الفلسطينيون يستذكرون اليوم 'ام المجازر'

الفلسطينيون يستذكرون اليوم 'ام المجازر'
الثلاثاء ٠٩ أبريل ٢٠٢٤ - ٠٥:٤٥ بتوقيت غرينتش

يصادف اليوم ذكرى مجزرة دير ياسين، إحدى أبشع المجازر التي نفذتها عصابات الصهاينة في القدس إبان نكبة العام 1948، والتي استخدم الاحتلال أهوال تفاصيلها كحرب نفسية لترهيب بقية القرى وتهجيرها.

العالم - فلسطين

وبحسب الروايات المتداولة عن الناجين، فإن العصابات الإسرائيلية مثّلت بالجثث، وبقرت بطون النساء الحوامل بعد مراهنة من الجنود على جنس الأجنّة، كما قتلوا الأطفال واغتصبوهم ومثّلوا بهم أمام أعين أمهاتهم، وقطعوا الأيدي والأعضاء التناسلية، وقتلوا الأحياء حرقًا، وتركوا الجثث بالعراء، وداسوهم بالآليات العسكرية.

منفذو تلك المذبحة يصفهم جاك دي رينييه، رئيس بعثة الصليب الأحمر في القدس، وكان أول أجنبي تَمَكّن من الوصول إلى القرية المنكوبة في 11 أبريل 1948؛ على الرغم من نصائح وتهديدات الهاغاناه والوكالة اليهودية المبطنة بالعدول عن ذلك، بقوله: "جميع المقاتلين رجالًا ونساء، كانوا شبابًا، بعضهم كانوا مراهقين. كانوا جميعًا مدججين بالسلاح؛ بالمسدسات والمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية والسكاكين الطويلة. كانت معظم السكاكين ملطخة بالدماء. من الواضح أن هذه كانت فرقة إبادة للقضاء على الناجين الجرحى، وقد أدوا مهمتهم بشكل لا تشوبه شائبة".

قرية دير ياسين كانت تقع بضواحي القدس على تلة يبلغ ارتفاعها 800 متر، وكانت محاطة بست مستعمرات صهيونية، أقربها تسمى "جفعات شاؤول"، وبالتالي كانت القرية محاصرة ولا يربطها بالعالم الخارجي سوى طريق ترابي وحيد يؤدي إلى القدس يقع شمال الوادي ويمر بهذه المستعمرة.

عدد سكان القرية حينها كان يُقَدر بـ400 إلى 600 شخص، يعيشون في 144 منزلًا، وكان أكثر من نصف مساحة القرية التي تُقَدر بـ2700 دونم، زراعية.

كان سكان دير ياسين يعيشون في قلق ورعب في الأسابيع التي سبقت المجزرة، على الرغم من أن شيوخهم كانوا قد وقّعوا ميثاق عدم اعتداء مع مستوطنة جفعات شاؤول في يناير 1948.

استعد الرجال في تلك الأيام المضطربة وانتظموا في نوبات للحراسة بما تَوفر من بنادق قديمة من الحرب العالمية الأولى، وذخيرة قليلة.

بعد احتلال قوات الهاغاناه بلدة القسطل، اتُّخذ قرار الهجوم على دير ياسين. المراسلات بين زعماء العصابات الصهيونية المسلحة تشير إلى أن قادة تنظيمات الإرغون وشتيرن "ليحي" والهاغاناه اتفقوا على استهداف القرية، وأن مصيرها قد تَقرر في عملية تُنَفذ في ساعات الفجر الأولى يوم الجمعة 9 أبريل.

بدأت التنظيمات الصهيونية الثلاثة، العملية تحت اسم "الوحدة" في الساعة 04:30. استيقظ سكان دير ياسين فزعين على أصوات مكبرات الصوت وهي تأمرهم بمغادرة القرية، وحين خرج الأهالي من منازلهم بدأت المجزرة.

هاجم مسلحو الإرغون دير ياسين من الجنوب الشرقي، وانطلق مسلحو شتيرن من شرقها، فيما تولى مسلحو الهاغاناه قصف القرية الفلسطينية المسالمة بقذائف الهاون.

حراس دير ياسين حاولوا الدفاع عن أهاليهم وبيوتهم، وقاتلوا المهاجمين بشجاعة؛ مما أجبر المهاجمين على استدعاء تعزيزات من الهاغاناه.. رجال القرية قاتلوا بأسلحتهم البدائية إلى أن نفدت ذخيرتهم.

بطريقة بشعة ووحشية قُتِل عدد كبير من سكان دير ياسين، وتم تفجير منازل القرية بالديناميت، وألقيت الجثث في الآبار.

ضابط في استخبارات البلماح "الوكالة اليهودية"، يدعى مئير سطل، كان قد كلف من قِبَل قيادة الهاغاناه بمراقبة العملية وكتابة تقرير عنها؛ أفاد بأن المجزرة "التي نفذها الإرغون وشتيرن"، كانت عشوائية ولم يسلم منها أحد.

وأعلن الصهاينة أنهم قتلوا في دير ياسين 245 عربيًّا، وتناقلت وسائل الإعلام هذه الحصيلة؛ فيما أكدت مصادر حديثة أن المجزرة أسفر عنها مقتل حوالى 120 من الرجال والنساء والأطفال، وأن القتلة بالغوا في عدد الضحايا لنشر الرعب بين الفلسطينيين ودفعهم إلى الرحيل عن بيوتهم وقراهم.

ضابط الهاغاناه السابق، العقيد مئير باعل، ذكر في حوار مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" نُشر بتاريخ 4 أبريل 1972، وكان ذلك بعد تقاعده من الجيش الإسرائيلي؛ أن رجال الإرغون وشتيرن خرجوا من مخابئهم في مرحلة من الهجوم، وشرعوا في "تنظيف المنازل"؛ أطلقوا النار على كل من رأوه، من بينهم نساء وأطفال، ولم يحاول القادة وقف المجزرة.. ناشدت القائد أن يأمر رجاله بوقف إطلاق النار؛ لكن دون جدوى.. في غضون ذلك تم تحميل 25 عربيًّا على شاحنة ونُقِلوا عبر ماهن يهودا وزخرون يوسف. في نهاية الرحلة، تم نقلهم إلى المحجر بين دير ياسين وجفعات شاؤول، وقُتِلوا بدم بارد".

تلك الوحشية التي فاقت كل الحدود في دير ياسين، كان الهدف منها إجبار سكان القرى الفلسطينية الأخرى على النجاة بحياتهم والفرار بعيدًا خوفًا من مصير مماثل؛ فالعصابات المسلحة الصهيونية انتقلت بعد دير ياسين من قرية إلى أخرى وهي تأمر سكانها الفلسطينيين بأن يغادروا "أو يلاقوا مصير دير ياسين".

يظهر هذا الأمر بجلاء في كتاب مناحيم بيغن "الثورة". القيادي الصهيوني الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء كتب يقول: "ساعدتنا مذبحة دير ياسين، مع مثيلات أخرى، على تطهير أراضٍ من 650 ألف عربي. لو لم تكن هناك هذه المعركة؛ لما كانت هناك إسرائيل".