الصناعات الدوائية الإيرانية بين التطور البحثي والتكنولوجي

الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠٢٢ - ٠٥:٣٣ بتوقيت غرينتش

أكد رئيس منظمة الغذاء والدواء الإيراني الدكتور بهرام دارائي أن إيران تعتبر من ضمن الدول الرائدة في مجال"التکنولوجیا الحیویة"، وهي تتبوّأ المرکز الرابع آسیویاً في موضوع الأدویة البیولوجیة.

العالم من طهران

وفيما يلي الحوار ونص المقابلة كاملة الذي أجرته قناة العالم ببرنامج"من طهران مع الدكتور بهرام دارائي:

العالم: فيما يتعلق بمكانة الصناعات الدوائية في إيران على مستوى العالم ، كيف يمكن تقييم هذه المكانة؟

دارائي: حقیقة الأمر أنّنا قبل الثورة الإسلامیة کنّا نحصل علی الأدویة الضروریة من قبل الشرکات المتعدّدة الجنسیة. کانت نسبة 75% من إحتیاجاتنا من الأدویة اللازمة لنا تصلنا من خمس وأربعین شرکة متعدّدة الجنسیات تعمل في ایران آنذاك. بعد إنتصار الثورة غادرت هذه الشرکات البلاد وترکت خلفها صناعة الأدویة، ولکن بواسطة علمائنا الشباب وصاانعي الأدویة الشباب والمتخصّصین في هذا المجال سعوا بکلّ ما أوتوا من عزیمة وجهد کي یؤمّنوا حاجة الإستهلاك الداخلي بالرغم من جمیع أنواع الحظر الإقتصادي التي وضعوها لنا.

في هذه اللحظة التي أتحدّث فیها إلیکم، نسبة 97% من الأدویة الضروریة تُنتج بواسطة شرکات الأدویة المحلیة ، وهذه النسبة الآنفة الذکر في الحقیقة تستطیع أن تلبّي إحتیاجاتنا والفائض منها یمکن تصدیره إلی الدول الإقلیمیة والعالمیة. السؤال هنا کیف تستطیع شرکات الأدویة في الداخل إنتاج الأدویة بنصف طاقاتها بالرغم من کلّ أنواع الحظر الإقتصادي والحظر علی التحویلات المالیة؟ لهذا، بإمکاني القول وبکلّ ثقة من أنّ شرکاتنا بإستطاعتها إنتاج ضعفي هذا العدد.

نحن من ضمن الدول الرائدة في مجال "التکنولوجیا الحیویة" ، ووفقاً للإحصائیات والأرقام المنتشرة فأنّ الدول الاسیویة سجّلت نموّاً سریعاً وفقاً للمعیار العالمي في مجال الأدویة البیولوجیة ، والجمهوریة الإسلامیة في ایران تتبوّأ المرکز الرابع آسیویاً في موضوع الأدویة البیولوجیة.

حالیاً، نقوم بأنتاج 28 من جزیئات الأدویة البیولوجیة ، والسبب أنّ علم التکنولوجیا الحیویة في ایران هو علم حصلنا علیه بعد إنتصار الثورة الإسلامیة، وکما هي الحال مع علم النانو، نحن من ضمن الدول العشر المتقدّمة عالمیاً في هذا المضمار، یتمثل هدفنا في الوصول إلی 50 جزء من الدواء البیولوجي خلال السنوات القلیلة القادمة ، وبالرغم من أنّنا لازلنا نخضع لمختلف أنواع الحظر الإقتصادي، إلا أنّنا وُفّقنا لتوفیر مبلغ ملیاري دولار.

قبل إنتاج الدواء البیولوجي في البلاد وضعنا نصب أعیننا هدفاً مفاده تصدیر الأدویة للدول المقدّمة لطلبات الحصول علی الأدویة خلال السنوات القادمة، ونحن نضع في الإعتبار أنّه إلی السنوات الأربع القادمة سوف یصبح بإمکاننا تصدیر أدویة تُقدّر بقیمة ملیار دولار إلی مختلف الدول.

العالم: عندما نتحدث عن تطور الصناعات الدوائية نتحدث عن شقين أساسيين، الأول يتعلق بالشق البحثي والآخر يتعلق بالتطورالتكنولوجي والتقني، اليوم إيران ايم تتموضع فيما يتعلق بالتطور البحثي؟

دارائي: سؤال جیّد جدّاً. حسناً، حینما نتحدّث عن تقنیات عالیة کإنتاج الدواء والدواء البیولوجي من المؤکّد أنّه یجب أن یکون لدینا دعم وإسناد قوي من الأبحاث. الدعم البحثي لدینا هم علماؤنا ومراکزنا العلمیة وجامعاتنا. کان لدینا نمو مضاعف وتسریع في إنتشار الجامعات والعلوم الحدیثة في العالم. حینما تقومون بإنتاج الدواء البیولوجي واللقاحات المتقدّمة فهذا یعني أنّکم تتحرّکون علی حافّة العلم والمعرفة، وکما تعلمون تعرّضنا لأقسی أنواع الحظر الإقتصادي في هذا المجال، علی الأخصّ في مجال صناعة الدواء والأدویة البیولوجیة واللقاحات.

کانت هناك دول لم تکن ترغب في أن ترانا ونحن ننتج اللقاحات ، خلال الصیف الماضي فقط ، حینما عمّت الموجة الخامسة من جائحة کورونا مختلف أنحاء ایران، لم تزوّدنا هذه الدول باللقاحات الضروریة، فقد فرضوا علینا نوعاً آخر من الحظر الإقتصادي، أمّا فیما یخصّ الأجهزة والمعدّات الخاصّة ببیئة الزراعة والمختبرات کي نتمکّن من القیام بأعمال فیروسیة فقد فرضوا علینا الحظر لکنّنا قمنا بهذه الأعمال. نحن بأنفسنا قمنا بتصمیم مختبرات من المستوی الثالث البیولوجي ومن ثمّ تشییدها وفقاً للمعاییر الدولیة.

کما أنتجنا لقاحات، لیس لقاحاً واحداً فحسب، بل إحدی وعشرین منصّة لقاح، حالیاً نحن في مرحلة التطویر، سبعة لقاحات حصلت علی ترخیص للإستهلاك المحلي داخل البلاد ، اللقاحات الضعیفة واللقاحات القائمة علی ام آر ان آي، واللقاحات القائمة على أساس النيوكليوتيدات وفي الحقیقة القائمة علی بروتون ذي ترکیبة جدیدة، نحن لا نواجه أيّ محدودیة في إنتاج اللقاحات بأسالیب متنوّعة ، حالیاً بإمکاننا إنتاج 50 ملیون جرعة من اللقاحات شهریاً ، وهذه الکمّیة تفوق حاجة بلادنا، وفي هذا الوقت علی وجه التحدید منحنا شرکاتنا التراخیص اللازمة للبدء في عملیات التصدیر ، فقد وفّرنا إحتیاجات الداخل وفي الحقیقة الدول التي أعلنت عن حاجتها للقاحات ردّینا علیهم بطریقة ایجابیة لتزویدها بما تحتاجه من لقاحات.

لذلك، حینما یکون لدیکم أبحاث ودراسات بکمّیة کافیة، وحینما نجحتم في إنتاج العلم، فکلّ هذه الإنجازات تساعدکم في وقت الأزمات والأوقات الحسّاسة.

العالم: عندما نتحدث عن موضوع الأدوية هنالك سؤال يدور في ذهن الكثيرين فيمال يتعلق بجودة المنتج الذي يتم تقديمه ، كيف تقيم جودة المنتجات الإيرانية والأدوية على مستوى العالم مقارنة مع الصناعات الدوائية الموجودة في دول العالم الأخرى؟

دارائي: نعم، نحن حینما نتحدّث عن سلامة وصحّة الإنسان، یجب علینا الوضع في الإعتبار العدید من المواضیع الفنّیة والتخصّصیة . أحد هذه المواضیع جودة هذا المنتج، علی الأخصّ الأدویة الحسّاسة لدرجة عالیة، کما أنّ إضفاء الجودة علی المنتج الدوائي یتضمّن دراسات وأبحاث وأعمال خاصّة جدّاً یجب علینا القیام بها في هذا المجال. علی أیّة حال، في فترة من بدایات الثورة الإسلامیة أوجدنا مشروعاً حمل إسم " المشروع الشامل " والهادف إلی إنتاج الحدّ الأدنی من إحتیاجاتنا ، وبعد أن وصلنا إلی مرحلة الإکتفاء الذاتي آن الأوان لإضفاء الجودة علی منتجاتنا، کما هي الحال مع صناعة السیّارات، بدایة علیکم تلبیة إحتیاجات البلاد ومن ثمّ التوجّه إلی إنتاج سیّرات بجودة عالیة.

حسناً، ونحن حالیاً وصلنا إلی تلك المرحلة في صندوق التجدید تسمح لنا بالتوجّه إلی إضفاء الجودة علی منتجاتنا. حینما نتحدّث عن عملیات التصدیر فهذا یعني أنّنا وصلنا إلی مرحلة تصدیر منتجاتنا من الأدویة المختلفة إلی بقیّة دول العالم بمعاییر متنوّعة، إذاً نحن لایمکننا الإدّعاء فقط عن الجودة، بل یجب تطبیق هذا الکلام عملیاً، حینما ندخل السوق العالمیة ، بالرغم من جمیع أنواع الحظر الإقتصادي، هناك تتّضح جودة الدواء وهل کان یستحقّ التصدیر أم لا. ما شاهدته شخصیاً في الدول المجاورة لایران توجد رغبة کبیرة في إستعمال الأدویة والمنتجات الایرانیة.

وکما تعلمون هناك الکثیرین من الأفراد في هذه الدول وفي أوروبا بل وفي العالم یمیلون إلی منتجاتنا الزراعیة ویفضّلونها علی نظیراتها من دول أخری، کمنتجات الألبان ، وفي الوقت الراهن تتمتّع منتجاتنا الدوائیة بشعبیة کبیرة في الدول المجاورة ویؤمنون بأنّ الشفاء یکمن فیها، نحن نسعی إلی زیادة هذه الثقة والسمعة لمنتجاتنا ورفع مستوی عملیات التصدیر، في حقیقة الأمر نرید القیام بعمل یمکّن منتجاتنا من الدخول في منافسة مع نظیراتها العالمیة، بالطبع علینا أن نتحمّل التکالیف هنا، یجب علینا العمل وتطویر أنشطتنا البحثیة ، علی أیّة حال فأنّ المنتج الممتاز ذات جودة عالیة یتضمّن تکالیف ومصاریف عالیة ، ان شاء الله سوف نقوم بتنفیذ هذه الأعمال في المستقبل القریب.

العالم: فيما يتعلق بالصادرات كما تحدثتم عن سعيكم لتصدير المنتجات الدوائية الإيرانية الى دول الجوار، ماذا فعلتم في هذا السياق ماهي الخطوات المتخذة؟

دارائي: حسناً، من المتطلبات للحصول علی سوق الصادرات هو أن یقتنع البلد المقصود من أنّ هذا المنتج الدوائي الذي سیُصدّر إلیه یمکنه الدخول في منافسة مع المنتجات الدوائیة الأخری المتوفّرة في السوق المحلّیة، سواء من حیث الجودة أم من حیث السعر. منذ فترة زمنیة، وشرکاتنا تنشط في تسجیل منتجاتنا الدوائیة في تلك الأسواق وقد حقّقت تقدّماً جیّداً في مساعیها في الدول الجارّة الشمالیة لایران وفي الغرب وفي دول کسوریة والعراق ولبنان وشمال أفریقیا ومنطقة أوراسیا، وفي بعض البلدان الأوروبية یخضع بعض عقاقير التكنولوجيا الحيوية لدينا لتجارب سريرية، أمّا في دول أمریکا اللاتینیة فلا وجود لحدود أمامنا تقف حائلاً بیننا وبینهم کي نعرض منتجاتنا الدوائیة والسبب أنّنا نؤمن بهذه الحالة.

ومؤخّراً، لدینا دولة کأندونیسیا ومالیزیا مثلاً وشرکاتنا في بنغلادیش، إلی حد أنّه أصبح بمقدورنا إرسال منتجاتنا الدوائیة إلی الهند أیضاً.

العالم: عندما تتحدثون عن تصدير الأدوية الإيرانية الى الهند ماذا يعني ذلك كما نعلم ان الهند هي من الدول المصدرة للدواء على مستوى العالم؟

دارائي: نقطة ممتازة ومهمّة جدّاً. حسناً، لاحظ معي، نحن دولة غنیّة بالنفط ولدینا صناعات بتروکیماویة قویّة، وأنتم تعلمون جیّداً کیف أنّ البتروکیماویات بإمکانها إنتاج صناعات ثتحویلیة أخری بالقیمة المضافة ، ولحسن الحظ فقد تمّ إقرار قوانین جدیدة مؤخّراً تلزم صناعات البتروکیماویات بوجوب تصدیر منتجاتها بقیمة مضافة عالیة، ولا یمکنها من عرض المواد الخام لزبائنها في العالم، ولو قامت بهذا العمل فیجب علی مسؤولیها دفع ضرائب أعلی، والهدف من هذه القوانین هو دفع الصناعات الکیمیائیة للتوجّه إلی صناعات تحویلیة مع قیمة مضافة أعلی.

حسناً، الکثیر من منتجاتنا الدوائیة تُنتج وتُشکّل من الصناعات التحویلیة للبتروکیماویات، فالمواد الأوّلیة والوسط هي واحدة من الفنون التي تتبلور وتتشکّل في الهند نفسها، فهم یقومون بإنتاج المنتجات النهائیة من المواد البتروکیماویة، یؤدّي هذا العمل إلی إنتاج کمّیات کبیرة وبأسعار أقل وتقلّ المنافسة من قبل الدول الأخری لهذه المنتجات، لکن اسمح لي أن أخبرکم بخبر واحد وهو أنّنا نصدّر أحد الأدویة الأکثر إستهلاکاً في العالم وهو المضاد الحیوي إلی الهند، لماذا؟ السبب هو أنّنا نملك المنشآت المُعدّة مسبقاً من صناعات المواد البتروکیماویة، وننتج المادّة النهائیة في البلاد من الصفر، وبالتأکید سوف تکلّفنا سعراً أرخض، والسبب الآخر هو لأنّنا نملك النفط والصناعات البتروکیماویة ونصدّر النفط والبتروکیماویات إلی الهند، لهذا لو قمنا بالترکیز علی هذا المجال من المؤکّد أنّه لن یستطیع أحد من منافستنا في هذا القطاع.

العالم: نحن نتحدث عن موضوع انتقال الصناعات الدوائية الإيرانية من تحويل المادة الدوائية الى المنتج النهائي الى مرحلة صناعة المواد الأولية للأدوية ونقلها لتصبح منتجا نهائيا اي دورة كاملة فيما يتعلق بالصناعات الدوائية ما صحة ذلك؟

دارائي: نعم، کما أسلفتُ لکم في المثال علی وجه التحدید، مترونیدازول یشمل هذا أیضاً، دواء بوتیرة إستهلاك عالیة جدّاً، لکنّ المهم هو أنّه بإمکاننا منذ البدایة نقوم من الحلقة الأولی بالتجمیع ومن ثمّ الإنتاج الذي یکون ذات جودة ومربح إقتصادیاً. حسناً، أنتم علی علم من أنّ إنتاج الدواء یجب أن یکون إقتصادیاً ، ونحن بدورنا لا یمکننا القیام بعمل غیر مربح من الناحیة الإقتصادیة، علی هذا الأساس حیثما دعت الحاجة بإمکاننا القیام بالمهمّة من بدایة السلسلة إلی نهایتها، وحیثما توجد الحاجة نستطیع القیام بالعمل بأسالیب أخری کإستیراد المواد الخام وتکملة الصیاغة الموجودة بداخلها.

تُعتبر الصیاغة في صناعة الأدویة أهم جزء في العملیة، وهنا تظهر جودة الدواء نفسها بإمکانها أن تکون إقتصادیة وأن ترضي المستهلك من حیث إعدادنا الدواء له. لذلك، فأنّ العملیة عبارة عن ترکیبة من أن تبدأوا بالإنتاج منذ بدایة سلسلتها، أم تبادروا بالحصول علی المواد الخام من مختلف الدول بسعر إقتصادي وصیاغة وإنتاج بقیمة مضافة عالیة في الداخل للإستهلاك المحلي ولعملیات التصدیر علی حدّ سواء.

العالم: أشرتم الى نقطة مهمة فيما يتعلق بالحظر المفروض على إيران، كيف أثر الحظر على موضوع الصناعات الدوائية والى أي مدى استطاع أن يحد من هذا التطور؟

دارائي: حسناً، نعم یمکن لأنواع الحظر الإقتصادي أن تکون مؤثّرة وتلحق الأذی ، ولکن من ناحیة أخری فقد حوّلناها إلی فرص. لربّما أبطأ الحظر الإقتصادي حرکتنا في مرحلة ما، ولکن حینما نکون قد وصلنا إلی نقطة ما تمکّنا فیها من ایجاد حل للمشکلة داخل البلاد، فأنّ وتیرة سرعتنا تزداد ، وهذا یعني أننا لم نعد ننظر إلی الخارج ولن ننتظرهم، صحیح أنّ الحظر الإقتصادي استطاع في مراحل من الزمن أن یلقي بتأثیره ویوجد بعض النواقص والتوقّف المؤقّت، ولکن في الوقت الراهن کلا، خذوا اللقاح علی سبیل المثال، صحیح أنّ الحظر أوجد لنا بطئاً وتوقّف إنتاج اللقاحات لدینا، کما أنّ شرکات إنتاج الأدویة لاقت صعوبة في الحصول علی الأجهزة الضروریة لها، لکنّها نجحت في إدخال هذه الأجهزة والمعدّات في البلاد وحصلت علی برامج الکمبیوتر التي منعوها عنّها.

علی سبیل المثال، واحدة من الشرکات حصل توقّف في إنتاجها لمدّة شهرین أو شهرین ونصف الشهر بسبب المنع الذي طال المواد الخام ومنعونا من شرائها، لکنّنا نجحنا في الحصول علی المواد الخام في الداخل، ولو کانت هذه المواد قد وصلتنا في الوقت المناسب لکنّا تمکّنا من إنتاج اللقاحات في وقت مبکّر لربّما بعدّة شهور، وللعلم فقد أنتجنا اللقاحات متأخّرین بسبب هذا التعنّت، أمّا الآن فأنّنا قد وصلنا إلی مرحلة الإکتفاء الذاتي في المواد الخام.

حقیقة الأمر أنّنا ننتج المواد الخام بأنفسنا ، لکن الأمر الذي لم یخطر علی بالهم قد تبلور وحصل، فخلال الأشهر العشرة الماضیة حدثت أمور کثیرة کما أسلفتُ لکم، حالیاً الکثیر من الشرکات المنتجة للقاحات هي التي تهیّأ الأجهزة والمعدّات الخاصّة بإنتاج اللقاحات في داخل البلاد، لهذا فأنّ التهدید الذي أوجدوه من خلال أنواع الحظر الإقتصادي نجحنا في تحویله إلی فرصة ، وهذا للعلم لیس بشعار، بل تستطیعون أن تشاهدوه عملیاً ، فنحن حالیاً لا حاجة لنا بإستیراد اللقاحات من خارج البلاد ، بل بدأنا في عملیات تصدیر اللقاحات.

وللعلم فأنّ لقاحاتنا أمنة وعوارضها الجانبیة تصل إلی أقل حدّ ممکن، وهي مؤثّرة وقد تمّ ضمّها إلی برامج منظمة الصحّة العالمیة للحصول علی التأیید النهائي لها، وإن شاء الله سوف تحصل علی الموافقات الدولیة بالترتیب وحسب الدور.

العالم: فيما يتعلق بتأثير الحظر على بعض المرضى الموجودين في ايران وبعض الأمراض الخاصة التي لا يتم صناعة أدويتها في الجمهورية الاسلامية الإيرانية؟

دارائي: حسناً، أن یدّعي هؤلاء أنّهم لا یفرضون حظراً علی الأدویة، فهذا کلام کذب بالکامل، لنقوم بالتحقّق من هذا الإدّعاء، لماذا؟ بدایة حینما تفرضون حظراً علی المعاملات المالیة لدولة ما وتغلقون نظام "السویفت" أمامها، فهذا النظام لایستثني الدواء أو الأجهزة والمعدّات الطبّیة أو أمور أخری کما لایمکنکم إرسال قائمة الطلبات، فهو یؤثّر علی جمیع المعاملات بدون إستثناء، فحینها لا یمکنکم إجراء أيّ صفقات أو معاملات مالیة، کانت الشرکات الأوروبیة في الحقیقة تتعامل معنا في الماضي من خلال نظام الائتمان ، بمعنی أنّها کانت تتعامل مع ایران بسبب سمعة الجمهوریة الإسلامیة في ایران والشرکات العاملة علی ترابها، فقد کانت ترسل طلباتها ومن ثمّ تقوم هذه الدول بإرسال الأدویة المطلوبة بعد الحصول علی الموافقة الطبّیة، أمّا في الوقت الراهن فحینما تصل المبالغ إلی حسابات هذه الشرکات في أوروبا تبدأ الشرکات الایرانیة بإرسال طلباتها، ما ذا تسمّي هذا العمل؟ حسناً، حتّی هذه المبالغ لا تصل إلی هذه الشرکات بسهولة، وفیما یخصّ المرضی المصابین بمرض " إنحلال البشرة الفقاعي".

فأقول أنّ الوضع أسوأ ممّا ذکرته لکم، نفس الشرکة المنتجة لضمادات مرض إنحلال البشرة الفقاعي، أو إختصاراً مرض اي بي، لا تبیعنا الضمادات بصورة رسمیة ، وهذا الموقف لا علاقة له بالمواضیع المالیة، لذا فقد نجحنا في حلّ مشکلة الضمادات من قنوات أخری دون الرجوع إلی الشرکة المنتجة. لهذا علیکم أن تنظروا وتدقّقوا، کثیرون یتکلمون فقط، ولکن حینما تتحقّقون من الکلام المطروح تجدون أنّنا نتعرّض لأنواع مختلفة من الحظر الإقتصادي في جمیع المجالات بما فیها الدواء والغذاء، والسبب أنّهم فرضوا حظراً علی المعاملات المالیة التي تشمل کلّ شئ.

العالم: فيما يتعلق بموضوع مواجهة جائحة كورونا والنجاح الذي حققته إيران في هذا القطاع سواء من حيث تأمين الأدوية اللازمة أو من حيث انتاج اللقاح ، كيف استطاعت إيران أن تتجاوز هذه العقبة، وعلى ماذا اعتمدت؟

دارائي: قبل سنتین حینما إنتشرت جائحة کورونا في جمیع أنحاء العالم ووصلت إلی ایران أیضاً، وخلال آذار / مارس قبل سنتین کنّا نواجه أعداداً کبیرة من المرضی بحاجة إلی متطلبات کثیرة، شأننا في هذا شأن الدول الأخری، خذ مثلاً الوسائل الشخصیة وأدوات العدّة الشخصیة والعلاجیة والکمّامات والملابس الخاصّة وأجهزة التنفّس الصناعي وأدویة متنوّعة وغیرها، ولأنّ العالم آنذاك کان منشغلاً ، لو أسعفتکم الذاکرة، کان الأوروبیون یسرقون الوسائل التي أسلفتها لکم قبل قلیل من بعضهم البعض، علی سبیل المثال، کمّامات کانت فرنسا قد طلبتها تصل إلی ایطالیا التي کانت تقوم بدورها بحجز الکمّیة لدیها، إلی هذا الحد کان العالم قد دخل مرحلة معقّدة بسبب الجائحة وجمیع الشعارات التي کان یطلقها الغرب من ضمنها المواضیع الإنسانیة کانت قد وُضعت علی الرف.

حسناً، ونحن بدورنا کنّا نعاني من مشکلة ، لم نکن نُمنح هذه الإمکانیات ولو حدث وأن طلبنا من مکان ما أو کنّا نرید اشلراء، کان الغربیون یمنعون إرسال الطلبات إلی حدّ أنّهم منعوا إرسال الکمّامات وغیرها من المطارات. کان هذا الوضع سائداً في العالم آنذاك ولو عدتم إلی إرشیفکم لوجدتم هذه الوقائع بکلّ تأکید ووجدتم أمثلة کثیرة علی ما ذکرته لکم، ولکن لم نقف مکتوفي الأیدي وننتظر ما الذي یخبّئونه لنا ویتلطّفون علینا.

علی سبیل المثال، الإستفادة من الکمّامات التي کانت مهمّة جدّاً في تلك المرحلة ولاتزال طعاً، شمّرنا عن سواعدنا وبدأنا الإستفادة من الأسالیب المحلیة خذ مثلاً من الورش الصغیرة إلی الأسالیب الصناعیة الکبیرة وشرکاتنا المنتجة للأدویة کاللجنة التنفیذیة لشرکة برکت التي نزلت المیدان آنذاك وقامت بوضع الأجهزة والمعدّات الضروریة وخلال شهرین من الزمان خرجنا من حالة عدم وجود کمّامات لدینا کي نقدّم العلاج وصلنا إلی مرحلة بدأنا نصدّر جمیع المعدّات والأجهزة.

نحن أنتجنا المعدّات والأجهزة الطبّیة الخاصّة بالأوکسجین والتنفّس الصناعي وأطقم العدّة الطبّیة ووسائل الوقایة أکثر من حاجتنا وقمنا بتصدیرها إلی الخارج،

العالم: فيما يتعلق باللقاحات الإيرانية أين وصلتم بالتأييدات اللازمة لأخذ اللقاحات على مستوى العالم، وتصدير تلك اللقاحات؟

دارائي: في الوقت الراهن، لقاح برکت موجود علی القائمة النهائیة للتصدیق من قبل منظمة الصحّة العالمیة، وان شاء الله في القریب العاجل سوف یحصل علی الموافقة النهائیة منها. وصلت طلبات کثیرة لمنظمة الصحّة العالمیة ولاتزال في طور الدراسة، توجد قائمة طویلة في هذا المجال، ولکن علی أسّة حال نجحت شرکتنا بتقدیم وثائقها في الوقت المناسب، ونشر مقالاتها ذات الصلة باللقاح والجائحة في المجلات المشهورة عالمیاً وأصبحت الآن في مراحل الموافقة النهائیة.

توجد شرکات أخری في الحقیقة قدّمت طلباتها وهي تنتظر المنظمة الدولیة کي تستلم وثائقها، ومن جانب آخر تقدّمت دول مختلفة بطلبات لشراء اللقاحات من شرکاتنا.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...