المصالحات الوطنية..

خطوة مهمة ستقلب الطاولة في ادلب

خطوة مهمة ستقلب الطاولة في ادلب
الإثنين ١٢ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٨:٥١ بتوقيت غرينتش

بعد طول احتباس على مستوى ادلب، بدأت دمشق خطوة مهمة باتجاه المحافظة المختطفة من الإرهاب، لتفكك بذلك الخريطة العسكرية والأمنية والاستراتيجية المعقدة لتلك المنطقة، ففتحت باب المصالحات الوطنية، لإنهاء معاناة الأهالي جراء ممارسات جبهة النصرة واخواتها، وفتح الطريق واسعا على المستوى الاجتماعي، لهندسة بنية استقرار حقيقية، تساهم في انهاء وجود جبهة النصرة في تلك المنطقة. 

العالم - قضية اليوم

في خان شيخون تلك المدينة المحررة من الإرهاب، اختارت الدولة السورية مكان مركز المصالحات الوطنية، لما تحمله هذه المدنية من أهمية على المستوى النفسي والاجتماعي، بالإضافة الى قربها من خطوط التماس مع المجموعات المسلحة، لتكون اول مدينة في محافظة ادلب تحتضن مبادرة الدولة للمصالحات الوطنية، حيث أعلنت السلطات السورية عن استقبالها كل من المتخلفين عن اداء خدمة العلم والهاربين منها، والمطلوبين للجهات الأمنية، تطبيقا لمرسوم العفو الرئاسي، فيما يجوز الربط بين اطلاق قطار المصالحات الوطنية، وبين الحراك السياسي الدائر في المنطقة لإنهاء ملفات عديدة ومنها قضية ادلب.

يدرك الجميع ان توجه ملف المصالحة الوطنية نحو ادلب، يهدف بالدرجة الأولى الى عودة النازحين الى قراهم المحررة، وتسريع إعادة اعمارها، وخلق بنية تحتية للاستقرار المفيد، وهي استراتيجية دقيقة من الدولة، تواجه ما حاولت قوى العدوان على سوريا من خلقه، عبر الفوضى بكل مقاييسها وفق معادلات الحرب التي فرضت على البلاد، وبالطبع كانت تركيا جزء ومكون رئيسي في معادلات الفوضى، التي استثمرت كثيرا في هذا الملف، الا ان الدولة السورية كانت تعمل بشكل معاكس، وهو تفكيك مجاميع الفوضى، التي شكلت الأداة الرئيسية للعدوان، فبعد ترحيل كثير من عناصر هذه المجاميع الى ادلب، حملت الدولة بهذه الخطوة فائض العنف والإرهاب، على كتف الدولة التركية ومخابراتها وكل حلفائها في العدوان، ضمن فخ سياسي عالي الذكاء، وهنا بدأ الصراخ التركي من ثقل هذا الفائض، والذي تجاوز وامتد الى قضية الحدود واللاجئين والداخل التركي، ما مهد للدور الإيراني والروسي، ليعمل على استكمال تبريد واستقرار المنطقة، وابعاد الأمريكي عن كل تلك الملفات التي نفذها عبر التركي وباقي الدول الداعمة للإرهاب، وجاءت فكرة ضامني استانا، التي بدأت بتبريد المناطق ودفعها نحو الاستقرار والعودة لسلطة الدولة السورية، ان كان بالمصالحات او بالحرب، ما فتح الباب واسعا للتناقض الأمريكي التركي، والذي وصل الى حد الخلاف، بعد ان ادرك اردوغان ان ليس كل المجاميع الإرهابية في ادلب تقع تحت سلطته، وانه يواجه الأدوات الامريكية الأخرى في ملف العدوان كالمخابرات السعودية والاماراتية، لتستدير بعدها بعض الدول نحو طلب التنسيق مع السلطات السورية، في مواجهة موجة ارتدادية من الإرهابيين نحو الدول الاوربية، لتتحول الدولة السورية الى فاعل إقليمي رئيسي، في مواجهة القوى المتناحرة في ادلب وسوها من مناطق وجود المسلحين، لتأتي تحركات الدولة السورية المتناغمة، عبر الضغط العسكري والقصف المتواصل لكل المجاميع الإرهابية في ادلب، ومن ثم اطلاق المصالحة، لتضع يدها فوق الجميع.

إن سنوات من الهجوم الاستخباراتي الكبير على سوريا، والذي ترافق مع المناوشات العسكرية، جعلت من ادلب جغرافيا تسيطر عليها مقومات الفوضى، والة لخلط أوراق الأطراف المتناقضة والمتناحرة، في الحرب التي فرضت على سوريا، ليأتي الصبر الاستراتيجي والعمل بالعقل البارد المنتج من قبل الدولة السورية، لتحويل هذه المحافظة من أداة لديمومة الصراع، الى مدخل لخارطة المنطقة الجديدة، وما الدخول الخاطف للجان المصالحة الوطنية الى مدينة خان شيخون، يوجه رسالة واضحة للجميع، ان هذه المنطقة هي مفتاح تبديل المفاهيم في شرق المتوسط، وان ادلب بعد انطلاق المصالحة الوطنية فيها، ليس كما قبلها، وهي من سترسخ مشهد سياسيّ مختلف تماماً، انطلاقا من عودة الأهالي الى قراهم ومدنهم، واتمام المصالحة في ادلب، لتقلب الطاولة على رأس المجاميع الإرهابية والدول الداعمة لها.

حسام زيدان