العالم – نساء المقاومة
ويناقش البرنامج معلمة من غزة تخبرنا في هذه الحلقة كيف يعيش الفلسطينيون كل حياتهم تحت قمع الاحتلال وكيف يتم القضاء على أطفال غزة اليوم.
لقد أنتجت فلسطين العديد من الأبطال عبر تاريخها. ومع استمرار الإبادة الجماعية، برز العديد من الأبطال الحقيقيين الآخرين.
نتعرف في هذا البرنامج على إنصاف، ابنة غزة الحقيقية التي ولدت وترعرعت في هذا القطاع الساحلي. هذه الأخصائية التربوية، أمّ لخمسة أطفال، تفعل ما في وسعها لإبقاء التعليم حيًا لمن تعلمهم، حتى في خضم الإبادة الجماعية الإسرائيلية. ولكن بعض هذه التحديات بدأت قبل الأزمة الحالية بكثير.
تقول إنصاف: "إنني من مواليد 1979، كنا متأثرين لأننا مررنا بأكثر من حرب. فمنذ طفولتنا ونحن نرى الاحتلال ونواجهه. كان الاحتلال صعبًا علينا. في كل مرحلة من مراحل حياتنا كان له تأثير علينا، سواء كان بالسلبيات أو بحالات أخرى. كل هذا التأثير كان يؤثر علينا نفسيًا وجسديًا. يعني كله كان يؤثر علينا كأطفال كثيرًا. لذلك نحن نحاول، إن شاء الله، أن يزيل ربنا هذا العناء عنا".
لم يكن السابع من أكتوبر المرة الأولى بالنسبة لها لمواجهة طبيعة الاحتلال الوحشية. فقد عاشت إنصاف وعائلتها تحت نير ظروف الاحتلال القمعية منذ عقود.
تروي انصاف قصة من طفولتها قائلة : " أذكر ونحن صغار أنه مرة حدثت قصة معي ومع إخوتي. كنا بالصدفة نلعب على السطح. فإذا بأخي يرمي حجرًا على الاحتلال. كان هناك جيب عسكري يمر. فرمى أخي الحجر عليه. فتوقف الجيب بجانب البيت وفوجئنا بشيء يخبط على البيت ويدخل. سألوا من كان فوق السطح. فقال لهم أبي إن الأولاد الصغار كانوا يلعبون. فقالوا له إن هناك من رمى علينا حجرًا. صار الشيء مخيفًا ومزعجًا حين أخذوا أخي. كان عمره تقريبًا سبع أو ثماني سنوات. صغير جدًا، أخذوه وبدأوا يضربونه. مسكوه وهو صغير ووضعوه في الجيب. وصاروا يضربونه. ونحن نقول ماذا يحدث؟ ماذا يحدث؟ فقال أبي إنه الاحتلال، أخذوا ابنه بسبب حجر. وصار أبي يجري ويطارد، لا يعرف أين سيأخذون ابنه. فصار يستنجد بحقوق الإنسان ويبحث عنه. وبعد السؤال والبحث، وجدنا أخي في مركز في ناتساريم، وهو معتقل كان يحتجزون فيه الأطفال. فتوجه والدي إلى هذا المكان مع منظمات حقوق الإنسان واستعادوا أخي".
وتضيف: "والله، واجهنا الكثير مع الاحتلال. صحيح أننا كبرنا، لكن المعاناة استمرت. أنا اعتبر نفسي من جيل الانتفاضة الثانية. وحتى تزوجت وأنا أعاني. كل سنة يحدث شيء. تجد الاحتلال يقتحم بيتك. مرة يعتقل أخاك، مرة صديقك، مرة أقاربك. تجدهم جميعًا تحت سيطرة الاحتلال في كل مكان. من كثرة ما يعاني الإنسان نفسيًا، لا يستطيع التعبير أكثر من ذلك".
لقد جعل الاحتلال وقيوده تلقي التعليم لإنصاف وغيرها من الفلسطينيين في غزة أمرًا في غاية الصعوبة. تقول: "أنا درست في مدرسة رامز فاخرة في غزة، في حي الشجاعية. بعد أن أنهيت الدراسة الثانوية، توجهت إلى الجامعة الإسلامية. درست تربية إسلامية وعربية. وبعدها توجهت لجامعة القدس المفتوحة ودرست دبلوم لغة عربية. ودرست أيضًا تأهيلًا تربويًا. وطبعًا كانت أموري كلها جيدة، رغم أنني كنت أواجه صعوبات، خاصة في الذهاب والعودة من الجامعات بسبب الاحتلال. كان الاحتلال كثيرًا ما يغلق المناطق، وهذا كان يؤثر علينا. لكننا كنا نتجاوز هذه الصعوبات من أجل العلم والمعرفة".
وتضيف انصاف : "الحمد لله، كانت الأمور طيبة. كانت علاقاتي مع أصدقائي، خاصة في الثانوية، رائعة جدًا. حتى عندما التحقت بالجامعة الإسلامية، كان هناك صديقات وأشخاص رائعون. حتى المدرسون والدكاترة كانوا محترمين جدًا ومتفهمين للظروف التي نواجهها. حتى عندما كان هناك تأخير في الدراسة، كانوا يراعون هذه الظروف".
شاهد أيضا.. ايمان؛ أم فلسطينية ترقد جنب اطفالها: "فلنموت معاً"!
وقالت :"طبعًا، تزوجت وأنا أدرس في الجامعة الإسلامية. كنت أواجه صعوبة كبيرة في التعليم لأن الاحتلال كان يغلق المناطق. كنت أبتعد عن نتساريم لساعات من أجل أن أكمل دراستي، أو أبيت عند أهل في غزة لكي أذهب إلى الجامعة. فكنت أواجه صعوبات كثيرة أيام الجامعة والثانوية العامة بسبب الاحتلال".
كان العثور على عمل بعد التخرج يمثل تحديًا لإنصاف، كما هو حال العديد من الفلسطينيين. ولكن إصرارها على تعليم الجيل القادم أتى بثماره. تقول: "بعدما أنهيت الجامعة، توجهت لمجالات كثيرة. سجلت في أكثر من مكان مع الوكالة ومع وزارة التربية والتعليم، لكن لم يحالفني الحظ. فاضطررت للعمل في رياض الأطفال. عملت لمدة تقارب خمس سنوات في الرياض، وتعاملت مع تأسيس الأطفال سواء في البستان أو التمهيدي. بعد ذلك، عملت مع مركز رواد الأمل كمدرسة للغة العربية من الصف الأول إلى الصف الثالث".
بعد السابع من أكتوبر، أصبح التعليم متاحًا فقط للدروس الأساسية. تشرح إنصاف: "التعليم كان سابقًا يشمل كل المجالات. كان الطفل يخرج من بيته ويدرس جميع المواد، سواء كانت المواد الأساسية أو الثانوية. المواد الأساسية كاللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات، والمواد الثانوية كالعلوم والدين والرسم والمواد الاجتماعية. كل هذه كان يأخذها الطفل قبل الحرب. لكن حاليًا، الطفل لا يأخذ إلا ثلاث مواد أساسية وهي اللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات فقط، وباقي المواد مهمشة بالنسبة للطفل".
التفاصيل في الفيديو المرفق ...