وتحمل هذه الخطوة أبعاداً تتجاوز مجرد “إعادة الهيكلة”. ووفقاً لمصادر مطلعة، فقد أبلغ البيت الأبيض الكونغرس بنيته خفض أعداد العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ووكالات أخرى، من بينها وكالة الأمن القومي، ضمن خطة تمتد لسنوات.
الخطة تتضمن تقليص نحو 1200 وظيفة في الـCIA تدريجياً، إلى جانب خفض أوسع في وكالات استخباراتية أخرى. ورغم ما توحي به الأرقام من تسريحات شاملة، فإن المسؤولين يؤكدون أن التغيير سيكون تدريجياً، عبر وقف التوظيف الطبيعي وتقاعد مبكر اختاره المئات طوعاً.
مدير الاستخبارات المركزية آنذاك، جون راتكليف، برر الخطوة بأنها جزء من “ضخ طاقة متجددة” في جسد الوكالة، وإتاحة المجال لقيادات جديدة، مؤكداً أن الأولوية هي التوافق مع أجندة ترامب للأمن القومي.
وأضاف في بيان رسمي أن هذه الخطوات تهدف إلى تحسين الأداء وتوسيع قدرة الوكالة على جمع وتحليل المعلومات بفعالية.
وفيما أكدت الوكالة استمرارها في تقديم تحليلات “موضوعية ومتعددة المصادر”، شدد راتكليف أمام الكونغرس على ضرورة حماية التقييمات الاستخباراتية من أي تحيّز سياسي.
أما مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، التي تشرف على تنسيق أعمال 18 وكالة، فقد رفض التعليق. وهو صمت يطرح تساؤلات حول الموقف الداخلي تجاه هذه التغييرات الجذرية.
تأتي الخطوة ضمن سياسة ترامب الأشمل لخفض حجم الحكومة الفدرالية، حيث كانت الاستخبارات من أوائل الأجهزة التي طبقت برنامج التسريح الطوعي، في مسعى لتقليص الإنفاق وتحقيق كفاءة حكومية أكبر. لكن يبقى السؤال: هل تعني هذه التغييرات تعزيزاً للأداء أم إضعافاً لقدرات الاستخبارات الأميركية؟
إقرأ أيضا| شاهد: خطوة ترامب المثيرة للدخول في السباق نحو البابوية
ويأتي هذا التفكيك التدريجي للأجهزة الاستخباراتية وسط جهود يقودها الملياردير إيلون ماسك لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، فيما اعتبره مراقبون بداية لمرحلة جديدة من الصراع داخل أروقة السلطة الأمريكية، تضع مؤسسة الأمن القومي في مواجهة غير مسبوقة مع الإدارة السياسية.
وتعكس هذه التطورات تصدّعا في قلب منظومة الهيمنة الأمريكية، وتؤشر إلى انكشاف داخلي قد يُضعف قدرة واشنطن على فرض سطوتها الأمنية المتوهمة على الساحة الدولية، في ظل تعاظم التحديات الخارجية وتراجع الثقة الداخلية بالمؤسسات الأمنية.