ما حقيقة "تمرد" نتنياهو على بايدن؟

ما حقيقة
الإثنين ١٨ مارس ٢٠٢٤ - ٠٤:٤٥ بتوقيت غرينتش

قال رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هناك ضغوطا دولية لإيقاف الحرب من خلال الدفع نحو إجراء انتخابات، لكنه لن يخضع لها، فوقف الحرب الآن يعني أن إسرائيل خسرت الحرب ولن نسمح بذلك، وان الاستعدادات جارية لشن هجوم على رفح".

العالم الخبر وإعرابه

-المضحك المبكي في حديث نتنياهو الذي ادلى به في بداية الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء امس الأحد، كان حديثه عن "الضمير"!، حيث خاطب من اسماهم "أصدقائنا في المجتمع الدولي" قائلا : "هل فقدتم ضميركم الأخلاقي سريعا؟ بدلا من الضغط على إسرائيل… اضغطوا على حماس".

- تصريحات نتنياهو التي جاءت حسب الظاهر، ردا على مواقف الرئيس الأميركي جو بايدن و زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ تشاك شومر، حيث انتقد الاخير نتنياهو في خطاب أمام مجلس الشيوخ الأميركي الخميس الماضي، ووصفه بأنه "عقبة كبيرة أمام السلام، وخضع في كثير من الأحيان لمطالب المتطرفين"، بينما اشاد بايدن بخطاب شومر، وقال إنه كان "جيدا، وأعرب عن قلق جدي لدى العديد من الأميركيين".

-اذا ما نظرنا الى تطورات الميدان وما يجري في غزة من ابادة جماعية منذ اكثر من خمسة اشهر، فلن نجد اي اثر لـ"الخلافات" بين الادارة الامريكية وبين حكومة نتنياهو "المتطرفة"، كما لا اثر ايضا لـ"الخلافات" بين اعضاء حكومة نتنياهو، فلا فرق بين بايدن وبين نتنياهو ، ولا بين شومر وبين بن غفير، ولا بين بلينكن وبين سموتريش، فجميعهم، يشاركون بنفس الحقد وذات الاندفاع لتنفيذ المخطط الرامي الى تدمير حماس، واخلاء غزة من اهلها، فليس هناك من نبرة ندم او تعقل، في خطابات واحاديث كل الذين ذكرناهم، رغم ان عدد شهداء غزة قارب 32 الفا، اغلبهم من النساء والاطفال.

-الفرق الوحيد بين ادارة بايدن وحكومة نتنياهو، هو ان الادارة الامريكية اكثر حرصا على مستقبل ومصير "اسرائيل" من حكومة نتنياهو، فنتنياهو، ورث كيانا ارهابيا مغتصبا، لا يقيم وزنا مثل أسلافه لاي اعتبارات دولية او انسانية او اخلاقية لتحقيق اهدافه، بينما امريكا، تعمل على عدم اسقاط ورقة التوت، التي تستر ارهابها البشع، امام المجتمع الدولي، الا ان ضربة "طوفان الاقصى" افقدتها توازنها هي ايضا، واقتربت كثيرا من سلوكيات نتنياهو وعصابته، وتجهد الا تتعرى بشكل كامل امام الراي العام العالمي، كما تعرى الكيان.

-يكمن خطأ المراقبين للعلاقة بين امريكا والكيان الاسرائيلي، في فهم حقيقة هذه الطبيعة، فالعلاقة التي تربط امريكا بالكيان الاسرائيلي ليس بين دولة و "دولة اخرى" او حتى كيان مستقل، بل هي علاقة بين دولة وقاعدتها العسكرية، فهذه القاعدة، التي وجدت بقرار بريطاني، واستمرت بقرار امريكي، لا تملك اي "سيادة" او "استقلال"، ولا يملك اي "مسؤول" صهيوني، حرية التصرف، ازاء ما تقرره واشنطن، فالذي يجري في غزة اليوم ، يجري بقرار ودعم امريكي، وكل ما نشهده ونقرأه عن "تمرد" نتنياهو ازاء السيد الامريكي، ليس سوى دور في مسرحية امريكية، لاظهار واشنطن وخاصة امام العرب والمسلمين، على انها تعارض نتنياهو، وان الاخير يرفض تنفيذ اوامرها، وهو دور يقوم به نتنياهو، لخدمة امريكا وشخص بايدن نفسه، ولا يملك من خيار الا تجسيده، وكل ما يقال غير ذلك، هو ضحك على الذقون، فهذه الحقيقة كانت مكشوفة، وتكشفت اكثر بعد "طوفان الاقصى".