وخلال استقباله نواب مجلس الشورى الإسلامي، شدد سماحته على أن استقلال القرار الوطني هو حجر الزاوية في نهج إيران، وأن البرلمان يجب أن يكون صوتًا للعزّة والكرامة في مواجهة الضغوط الأجنبية.
واضاف سماحته : لا ينبغي أن يؤثر قبول الآخرين أو رفضهم في أي مكان من العالم على كلامنا، بل يجب أن يكون الالتزام بالمبادئ والمثل العليا في خطابات النواب بارزًا ودليلًا على العزيمة والحزم والإرادة الوطنية.
واكد اية الله خامنئي على السعى لنيل رضا الله، وأن نعبر عن مواقف الثورة بحزم وشجاعة، وأن نتبعها في اتخاذ القرارات، معتبرا صمود الشعب الإيراني وتحديه لتبجحات القوى الكبرى، ووجوده الحاشد في المناسبات الثورية، دليلًا على العزيمة الشعبية التي يجب أن تنعكس في مواقف النواب وتشريعاتهم.
وأضاف أن الحفاظ على اللحمة الوطنية بات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، محذرًا من تحول الاختلافات السياسية إلى صراعات ضارة، ومشددًا على ضرورة خروج صوت واحد موحد من البلاد في القضايا الأساسية.
وأشار إلى التنسيق القائم حاليًا بين رؤساء السلطات الثلاث باعتباره قاعدة مناسبة لحل مشكلات البلاد، بخلاف فترات سابقة تجاهلت التوصيات الداعية إلى حل القضايا عبر التشاور.
وفي جانب اخر من تصريحاته قال سماحته أن المجالس التشريعية في العالم متشابهة من حيث الوزن القانوني، لكنه أكد أن المعيار الرئيسي لتقييمها هو الوزن الحقيقي، أي "أهدافها واتجاه حركتها ومواقفها"، وهو ما يجعل مكانة مجلس الشورى الإسلامي فريدة من نوعها على مستوى العالم. وبالطبع، فإن استمرار هذه المكانة المشرفة وبقائها يتطلبان شروطًا وواجبات يجب على النواب الالتزام بها.
ورأى قائد الثورة أن المكانة القانونية للمجالس التشريعية متقاربة في معظم دول العالم، وتنشأ من عظمة القانون، وأضاف: القانون شرطٌ أساسي للحياة الاجتماعية الإنسانية، والقوانين التي تُسن بالعقل الجمعي ومن قِبل ممثلي الشعب المنتخبين تتمتع بمصداقية وقيمة عليا.
وأشار قائد الثورة إلى أن الوزن الحقيقي للمجالس يختلف رغم تشابه وزنها القانوني، وقال: إن مكانة مجلس "يقوم على الدين، ويتكون من أشخاص متدينين نزيهين، يركزون على العدالة ونصرة المستضعفين، ومواجهة الظالمين" تختلف جذريًا عن مكانة مجلس "يتكون من أفراد لا مبالين، يعملون على ترسيخ الظلم والتمييز الطبقي، ودعم المجرمين كقتلة غزة".
وأكد سماحته أن مجلس الشورى الإسلامي، بحسب هذا المعيار، يتمتع بمكانة فريدة، وأن منزلة نواب الشعب الإيراني المنتخبين متميزة بين برلمانات العالم. ولذلك وصفه الإمام الخميني (رضوان الله عليه) بأنه "جوهر فضائل الأمة".
وأضاف أن اتجاهات المجلس السياسية قد تختلف عبر دوراته، لكن مكانته المرموقة تبقى ثابتة، وأكد أن احترام المجلس واجب على الجميع.
كما وصف مجلس الشورى الإسلامي بأنه "مكان عبادة"، وقال: في ظل جوهره الشريف والنزيه، فإن كل فكر وعمل وجهد وتشريع فيه هو عبادة.
وشدد آية الله الخامنئي على أن هذه النقاء والمكانة الفريدة لا تستمر تلقائيًا، بل تتطلب المتابعة والانضباط، وتقع مسؤولية الحفاظ عليها على عاتق النواب.
وهنأ قائد الثورة الإسلامية، الدكتور محمد باقر قاليباف على إعادة انتخابه رئيسًا للبرلمان، محددًا ما يجب وما لا يجب فعله لصون منزلة البرلمان الحقيقية، قائلًا: ينبغي على النائب أن يرى نفسه مسؤولًا أمام الله والقانون، ويسعى لمرضاة الله وخدمة مصالح البلاد، دون الانغماس في صراعات المصالح الشخصية.
وأشار إلى تأثير كلمات النواب وأفعالهم في المجال العام، داعيًا إياهم للحذر من استغلال خطاباتهم ضد البلاد والنظام والمصالح الوطنية، وأردف: يجب أن تكون خطاباتكم من منبر البرلمان باعثة على الأمل والطمأنينة. ولحسن الحظ، فإن برلمان اليوم أقل ضجيجًا وخلافًا من السابق.
وأكد على أهمية التمسك بالعقلانية والالتزام بالمبادئ الثورية في الخطابات، قائلًا: "ينبغي أن تكون مواقف النواب نابعة من المبادئ، لا من مدى قبول الآخرين أو رفضهم في الخارج، وهذا يبرهن على العزيمة الوطنية".
وفي سياق التوصيات، اعتبر أن تزامن انطلاق أعمال المجلس الثاني عشر مع بداية الخطة التنموية السابعة فرصة سانحة لتنفيذ هذه الخطة بجدية. وأعرب عن عدم رضاه عن ضعف تنفيذ الخطط السابقة، مطالبًا بأن لا تقل نسبة إنجاز الخطة السابعة عن 90%.
وأكد أهمية مراجعة القوانين وحضور النواب الفاعل في الجلسات العامة واللجان البرلمانية، منوهًا بضرورة التعاون مع الحكومة، وعدم إشغال الوزراء بأسئلة واستدعاءات مفرطة.
وشدد على أن الرقابة البرلمانية يجب أن تستند إلى تقارير رسمية وموثوقة، وعلى أن تنصب على القضايا الجوهرية فقط.
وانتقد التعديلات المفرطة على مشروعات القوانين الاقتصادية، مما يُفقدها بنيتها، داعيًا إلى الحفاظ على الهيكل العام للموازنة، دون تجاهل حق البرلمان في إدخال تعديلات واقعية.
وفي ختام كلمته، أشار إلى أن "الثورية" لا تعني الصراخ العالي، بل تعني التوجه المبدئي نحو القيم، والحزم في التعبير عن المعتقدات الصحيحة، والابتعاد عن الأهواء الشخصية، مؤكدًا أن الرد الحازم على التصريحات الاتهامية ضد الجمهورية الإسلامية واجبٌ على النواب، ونموذج من نماذج السلوك الثوري.