لعبة تقسيم الادوار بين ترامب ورئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تنطلي على ايران، فترامب وتكراره، في تصريحاته العديدة، عن محاولاته الحثيثة لثني نتنياهو عن ضرب المنشات النووية الايرانية، والسماح له بامتحان الدبلوماسية مع ايران، وفي حال فشلت الدبلوماسية عندها ليفعل نتنياهو ما يشاء، بل انه سيساعده بالهجوم على ايران، ولسان حاله يقول أن على ايران ان تتنازل عن حققها بتخصيب اليورانيوم واﻻ ساطلق عليها كلبي الشرس، لم تعد تنطلي على أحد.
اللافت إن تصريحات ترامب التهديدية ضد ايران، التي عليها أن تصل معه إلى اتفاق، لانه كما يريد أن يسوق نسفه، ليس له نفس طويل ولا يتحمل المفاوضات المعمقة والمعقدة، وعلى ايران أن تصل معه إلى اتفاق والا!. وكذلك التهديدات الاسرائيلية شبه اليومية لايران، قد تجاوزت كل حدود البلاهة والعته والغباء، ويبدون أن قوة الردع الايرانية، وموقفها القانوني القوي، ودبلوماسيتها النشطة والذكية، وقبل كل هذا وذاك قيادتها السياسية والعسكرية الشجاعة، هي التي جعلت الثنائي ترامب ونتنياهو يتخبطان بهذا الشكل المضحك والبائس.
بعد مسرحيات ترامب الباهتة عن توتر علاقته مع نتنياهو بسبب ايران، وانه يفضل الدبلوماسية فعلا، بينما الثاني يفضل الانتقال إلى الحل العسكري مباشرة، خرج علينا قائد عسكري في كيان الاحتلال، ليخرج من طور التهديد العام إلى طور الكشف عن تفاصيل الهجوم الاسرائيلي على ايران وبدقة متناهية رغم أنها خطط عسكرية يجب أن تكون سرية.
الجنرال احتياط تامير هيمان، قائد شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في جيش الاحتلال قال في مقالٍ نشره اليوم السبت على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبري، إن الهجوم الإسرائيلي ضد إيران يهدف إلى القضاء كليا على المنشآت النووية المعروفة للكيان، بالإضافة إلى تدمير قدرات الجيش الإيراني، بشكلٍ يسمح لـ"إسرائيل" الاستعداد لمواصلة المعركة التي ستتواصل حتما بعد الهجوم الإسرائيلي. وشدد الجنرال هايمان على أنه من بعد الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، سيقوم سلاح الجو الإسرائيلي بمهاجمة المنشآت الأخرى المرتبطة بتطوير الأسلحة النووية المنتشرة في جميع الأراضي الايرانية، مركدا على أن الحديث يدور عن حرب ضد إيران والتي لم تشهدها "إسرائيل" من ذي قبل، على حد تعبيره.
واختتم الجنرال الإسرائيلي مقاله بالتأكيد على أنه في نهاية المطاف فإن الحرب ضد إيران لا تشكل بأي شكل من الأشكال نهاية الصراع، ولن تكون الحرب الأخيرة التي تهدد كيان الاحتلال، ولكنها معركة حيوية من أجل إزالة التهديد الوجودي الذي تشكله ايران الإسلاميّة، ويجب اللجوء إليها في حال انسداد الطرق الأخرى، ومنها التوصل لاتفاق نووي يرضي صناع القرار في تل أبيب، مشددا على أنه يتحتم على "إسرائيل" إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن وعدم الانجرار إلى حرب استنزاف ضد إيران، على حد تعبيره.
رغم أن اغلب المحللين السياسيين يرون في هذه المسرحيات الأمريكية الاسرائيلية سيئة الاخراج، محاولات مفضوحة للضغط على ايران، الا أن الاخيرة ورغم انخراطها في مفاوضات غير مباشرة مع أمريكا، الا أنها تضع في الوقت نفسه اصبعها على الزناد للرد على أي حماقة أمريكية أو اسرائيلية.
كل هذا الضجيج الأمريكي ألاسرائيلي يهدف إلى حرمان ايران من حقوقها في التخصيب، تحت ذرائع باهتة مثل سعي ايران لامتلاك سلاح نووي، او أن هناك قلق غربي اسرائيلي أزاء البرنامج النووي ألايراني، فمثل هذه الامور يمكن رفعها بطرق شتى عبر تكثيف الرقابة على المنشات النووية أﻻيرانية، كما فعلت ايران عام 2015 في الاتفاق النووي الذي انتهكته امريكا ولم تلتزم به فرنسا والمانيا وبريطانيا، وليس عبر حرمان الشعب الإيراني والأجيال القادمة من الحق الذي منحه لهم القانون الدولي، وهو حق لا جدال فيه للشعب الإيراني".
تصريحات ترامب عن قرب اتفاق نووي مع ايران، وتهديدات الكيان الاسرائيلي بشان الاستعدادات لتوجيه ضربة لها، لن تؤثر على الشعب الايراني ولا على قيادته، فحق التخصيب سيدرج في اي اتفاق، ومن غير هذا الحق لن يكون هناك اتفاق، وليقل ترامب ونتنياهو ما يحلو لهما أن يقولا، فترامب قال أنه سيوقف الحرب الروسية الاوكرانية خلال 24 ساعة، وقال نتنياهو قبل 20 عاما انه سيشن هجوما على ايران.