شتاء ثقیل في سوريا في ظل الحصار الاقتصادي الاميركي

شتاء ثقیل في سوريا في ظل الحصار الاقتصادي الاميركي
الإثنين ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢ - ٠٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

فصل شتاء هذا العام يشبه أيام البرد في الأعوام السابقة، حيث بدأ الهواء البارد يصل الى بيوت السوريين، ويزيد حياتهم تعقيداً، فالديزل " المازوت" معدوم وشحيح، وهو الوسيلة الأساسية للتدفئة في سوريا، يترافق ذلك مع انعدام البدائل او غلاء اسعارها.

العالم-كشكول

يجمع السوريون ان فصل الشتاء قبل الحرب التي فرضت على سوريا، والحصار الاقتصادي الأمريكي، كان ضيفا يحسب له حساب، نظرا للاستحقاقات الكثيرة فيه، من مصاريف مدارس ومونة وحتى تدفئة، الا انه مع اشتداد الضغوط الاقتصادية، وغلاء الأسعار وغياب شبه كلي للمحروقات، أصبح الحصول على وسائل التدفئة امرا مرهقا، يشغل بال الآباء والامهات، ما دفعهم الى ثقل الاغطية، علها تدفئ أطفالهم، هذا ما أكدته ام محمد التي لا تتوقف عن سؤال كل من تعرفه، عن أي كمية من المازوت ممكن ان تساعدها في تدفئة منزلها، في ظل دخول المنخفض الجوي الى مدينة دمشق.

وبينت الاربعينية ام محمد ان " الحرامات هي الوسيلة التي تستخدمها لتدفئة أبنائها، حتى انها تدرس أبنائها تحت الحرامات"، تشير ام محمد ضاحكة الى انها لم تترك عادة تركيب المدفئة العاملة على المازوت في هذا العام، بالرغم من علمها انها لن توقد بسبب نقص المحروقات، وأضافت " حتى اللجوء الى الحطب اصبح مكلفاً بعد ان وصل الكيلو الواحد منه في منطقتها الى 1800 ليرة سورية " إلا أن ارتفاع سعر الحطب أيضاً، دفع الكثير من السوريين الى استبداله بما تيسر لهم من ورق قديم او ملابس رثة، او ما جمعوه من اغصان أشجار او خشب مستهلك، ليصبح هو وقود مدافئهم، وهذا ما شرحه علاء العامل الثلاثيني الذي قال انه يستمر في جمع اغصان الأشجار والكرتون وكل ما يمكن حرقه، ليوفر به مادة مشتعلة تبث الدفء في ارجاء منزله المتواضع على اطرف دمشق، ويؤكد ان " حاله افضل بكثير من حال الذين لا يتوفر لهم، جمع الحطب من البساتين او المزارع، فيكون الحل امامهم الأوراق القديمة والكرتون وحتى النيلون، بالرغم من مخاطر احراقه وانبعاث الغازات الناتجة عن ذلك على صحة الانسان".


الحصار الاقتصادي الأمريكي الذي يمنع وصول الإمدادات النفطية، يشل قدرة المواطن السوري على تأمين التدفئة، ويوضح عمار يوسف الخبير الاقتصادي، ان " العائلة السورية تحتاج الى ثلاث ملايين لتدفئة غرفة واحدة لمدة ثمانية ساعات خلال فصل الشتاء المقدر بأربعة اشهر، حيث وصل سعر ليتر المازوت الى العشر الاف ليرة سورية في السوق السوداء" وتابع يوسف " الاسر التي تسكن في مناطق باردة تحتاج حوالي الف ليتر في فصل الشتاء، تؤمن منها الدولة السورية 50 ليتر، والباقي يشترى من السوق السوداء، بمعنى ان تكلفة الاسر السورية في الشتاء، يصل الى عشر ملايين ليرة سورية، لتدفئة بالحد الأدنى " .

وهذا الواقع يفتح الباب واسعا للسؤال كيف يمكن لأهالي تلك المناطق تحمل صقيع الشتاء، في ظل ارتفاع كلف التدفئة، وانعدام البدائل، التي تحدث يوسف عنها قائلا " البديل عن ذلك الحطب، والحطب له اثار جانبية على البيئة وانهاء الغطاء النباتي، وديمومته مختلفة عن المازوت، ويحاول المواطن السوري ابتكار وسائل جديدة كمدفئة الكحول، التي أدت الى اشتعال عدة حرائق وكوارث، اما الغاز حاله كحال المازوت المادة شحيحة ولا تكفي لاستخدامها في الطهو، والكهرباء لا يمكن الاعتماد عليها في التدفئة، فالتيار لا يصل في بعض المناطق الريفية الا ساعة ونصف كل اربع وعشرين ساعة".

يعتبر الشتاء في سوريا في ظل الحصار الاقتصادي، ثقيلا جدا على الناس، بعد عجز معظمهم عن تأمين وسائل التدفئة، ولا خيارات امام اهل البلاد، الا انتظار قادم الأيام، ووصول التوريدات النفطية.

*حسام زیدان