إلى اين سيصل حجم التدخل السعودي في اليمن؟

إلى اين سيصل حجم التدخل السعودي في اليمن؟
الجمعة ٢٦ أغسطس ٢٠١١ - ٠٨:١٣ بتوقيت غرينتش

شيئا فشيئا تخسر المملكة العربية السعودية أوراقها وذيول سياستها في المنطقة. لا تمر جمعة يمنية دون إعلان ثائريها مرارا رفضهم لوصاية آل سعود على بلادهم. لكن المملكة التي لم تستوعب رفض الشعب المنتفض على سياساتها العنصرية، مازالت تصارع لإخماد الثورة وإعادة اليمن من جديد لجناح المملكة.

ما يلفت للانتباه هو أن المبادرة الأمريكية والسعودية الجديدة ربما ستعمل نوعاً من الالتفاف على هذا التعقيد بأن يكلف الرئيس نائبه بالقيام بمهامه مع استمرار وجود الرئيس اليمني في الداخل كرئيس فخري لكن دون إقصاء لمراكز قوى النظام الأخرى التي يطالب الشباب برحيلها ومحاكمتها.

 هذا ما قاله الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الذي رأى دورا سعوديا تدخليّا وتوسعيّا في اليمن منذ عام 1962، عام قيام الثورة اليمنية ضد النظام الملكي في الشمال اليمني. والشباب اليمني يستطيع استقراء ذلك. ويتابع الصلاحي: توجد قضية متجسدة في الوعي السياسي للشعب اليمني يدركها الشباب والجيل الأكبر منه والأصغر منه: وهي أن السعودية لا تريد دولة مدنية في اليمن وهي تريد أن تقوم بإقامة صلح بين الأطراف الآن دون أن يكون للثورة دور في ذلك، لأن السعودية لا ترغب في قيام ثورة على حدودها الجنوبية ولا ترغب بدولة مدنية ولا ديمقراطية في اليمن لأنها تتصور أن هذا قابل للتصدير إلى داخل المملكة السعودية.

 بدوره قال القيادي اليمني المعارض عبد الملك المخلافي: إن اليمن لا يمكن أن يكون سعيداً وسعودياً في آن معاًفالنظام اليمني يناور بمساندة أميركية - سعودية ليتاح له فرصة استعادة زمام المبادرة والخروج من الأزمة أقوى وخرق صفوف الثورة. ويرى أن جميع المبادرات السياسية، بدءاً بأول مبادرة بعد «جمعة الكرامة» والتي تضمنت تنحي صالح، سمحت بإعطاء الوقت للنظام للملمة نفسه.

  يتابع المخلافي هناك سعي اميركي - سعودي إلى تغطية القوة العارية من المشروعية لأقرباء صالح وأبنائه، حيث يريد الطرفان الخارجيان تشريع هذه القوة وتعويم المبادرة الخليجية والإبقاء على النظام ولو بدون شخص صالح، ومن ثم القبول بحكومة مشتركة مع حزب المؤتمر الحاكم لتغطية الانقلاب على الدستور، وهذا ما لن يقبل به الثوار. فالسعودية -والكلام للمخلافي- ضد التغيير عبر الثورة في اليمن وضد اي ثورة في الوطن العربي ككل. هناك خلاف داخل المملكة حول شخص صالح ولكن القرار يعود لجناح الملك عبد الله وهو مع خيار حماية صالح.

يتابع هناك رفض تام من قبلنا لهذا التدخل الذي انتهك السيادة اليمنية لسنوات. ويكفي التذكير بما قدمه صالح للأميركيين تحت شعار «مكافحة الإرهاب» حين سمح لطائرات اميركية بدون طيار بقتل الناس، وهذا ما فضحته وثائق «ويكيليكس»، فضلا عن إعطاء السلطة اليمنية رخصة لوكالة الاستخبارات الاميركية لتدريب عناصر الحرس الجمهوري، وغيرها من الممارسات. ان المبادرة لا تنطبق على الدستور اليمني.

  فليس هناك ما يسمى بـ«نقل الصلاحيات إلى نائب الرئيس» في الدستور، لأن «نقل الصلاحيات» يعني الإبقاء على صالح في الرئاسة. يمكن اختصار ما يجري اليوم بمعادلة واحدة: المبادرة الخليجية مقابل الثورة ومجلسها الانتقالي.. نتوقع تصعيداً أكثر مع التدخل الأميركي - السعودي، اذ لا يمكن لليمن ان يكون سعيداً وسعودياً في آن معاً.

لم يعد الدور السعودي يؤتي ثماره في اليمن، فالتلويح بعودة شبح الرئيس علي عبد الله صالح أو الالتفاف للابقاء على النظام، جميعها مناورات باتت مكشوفة لدى اليمنيين، تعجز عن الصمود أمام اصرار الشعب اليمني لانهاء الوصاية السعودية على بلادهم وتأسيس دولتهم المدنية.

كلمات دليلية :