العالم - فلسطين
بدأت حكاية عابد، البالغ من العمر 36 عامًا، مع الأسر يوم 11 ديسمبر عام 2023، بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال من إحدى المدارس التابعة لوكالة الغوث في منطقة الفالوجا، خلال الاجتياح الأول لشمال قطاع غزة.
قضى الأسير المحرر أيامه منذ وصوله إلى السجن وحتى اليوم الخمسين مكبَّلًا، معصوب العينين، وفي وضعية القرفصاء، حتى أنهك جسده وخارت قواه.
يقول عابد، الأب لأربعة أبناء، لصحيفة "الرسالة" الفلسطينية: "السجن مقبرة الأحياء. عشت فترة اعتقالي متنقلًا بين الإصابة بالدمامل والجرب، وتلقي طلقات مطاطية في قدمي أثناء (القمعة)، دون أي عناية طبية أو مواد تنظيف، ولا حتى ملابس".
عاش عابد أربعينيته العام الماضي بقطعة ملابس صيفية واحدة، فنهش البرد عظامه، وخسر 30 كيلوغرامًا من وزنه بسبب سوء الطعام وقلة كمياته.
إقرأ أيضا .. انتصار الارادة الفلسطينية بتحرير الاسرى
يضيف: "كان الإفطار عبارة عن 50 غرامًا من اللبن وقطعة خبز بوزن 60 غرامًا، أما الغداء فكان يتكون من 100 غرام من الأرز، فيما تكتفي إدارة السجون بمنحنا بيضة أو ثلاث ملاعق حمص كوجبة عشاء".
كانت فترة الاعتقال الأصعب في حياة عابد، الذي يعمل مفتشًا للأغذية في وزارة الصحة، إذ أوضح أن الأسرى ذوي الأحكام العالية والقديمة أكدوا لهم أن فترة العدوان على غزة كانت الأقسى طوال فترات اعتقالهم. كما أشار إلى أن انقطاع أخبار ذويهم كان يؤرقهم، خاصة أنهم لا يعلمون مصيرهم في ظل العدوان المستمر.
ويستهجن عابد موقف الصليب الأحمر، الذي لم يزرهم ولو لمرة واحدة خلال فترة الاعتقال، ولم يعمل حتى على طمأنة ذويهم، رغم أنه مؤسسة دولية وهذا صلب عمله.
ووفقًا للأسير المحرر، فقد كانت فترة اعتقاله في سجن النقب، المعروف بـ"مسلخ الغزازوة"، حتى تاريخ الإفراج عنه في الثامن من فبراير. ونوَّه إلى أن إدارة السجون حاولت سلب أي فرحة منهم، حيث أخفت عنهم خبر الإفراج حتى اللحظات الأخيرة.
انتقل عابد من خيام سجن النقب إلى خيمة نصبتها عائلته على باب منزلهم المهدم في شمال القطاع، حاملًا معه هموم العشرات من الأسرى الذين تركهم خلف القضبان.