"لا لتهويد المناهج".. إضراب شامل يعم مدارس القدس المحتلة

الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٣:١٤ بتوقيت غرينتش

إضراب شامل وعام عمّ منذ صباح اليوم الإثنين معظم المدارس في القدس المحتلة، بما فيها مدارس تابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، رفضا لفرض مناهج الاحتلال الإسرائيلي، بما يحتويه من تزييف وتحريف للرواية التاريخية، على الطلبة بدلاً من المنهاج الفلسطيني.

العالم-قضية اليوم

وامتنع آلاف التلاميذ عن الذهاب إلى مدارسهم، استجابة لنداء أطلقته لجان أولياء الأمور المركزية في مدارس القدس، وتلبية لنداء القوى الوطنية والإسلامية فيها، التي أطلقت أمس الأول نداء للإضراب، رفضاً لمحاولات الاحتلال فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس بدلاً من المنهاج الفلسطيني.

وطالبت القوى الوطنية والإسلامية في بيانها المشترك، المؤسسات الدولية بالوقوف عند مسؤولياتها ومنع تغول الاحتلال وأذرعه التنفيذية على مدارس القدس، لحماية المؤسسات التعليمية في المدينة والطلبة، كما جددت موقفها الثابت والرافض لكافة محاولات فرض المنهج المزيف أو المستحدث على الطلبة في جميع المدارس على اختلاف مرجعياتها الأكاديمية، وأنها لا تقبل إلا المنهج الفلسطيني لتعليم الطلبة.

وخلا كثير من المدارس في العيسوية، وكفرعقب، ومخيم شعفاط، وسلوان، وجبل المكبر، من الطلاب والهيئات التدريسية وسط حالة من الترقب، وانتظار مزيد من الفعاليات التصعيدية التي تقرر القيام بها مستقبلاً، والحفاظ على ديمومتها.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد اتخذت قبيل بدء العام الدراسي الجديد 2022\2023 سلسلة إجراءات بحق المدارس، وقطاع التعليم في القدس، كان آخرها إلغاء المواصلات المدرسية، بعد سحب التراخيص من بعض المدارس بزعم احتواء مناهجها التدريسية على ما أسمته "تحريض خطير".

وكانت بلدية الاحتلال في القدس وما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية رصدت منذ العام 2018 ميزانية تصل إلى نحو 700 مليون شيقل (عملة إسرائيلية) لتهويد التعليم، من أصل مليار و100 مليون شيقل لمختلف القطاعات الأخرى شرقي القدس المحتلة في سياق محاولاتها للهيمنة على مختلف القطاعات.

واليوم تصدرت لجان أولياء الأمور المركزية في مدارس القدس مبادرة الاضراب، مدعومة من قوى وفعاليات دينية ووطنية وفصائلية، التي أعلنت وقوفها خلف لجان أولياء الأمور في رفضها لتعليم أبنائها المنهاج الإسرائيلي، وتنفيذها سلسلة من الوقفات الاحتجاجية في سلوان، وجبل المكبر، وبيت حنينا، وتوزيع لجان أولياء الأمور المنهاج الفلسطيني على طلبة المدارس كما حدث في مدرسة الإبراهيمية مطلع العام الدراسي الحالي.

رفضت القوى وأولياء الأمور، وفق بيان لها، كافة أشكال الابتزاز المالي الذي تمارسه وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية الاحتلال على إدارات المدارس في القدس وسياسة التهديد العلني والمبطن تجاهها.

كما أكدت حقها الثابت كشعب تحت الاحتلال باختيار المنهج لتدريسه إلى أبنائها، مطالبة المؤسسات الدولية ذات الصلة بالوقوف عند مسؤولياتها وكبح جماح تغول الاحتلال وأذرعه التنفيذية وحماية المؤسسات التعليمية الفلسطينية.

حيث قال الاتحاد في بيانه: "تأتي هذه الخطوة رفضاً لمحاولة فرض المنهج الإسرائيلي المحرّف على أهلنا داخل القدس ودعماً لتطبيق وتدريس المنهج الفلسطيني الذي هو جزء من ديننا وتاريخنا وهويتنا".

كما نظمت لجان أولياء الأمور، السبت 17 سبتمبر/أيلول، وقفتين في بيت حنينا "مدرسة الإيمان" وفي بلدة سلوان، رفضاً واحتجاجاً على تحريف المنهج الفلسطيني ومحاولات إدخال المنهج الإسرائيلي في مدارس القدس.

من جانبه، أكد الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، التزامه بالإضراب في كافة مدارس محافظة القدس ومكاتب التربية مع عدم توجه الطلبة والمعلمين والموظفين إلى مدارسهم وأماكن عملهم. وأهاب الاتحاد بمدارس المحافظة على اختلاف تبعيتها الالتزام بالقرار.

ودعت حركة فتح، إلى الالتزام بالإضراب الشامل اليوم الإثنين، وتلبية النداء الذي أطلقته القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات والهيئات الشعبية في القدس، رفضاً لأي شكل من أشكال فرض وإملاء منهاج الاحتلال الإسرائيلي المزيّف والمحرّف.

وقال الناطق باسم حركة فتح في القدس، محمد ربيع في تصريح صحافي، "إن محاولة فرض المنهاج الإسرائيلي من قبل سلطات الاحتلال يأتي في سياق مخططات الاحتلال التهويدية، وأسرلة التعليم، وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية، وإعلان حرب على المدارس العربية الفلسطينية، وقتل الوعي الوطني للطلبة المقدسيين".

وأضاف ربيع: "إن ما تقوم به سلطات الاحتلال في القدس محاولة مكشوفة ومرفوضة ومدانة لطمس حقيقة أحقية الشعب الفلسطيني في أرضه، وتشويه التاريخ الفلسطيني واستبداله برواية الاحتلال، وهو ما لا يقبل به أي فلسطيني".

وحذّر ربيع من المحاولات الإسرائيلية لـ"أسرلة التعليم" في مدينة القدس المحتلة من خلال الضغوط التي صعّدها الاحتلال ضد المدارس، وكل ما له علاقة بالهوية الوطنية الفلسطينية.

واعتبرت حركة فتح أن إجراءات الاحتلال انتهاك خطير لكل قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن مدينة القدس المحتلة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأشادت بنضال وصمود المقدسيين في مواجهة محاولات الاحتلال وإجراءاته التي تستهدف هوية القدس.

الناشط المقدسي حسن علقم دعا على صفحته في تويتر إلى مزيد من الوقفات الاحتجاجية لدعم مدارس مدينة القدس في مواجهة انتهاكات الاحتلال للمنهاج الفلسطيني، مشاركا وسوم #لا_لأسرلة_التعليم ، #القدس_ترفض_مناهج_الاحتلال، #لا_لمناهج_الاحتلال التي تصدرت فلسطين المحتلة وبعضاً من الدول العربية.

أما زياد الشمالي من لجنة أولياء الأمور، فاعتبر إضراب اليوم رسالة هامة جداً ولها دلالاتها في رفض محاولات الاحتلال فرض مناهجه على الطلبة المقدسيين، واستمراره في ابتزاز المدارس مالياً، داعياً السلطة الفلسطينية إلى توفير الدعم اللازم لصمود مدارس القدس واستمراريتها.

sd

وتجمّع تلاميذ مدرسة “دير أبو مشعل” الأساسية في باحاتها لإلقاء قصائد وأغانٍ وطنية، فيما شدد أحد الأطفال في كلمة قرأها على أن تهويد القدس لا يقتصر على سرقة المنازل وتهجير أصحابها بل وصل الأمر إلى طمس تقاليدها وسرقة تاريخها.

ونقلت مواقع فلسطينية محلية مشاهد من أمام مدارس (كفر عقب) في القدس المحتلة، أظهرت إغلاق أبوابها والتزامها بالإضراب الشامل، مقدرة انه نحو 100 ألف طالب لم يذهبوا إلى مدارسهم التزامًا بالإضراب.
وبدأ الصراع على المنهاج التعليمي الذي يدرسه الطلبة الفلسطينيين في القدس منذ الأيام الأولى من احتلال احتلال المدينة المقدسة في يونيو/ حزيران 1967، حينها فَرضت سلطات الاحتلال منهاجها الإسرائيلي على المدارس التي انتقلت من الإشراف الأردني إلى إشرافها، لكنها فشلت في تحويل ذلك إلى أمر واقع وقوبل الأمر برفض فلسطيني استمر لسنوات أجبر سلطات الاحتلال على التراجع عن هذه الخطوة في العام الدراسي 1974-1975.
وبهذا، نجح المقدسيون في معركتهم الأولى ضد المنهاج الإسرائيلي، ووحد المنهاجُ الأردني المدارس بجميع أنواعها، وباختلاف جهات الإشراف عليها. لكن سلطات الاحتلال لم تطو هذا الملف، وأبقتْ عينها على مدار السنوات اللاحقة على كُتب الطلبة المقدسيين، وبدأت جولة جديدة في هذه المعركة بداية الألفية الجارية تحت عنوان “الرقابة على المنهاج الفلسطيني”.