النصرة والهروب إلى الأمام للضغط على محور مكافحة الارهاب 

النصرة والهروب إلى الأمام للضغط على محور مكافحة الارهاب 
السبت ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٢ - ٠٤:٠٥ بتوقيت غرينتش

تستمر جبهة النصرة وخلفها تركيا بالتصعيد المتدرج في شمال البلاد، فهي لم تكتف بكل الجرائم التي ترتكبها في سوريا، بل بدأت بالاستعداد مع الحزب التركستاني، لتنفيذ هجوم على قاعدة حميميم بريف اللاذقية باستخدام طائرات مسيرة انتحارية، بحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، فالمعلومات تؤكد ان ورشا تتبع للإرهابيين في منطقة خربة الجوز بريف إدلب أنهت تجميع عدد كبير من الطائرات دون طيار والتي تعمل في دائرة نصف قطرها يصل إلى 70 كيلومتراً، وجهزتها لتنفيذ الهجوم على القاعدة.

العالم-كشكول

وبين مسؤول عسكري روسي أنه حسب خطط الإرهابيين فإن استخدام عدد كبير من الطائرات المسيرة يمكن أن يعيق وسائل الدفاع الجوي الروسي، ويحرف مسارها ويضرب قاعدة حميميم الجوية.

والسؤال المطروح، ما هدف هذه الخطط، وماذا تريد الدول الداعمة لجبهة النصرة والتركستاني ان تقول. من الواضح ان الدول الراعية للمجموعات المسلحة، تحاول فتح المواجهة مع محور مواجهة الإرهاب، وهذا ليس بخيال او ترف فكري او استعراض تحليل، انما معلومات موضوعية لجهة الدور الذي يمارسه محور مواجهة الإرهاب، الذي يضم روسيا بالإضافة الى ايران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية العراق، هذا المحور والدور الروسي يشكل الجسم الأساسي لمنع الولايات المتحدة الامريكية، من إمكانية مد نفوذها في سوريا، وتكرار ما فعلته في دول أخرى كالصومال والعراق، وهذا يجعلنا نفهم تفاصيل المواجهة اكثر، فالروسي مع شركائه في محور المقاومة والذي يساهم في ضبط أدوات الفوضى، التي تدار من قبل أجهزة المخابرات الامريكية والبريطانية والتركية، استخدام قوته الذاتية العسكرية والأمنية، لكبح جماح النصرة وداعش، ويساند في ذلك الدولة السورية ومحور المقاومة، ويشكل أيضا عائقا امام الولايات المتحدة الامريكية وتركيا.

لذلك عملية الاشغال في الساحة السورية في ظل العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، هو جزء من المخطط الأمريكي القائم على تعدد الجبهات، وما هذا الاحتكاك لجبهة النصرة المستمر مع أكثر من رأس متقدّم، في مواجهة الإرهاب، يؤكد ان الحسم قادم بهذا الاتجاه، ولا يتعدى الا محاولة ساذجة لأطراف في العدوان على البلاد، بعد ان ورطتهم الدولة السورية بتجميع هؤلاء الإرهابيين في ادلب، والتأكيد على هوية جبهة النصرة امام العالم اجمع، فأضحى محور الشر في مأزق سياسي وفوضى كبيرة، يحاول الاستقواء بها الان والاستثمار فيها، تارة بإرسال هؤلاء المسلحين للقتال في أوكرانيا ضد القوات الروسية، وتارة بالاستعداد لقصف حميميم، وتوجيه رسالة من خلال جبهة النصرة واستعراض امكانياتها، وخاصةً بعد الضربات التي وجهها الطيران الروسي خلال هذا الشهر الماضي لجبهة النصرة ومواقعها في ريف ادلب.

إن البيان الروسي يفتح من جديد ملف استخدم جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية للتكنولوجيا، وكيفية استيرادها، وهنا لا بد من ان نذكر انها ليست المرة الأولى التي يكشف اللثام عن وصول تلك التقنية الى المجموعات المسلحة، فمثلا في الشهر السادس من عام 2019، تحدثنا عن استجرار جبهة النصرة لـ 500 طائرة من دون طيار عبر الحدود التركية، عن طريق أحد الوسطاء المحليين بمحافظة إدلب، الذي استطاع إدخالها إلى المحافظة عبر الحدود التركية بالتعاون مع تجار أتراك متنفذين، ومن ثم نقلت هذه الطائرات إلى مدينة جسر الشغور غرب إدلب، وخزنت في أحد أهم مقرات تنظيم "الحزب التركستاني" بالقرب من مشفى جسر الشغور.

وجهزت النصرة والتركستاني مقرا لخبراء فرنسيين وبلجيكيين للعمل على تعديلها لتصبح الطائرات قادرة على حمل قذائف مادة "C4" شديدة الانفجار، واللافت ان التعديلات كانت على هياكل الطائرات واستبدالها بهياكل من الكربون او الورق المقوى لجعلها خفية وغير قابلة للاكتشاف من قبل أنظمة الرادار وتزويد هذه الطائرات بقنابل او صواريخ صغيرة الحجم وشديدة الانفجار، وفي العام نفسه نقلت جبهة النصرة من الحدود التركية مئات الطائرات المسيرة من الحجم المتوسط، الى بلدة حارم الحدودية بريف ادلب، وإلى أحد مقرات الهيئة في بلدة معرة مصرين، وأفادت المعلومات في وقتها ان المقرات التي وصلت اليها الطائرات هي للإرهابيين المغاربة، حيث سلمت إلى مسلحين من الجنسية المغربية والليبية يعملون بإشراف خبير بريطاني على إجراء تعديلات على هياكل هذه الطائرات، يساعد هذا الخبير البريطاني بعض الفنيين من الأجانب الذين قدموا في وقت سابق إلى المنطقة هربا من العراق ومن مدينة الرقة السورية، أي من مناطق سيطرة داعش باتجاه مناطق سيطرة النصرة.

هؤلاء الخبراء والفنيين، ظهروا مع جماعة داعش في عام 2014، عندما بدأت داعش باستخدام الطائرات المسيرة كأساس في عملياتها العسكرية، والشيء بالشيء يذكر فريق قناة العالم له تجربة مع هذه المسيرات في منطقة دير الزور عندما حاولت احد مسيرات داعش استهداف سيارة البث المباشر الخاصة بالقناة في مدينة دير الزور قبل تحرير باقي احياء المدينة، ومن هؤلاء الخبراء الذين استفادة منهم داعش، كان البريطاني جنيد حسين، الذي كان يوصف بأنه خبير الامن السيبراني لداعش، واحد المدربين للأجانب فيها. إن إيصال هذه التقنية مهما كانت بسيطة، لا يمكن الا عن طريق الدول الداعمة، وهنا يبرز الدور التركي والامريكي في إيصال هكذا تقنية للمجموعات المسلحة، لتشكل عاملا مضاعفا في قوة تلك المجموعات، حيث توفر تلك الطائرات بدائل رخيصة وأحيانا تملك دقة، تستخدمها لشن هجمات كتلك التي استهدفت سابقا قاعدة حميميم او مواقع للجيش السوري.

ومع انتشار البيان الروسي حول ما تحضر له جبهة النصرة، والفهم الدقيق للدور الأمريكي حول ما تحاول تلك المجموعة من تنفيذه، اكدت مصادر محلية في ريف إدلب، اختفاء كامل لمسلحي الحزب التركستاني من مقراتهم في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي، ومن مقراتهم ومناطق انتشارهم في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، ما يعني ان تلك المجموعات فضلت الاختفاء خوفا من غارات روسية سورية، تجعل من مواقعهم اثرا بعد عين، والقادم من الأيام سيثبت ذلك.