ماذا بعد تدنيس الصهاينة  للقرآن الكريم والمساجد؟

ماذا بعد تدنيس الصهاينة  للقرآن الكريم والمساجد؟
السبت ٢٤ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٦:٤٠ بتوقيت غرينتش

بعد كل عملية استشهادية فلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي، كانت الاصوات تتعالى في الغرب وهي تندد باستهداف "المدنيين الاسرائيليين"، إلا ان الجرائم التي ارتكبها المستوطنون الصهاينة مؤخرا في جنين والضفة الغربية، وعلى راسها جريمة تدنيس القران الكريم، اثبت وبشكل لا لبس فيه، ان عصابات المستوطنين ، هم جزء رئيسي من قوات الاحتلال الاسرائيلي، التي لا تتواني عن قتل الفلسطينيين، كما يفعل جيش الاحتلال الاسرائيلي.

العالم قضية اليوم

ماجرى خلال الايام القليلة الماضية في جنين والضفة الغربية بشكل عام، كشف عن حقيقة تقسيم الادوار بين قوات الاحتلال الاسرائيلي وعصابات المستوطنين، فالجرائم الاكثر وحشية ضد الفلسطينيين، والتي تعكس العقلية الصهيونية بشكل عار دون اي تحفظ، وكيف تنظر الى الصراع مع الاخر المسلم، عادة ما تُناط لعصابات المستوطنين، التي لا تتحرك الا تحت حماية جيش الاحتلال وبالتنسيق معه.

جرائم عصابات المستوطنين، وخاصة في قريتي عوريف وترمسعيا الفلسطينيتين، وتدنيسها للمساجد وحرق القرآن الكريم واقتحام البيوت وإتلاف المزروعات، لا يمكن النظر اليها على انها ردة فعل او تعبير عن الغضب، بل هي جرائم تم التخطيط لها بعناية، وهي مدروسة، لتحقيق اهداف باتت واضحة، وهي ارهاب وارعاب الفلسطينيين، ودفعهم الى ترك منازلهم وقراهم، لتخلوا للصهاينة، كما فعلت العصابات الصهيونية قبل 70 عاما، عندما هجرت الفلسطينيين بدعم فاضح من الاستعمار البريطاني.

ولاثبات هذه الحقيقة، حقيقة ان اعلان الحرب الدينية على الشعب الفلسطيني المسلم من قبل المستوطنين الصهاينة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، تستهدف افراغ فلسطين من اهلها، لتسهيل زرعها بالمستوطنات الصهيونية، ليس هناك من دليل اوضح من دعوة وزير الأمن الإسرائيلي الارهابي العنصري المتطرف إيتمار بن غفير، يوم الجمعة، إلى "إطلاق العنان لإقامة مزيد من البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، وشن عملية عسكرية واسعة يتم خلالها القضاء على آلاف الفلسطينيين إذا لزم الأمر".

ولتأكيد هدف جرائم عصاباته، زار بن غفير بؤرة "إفياتار" الاستيطانية، فوق جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة، وخاطب المستوطنين قائلا:"موقفي معروف، وأنا أمنحكم دعما كاملا ومطلقا لكني أريد أكثر بكثير من المستوطنة هنا، وينبغي أن تكون هنا مستوطنة كاملة، وليس هنا فقط وإنما في جميع التلال من حولنا.. نحن بحاجة إلى تعزيز الاستيطان في أرض إسرائيل وفي نفس الوقت شن عملية عسكرية تشمل هدم المباني وتصفية مخربين، ليس واحدا أو اثنين، بل عشرات ومئات، وآلاف إذا لزم الأمر".

وتنفيذا لاوامر بن غفير، اقام المستوطنون الصهاينة خلال الـ24 ساعة الأخيرة حوالي 7 بؤر استيطانية على الأقل في الضفة بعلم القيادة السياسية وحكومة بنيامين نتنياهو، وقبل ذلك بيومين، اي يوم الاربعاء، وافق نتنياهو ووزيرا الحرب يوآف غالانت والمالية بتسلئيل سموتريتش على بناء ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة “عيلي” وسط الضفة الغربية.

ان هجمات المستوطنين الصهاينة وقوات الاحتلال الاسرائيلي على قرى وبلدات الضفة الغربية، وقتل وجرح عشرات الفلسطينيين في مدينة جنين، إلى جانب حرق وتحطيم عشرات السيارات والمنازل وممتلكات الفلسطينيين، وتدنيس المساجد وحرق القران الكريم، ليست جرائم ارتكبها مستوطنون "منفلتون" كما يدعى الاعلام الاسرائيلي، بل هي جرائم من فعل حكومة العصابة التي يقودها نتنياهو، والتي تضم كبار زعماء عصابات المستوطنين من امثال بن غفير وسموتريتش.

يرى العديد من المراقبين ان من الخطأ القول ان الكيان الاسرائيلي لم يكن ليجرؤ علي الذهاب هذا المدى في عدوانيته وفي انتهاكه لكافة القيم والأعراف الأخلاقية والإنسانية والمواثيق الدولية، ما لم يكن مستندة الى دعم غير مشروط وبلا حدود من ادارة امريكية، لا تخفي انحيازها لـ"اسرائيل"، ويباهي رئيسها علنا بصهيونيته، والصواب ان نقول انه لولا هرولة العرب للتطبيع مع هذا الكيان الغاصب والاهاربي العنصري، وتبني رؤيته الى المقاومة، التي باتت توصف من قبل عرب التطبيع بـ"الارهاب"، لما تجرأ هذا الكيان ومستوطنيه، ان يحرقوا القران الكريم، وهم وفي وسط بحر من العرب والمسلمين، في تحد صارخ لعقيدة اكثر من ملياري مسلم، فهم بهذه الطريقة يحاربون المسلمين بالعقيدة، ولا وسيلة للانتصار عليهم الا بالعقيدة.

أحمد محمد