ديفيد أوين يتباكى على الديمقراطية في إيران

ديفيد أوين يتباكى على الديمقراطية في إيران
الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠٢٣ - ١١:٤٢ بتوقيت غرينتش

بمناسبة مرور 70 عاما على الانقلاب الذي نفذته امريكا وبريطانيا، حيث اطاح بحكومة محمد مصدق الوطنية يوم ۱۹ آب/ اوغسطس عام 1953 في ايران، أجرت صحيفة "الغارديان" البريطانية لقاء مع وزير الخارجية البريطاني الأسبق ديفيد أوين، الذي "شدد" على ضرورة اعتراف بلاده بدورها القيادي في الانقلاب المذكور.

العالم كشكول

وذكرت الغارديان أن أمريكا كانت قد رفعت السرية عن وثائق استخباراتية قبل 10 سنوات تشير إلى دور المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" بالتعاون مع الاستخبارات البريطانية "إم آي 6"، في اسقاط حكومة مصدق الوطنية، بعد اصدارها قرارا بتأميم شركة النفط البريطانية، التي كانت تنهب النفط الايراني.

وتضيف الصحيفة ان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وينستون تشرشل، نجح في إقناع الرئيس الأميركي حينذاك دوايت أيزنهاور، بالاطاحة بمصدق، وجاءت موافقة أيزنهاور بعد رفض سلفه الرئيس الأميركي هاري ترومان، الذي كان يرى في مصدق حصناً ضد الشيوعية.

كل ما قالته الصحيفة البريطانية ليس بجديد، فالسياسة الامريكية البريطانية مكشوفة للجميع، وخاصة لدى الشعب الايراني، لما اقترفاه هذان البلدان من مآسي ضد الشعب الايراني وشعوب المنطقة، لكن الشيء الذي اردنا ان نتوقف امامه قليلا هو الاطار الذي طرح فيه وزير خارجية بريطانيا الاسبق ديفيد أوين، الذي تولى هذا المنصب في الفترة من ۱۹۷۷ الى ۱۹۷۹، اقتراحه بان تعترف بريطانيا بدورها في اعادة النظام الاستبدادي مرة اخرى وفرضه على الشعب الايراني بالقوة، حيث يقول أوين بالنص:"هناك أسباب وجيهة للاعتراف بدور المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة عام 1953 في الإطاحة بالتطورات الديمقراطية. من خلال الاعتراف بأننا كنا مخطئين في القيام بذلك، وألحقنا الضرر بالخطوات التي كانت تدفع باتجاه إيران ديمقراطية، فإننا نزيد احتمالية نجاح الإصلاحات اليوم".

دموع التماسيح التي يذرفها الثعلب أوين على "الديمقراطية" في ايران، ليست سوى ذر الرماد في العيون، لاخفاء التاريخ الاجرامي والدموي والاستعماري لبريطانيا ضد شعوب العالم بشكل عام والشعب الايراني بشكل خاص.

فالتجربة التاريخية لهذه الشعوب مع بريطانيا، تؤكد ان بريطانيا آخر ما تفكر به هو الديمقراطية وحرية الشعوب، فلو كان أوين صادقا في موقفه من الديمقراطية، وانه يأسف لـ"اسقاطها" في ايران، ترى لماذا مازالت حكومته تدعم اغلب الانظمة الاستبدادية في العالم؟، لماذا لا يذرف أوين دموعه على ملايين البشر بسبب ظلم الانظمة القبلية، التي لولا دعم بريطانيا لها لسقطت تحت ضغط شعوبها المنكوبة بهذه الانظمة. ولا نريد ان نذكر امثلة على ذلك، لانها لاتعد ولاتحصى؟.

هذا اولا، ثانيا كل منصف وحيادي يعترف ان في ايران نظاما يتمتع بدعم شعبي واسع، وخلال العقود الاربعة الماضية شهدت ايران عشرات الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات مجلسي الخبراء القيادة والبلدية. فلا توجد شخصية سياسية، حتى منصب قائد الثورة الاسلامية، غير منتخبة بصورة مباشرة او غير مباشرة من قبل الشعب، ولم لم يتم الغاء الانتخابات حتى خلال الحرب الظالمة التي فرضتها امريكا والغرب على ايران عبر تحريض الطاغية صدام على مدى ثماني سنوات، بل وحتى الدستور الايراني ، وحتى النظام الاسلامي في ايران، تم المصادقة عليهما باستفتاء شعبي، فهذه الديمقراطية، يبدو انها لا يحيبذها امثال أوين، لانها ترفض الانحلال والشذوذ والعدمية.

نحن نعرف جيدا لماذا يذرف امثال أوين دموع التماسيح على "الديمقراطية" في ايران، فايران تقف عائقا امام جشعهم وهيمنتهم وطمعهم وفتنهم في المنطقة، وترفض الظلم الذي تمارسه ربيبتهم "اسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني، فلو كان هؤلاء صادقون في حرصهم على المواطن الايراني، لما قتلوا نحو 9 ملايين ايراني من الجوع والمرض ابان احتلال الحلفاء ايران خلال الحرب العالمية الاولى، ولما وقفوا الى جانب طاغية دكتاتور مثل صدام، وامدوه بمختلف الاسلحة ومنها الكيمياوية، التي استخدمها ضد ضد شعبه والشعب الايراني، وازهق ارواح مئات الالاف من البشر، فكان صدام السفاح من اقرب حلفائهم، لانه ببساطة كان يعمل لمصالحهم غير المشروعة في المنطقة، فلو كان أوين يتصور ان الناس نيام لا يدركون ما يدور حولهم ، نقول له ان النائم الوحيد هو انت ومن على شاكلتك.. ان من نام لعمري يحسب الناس نياما.