الهجمة "الإسرائيلية" الغربية المنسقة ضد "الأنروا".. لماذا؟

الهجمة
الإثنين ٢٩ يناير ٢٠٢٤ - ١٠:١٦ بتوقيت غرينتش

اكاذيب تعمتدها "اسرائيل" في تعاملها مع الفلسطينيين، تلقى عادة تأييدا اعمى من الغرب، الذي يبني عليها، بعد ان يحولها الى حقائق، فتكون تداعياتها كارثية على حياة الفلسطينيين، التي هي في الاساس كارثية، بسب الاحتلال والحصار والقتل والتهجير والتهويد، ولكن هذه المرة جاءت اكذوبة "اسرائيل" الجديدة، التي تبناها الغرب حتى قبل ان يتحقق هو من مصادره الخاصة، للضغط على اهالي غزة، بعد ان فشل القتل والموت المتواصل على مدى 14 يوما في جعلهم يتركون ارضهم للمحتل.

العالم مقالات وتحليلات

بعد مزاعم قطع رؤوس الاطفال واغتصاب الفتيات، من قبل مقاتلي المقاومة الاسلامية، واتخاذهم للمستشفيات والمدارس والمساجد والمنازل مقرات عسكرية، او ان هناك انفاقا للمقاومة تحتها، وهي مزاعم لم تكشف الايام كذبها فقط، بل كشفت ايضا عن وجود تناغم وتنسيق وتواطؤ واضح وفاضح، بين الكيان الاسرائيلي مصدر هذه الاكاذيب وبين الغرب مروجها، اطلق الكيان كذبة كبرى وفي غاية الخطورة، وهي انضمام بعض كوادر وكالة الاونروا الى فصائل المقاومة الفلسطينية، وأن المقاومة تستخدم مقرات ومدارس الوكالة في أعمال قتالية!.

اللافت ان الدول الغربية وعلى راسها امريكا لم تنتظر نتائج التحقيق من مصادرها الخاصة او اي مصدر محايد، وقررت معاقبة نحو 6 ملايين لاجىء فلسطيني، يتوزعون داخل فلسطين في القدس الشرقية والضفة وغزة ودول الأردن وسوريا ولبنان، استنادا الى "كذبة اسرائيلية" جديدة، عبر قطع تمويلها للاونروا التي تستخدم ميزانيتها في مجالات التعليم والصحة والإسناد والإغاثة والبنية التحتية، الامر الذي سيضاعف معاناة اهالي غزة تحديدا، الذين يتعرضون بالاساس الى ابادة جماعية منذ 114 يوما، امام مرآى ومسمع العالم، الامر الذي دفع مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن بالاكريشنان راجاغوبال، للقول ان "تعليق بعض الدول تمويل الأونروا يعد عقابا جماعيا لسكان قطاع غزة".

اللافت اكثر ان القرار الغربي بقطع تمويل الاونروا جاء مباشرة بعد، قرار محكمة العدل الدولية التي أمرت "إسرائيل" بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين و"بذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين في قطاع غزة"، الامر الذي اعتبره العديد من المراقبين ان القرار جاء كرد فعل على المحكمة الدولية التي رفضت ضغوط الثنائي الامريكي الاسرائيلي، وحكمت لصالح مظلومية اهالي غزة، كما انها جاءت كرد انتقامي ضد الاونروا لان المحكمة اعتمدت على العديد من تقاريرها، التي كشف عن المأساة التي يعيشها اهالي غزة بسبب العدوان والحصار، وذلك بالرقام والوثائق.

القرار الغربي بقطع تمويل الاونروا اثار العديد من ردود الفعل على الصعيدين الدولي والاممي، لانه جاء في ظروف حياتية لا تطاق يعيشها اهالي غزة، فقد علق المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني على القرار بالقول "إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين" لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية، التي "يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة". بينما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدول المانحة "ضمان استمرارية" عمليات الاونروا.

واللافت ايضا ان كل هذه الضجة التي اثارتها "اسرائيل"، والتي تناغمت معها امريكا وبريطانيا والمانيا وإيطاليا وكندا وأستراليا وفنلندا واسكتلندا وسويسرا وهولندا، هي بسبب اتهام "اسرائيل" 12 موظفا من موظفي الوكالة ،الذين يبلغ عددهم عدة آلاف!، بالمشاركة في "طوفان الاقصى"، وهذا الموقف المخزي للدول الغربية التي ترفع لواء الدفاع عن حقوق الانسان والعدالة، دفع زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربن للقول ان "انضمام بريطانيا إلى دول أخرى في تعليق تمويل الأونروا عقاب جماعي، وعلى حكومة بريطانيا الخجل من انحطاطها الأخلاقي تجاه الفلسطينيين".

من الواضح ان الهدف الحقيقي من وراء هذا المخطط الاسرائيلي الغربي، هو ضرب عدة عصافير بحجر واحد، اولا الانتقام من الحاضنة الشعبية للمقاومة الاسلامية في غزة، ثانيا، الانتقام من الهزيمة التي منيت بها "اسرائيل" وامريكا في محكمة العدول الدولية، ثالثا، وهو الاهم ، التخلص من الأونروا، التي يناصبها الكيان الاسرائيلي العداء منذ زمن طويل، فقد دعا نتنياهو في العام 2018 إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وإنهاء وجود الأونروا؛ إذ اعتبرها تعمل لصالح الفلسطينيين وتخلد قضية اللاجئين، فهي ترمز في المفهوم السياسي إلى وجود فلسطينيين بالدرجة الأولى خارج أرضهم، ووفق القانون الدولي يحق لهم العودة.

سعيد محمد