميات المصدرة بعد الكويت (أكثر من 50%) يباع بعضها في السوق السعودية فيما يذهب بعضها الآخر عبرها نحو الإمارات وسلطنة عمان وقطر. وهذا القرار يعني وفق ما يؤكد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك لـ"النهار" كسادا للمنتجات الزراعية على نحو سيؤدي الى انهيار الاسعار نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب، لافتا الى أن من بين 300 ألف طن من المنتجات الزراعية التي يتم تصديرها سيبقى 150 ألف طن في لبنان وهي كمية فائضة عن حاجة السوق اللبنانية.

ولفتت إلى أن كساد الانتاج الزراعي سيقفل منفذاً مهماً من منافذ إدخال الدولار إلى البلاد بفعل توقف التصدير الى السعودية علما أن نحو 88% من الصادرات اللبنانية هي صادرات زراعية، حصة السعودية منها 50 الف طن قيمتها 24 مليون دولار اي 16% من اجمالي الصادرات. وتستورد السعودية والدول الخليجية التي تمر الشاحنات لتصل اليها بالسعودية من لبنان نحو 173.3 الف طن اي ما نسبته 55.4 % من اجمالي صادرات لبنان من الخضر والفاكهة.

وأعلنت وزارة الخارجية انها تبلغت من السفارة السعودية مضمون القرار السعودي القاضي بمنع دخول الخضار والفواكه الى اراضيها من لبنان قبل اعلانه ونقل الوزير شربل وهبه الموضوع الى كبار المسؤولين.