العالم - سوريا
وفيما أطلقت هذه الدعوات عدةُ جهات من بينها جهات موالية لحكومة دمشق، اعتبر مراقبون أن في ذلك محاولة من تلك الحكومة لـ«تغليف عجزها عن الرد الرسمي تجاه تصريحات نتنياهو، بالردود الشعبية»، معتبرين أن هذا الأمر «غير كافٍ، وما يجري يستوجب ردوداً من قِبل الحكومة المنشغلة بتثبيت أركان وجودها على حساب القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها ملف التوغل الإسرائيلي».
وفيما عاد نتنياهو إلى استخدام ورقة «حماية» الأقلية الدرزية في سوريا، قائلاً إنه «لن يتسامح مع أي تهديد» للطائفة، فقد فتح هذا الأمر الباب على مصراعيه أمام توغّل إسرائيلي جديد في الجنوب السوري تحت ذريعة «الحماية» المزعومة.
اقرأ ايضا:
الاحتلال يتوغل داخل الأراضي السورية ويتحدث عن وجود دائم
وفي هذا السياق، ترى مصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «العدو قد يشرع في عملية برية واسعة في الداخل السوري، تستهدف أبعد ما يسمّيه بالمنطقة العازلة، وقد تصل إلى جنوب العاصمة».
وتؤكد مصادر عشائرية في التجمعات السكانية الكبيرة في الجنوب الدمشقي، من مثل قطنا وسعسع وخان الشيح، أن تواجد قوات «الأمن العام» التابع لحكومة دمشق، لا يزيد عن بضع عشرات في البلدات الثلاث، وسط انعدام وجودها في القرى ذات الغالبية الدرزية في المناطق السهلية، من مثل مغر المير والمقروصة وحرفا، بالإضافة إلى ندرة وجودها في قرى جبل الشيخ، من مثل عرنة وقلعة جندل.
وإزاء ذلك، يرى مراقبون أن دمشق بوضعها الحالي «لا تبدو قابلة لـ»مغامرة» الدخول في أي مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، لسببين: الأول، خشيةً من رد الفعل الدولي، والغربي تحديداً، وخصوصاً من قبل واشنطن، والثاني يرتبط بالمخاوف الأمنية لدى رئيس الفترة الانتقالية، أحمد الشرع، من خلق فراغ أمني في أي منطقة سيسحب منها قوات للدخول في مواجهة مع كيان "إسرائيل"، كون ذلك يتيح الفرصة لتشكل قوى عسكرية مقاومة لوجوده، وخاصة بعد المجازر التي وقعت على أساس طائفي في حمص وحماة ومناطق الساحل السوري».
وبالتالي، فإنه في ظل وجود «نظام دمشق الحالي الذي يقدّم تثبيت سلطته على أي اعتبار آخر، سيكون الجنوب أمام احتمالات خطرة، في ظل ما يُعد فرصة تاريخية في حسابات قادة تل أبيب للتوسع في الداخل السوري».
اقرأ وشاهد أيضا:
تل ابيب تقرر توسيع الاستيطان في الجولان وسط إدانات دولية
وفي وقت تتزامن فيه تصريحات العدو، مع محاولات اختراق الجنوب عسكرياً، من بوابة الاحتياجات الإنسانية - في محاولة لإغراء السكان بتقبّل الوجود الإسرائيلي -، نقلت «هيئة البث» الإسرائيلية، عن مصادر أمنية، قولها إن «المؤسسة الأمنية تستعد لاستقبال عمال من سوريا في بلدات في الجولان»، لافتة إلى أنه «سيتم أولاً إدخال عشرات السوريين للعمل في البناء والزراعة في قرى درزية في الجولان».
وفي السياق نفسه، علمت «الأخبار»، أن ضباطاً من جيش الاحتلال تواصلوا، خلال اليومين الماضيين، هاتفياً، مع مخاتير عدد من قرى «المنطقة العازلة»، وقدّموا «وعوداً بالسماح للسوريين بالدخول إلى الجولان للعمل بأجر يصل، يومياً، إلى 350 شيكلاً (أي ما يعادل 100 دولار)، على أن يسلّم الأجر بالعملة الأميركية، مع تأمين النقل من القنيطرة إلى الداخل المحتل».
كما قدّم هؤلاء «وعوداً بإقامة نقاط طبية ميدانية ضمن المنطقة، وتقديم مساعدات في القطاع التعليمي والبنى التحتية»، وفقاً لمصادر أهلية.
وبحسب المعلومات التي قدّمها ضباط الاحتلال فإن «سوريين من قرى عدة، وخاصة المناطق الدرزية، بدأوا بالفعل العمل ضمن منشآت إسرائيلية في الجولان»، الأمر الذي يعكس توجه تل أبيب إلى اللّعب على وتر فقر سكان المنطقة لخلق حالة من قبول الوجود الإسرائيلي المستدام.
المصدر: موقع "الأخبار"