جوا الصندوق..

جواسيس طهران في قلب"إسرائيل".. إختراق أمني يهزّ الشاباك!

السبت ١٢ يوليو ٢٠٢٥
٠٤:٥١ بتوقيت غرينتش
في هذه الحلقة من برنامج"جوا الصندوق"، نكشف ملف"جواسيس إيران الإسرائيليين"؛ وهي ظاهرة حذّر منها مسؤولون إسرائيليون، بينهم شالوم بن حنان، المسؤول السابق في الشاباك، الذي وصف تزايد المتعاونين مع إيران بأنه من أخطر التحديات الأمنية في السنوات الأخيرةمشيرا إلى أن هذه الظاهرة تُعدّ من أخطر محاولات الاختراق الأمني التي شهدتها "إسرائيل"خلال العقود الماضية.

قضية وزيرٍ إسرائيلي سابق يقبع في السجن الاسرائيلي بتهمة التجسس

كما سلّط البرنامج الضوء على قضية وزيرٍ إسرائيلي سابق يقبع في السجن الاسرائيلي بتهمة التجسس لصالح دولة معادية، ولو كان هذا الخبر يخص وزيرًا في دولة تُعادي "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، لكان قد تصدّر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي ليلًا ونهارًا، ولعرف الجميع اسمه وقصته وتفاصيل تجنيده والمهام التي كُلّف بها.

لكن بما أن هذا الوزير هو إسرائيلي أُدين بالتجسس لصالح المخابرات الإيرانية، فإن اسمه يُحجب، وتفاصيل قضيته تكاد لا تُعرف، وكأن شيئًا لم يكن.

دائمًا هناك من يسعى لإقناعنا بأن مشكلاتنا لا علاقة لها بمنظومة الهيمنة التي تنهب ثرواتنا وتُمسك بقرارنا السياسي منذ أكثر من قرن، وتمنعنا من بناء استقلالنا وقوتنا. هذه المنظومة تساند أنظمة سياسية وثقافية واقتصادية ومالية تابعة، وتوظّفها لإدامة سيطرتها علينا.

وفي ظل الإعلام المهيمن والثقافة السائدة، نادرًا ما يُقال إن المشكلة الحقيقية تكمن في أننا لم نواجه منظومة الهيمنة، أو لم نواجهها كما يجب. بل يُكرَّس الخطاب الذي يقول إن مشكلتنا محصورة في ذواتنا، في ما يُسمّى "تخلّفنا"، وكأن لا وجود لقوى خارجية تخلق الشروط لبقائنا في هذه الحالة.

في مقابل التنظير المستمر حول تخلّفنا وضعفنا، اعتدنا على مدى عقود أن نسمع عن "الإنجازات الاستخبارية" التي تحققها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، سواء كان ذلك عبر جهاز الموساد، أو الاستخبارات العسكرية، أو الشاباك، أو حتى وحدات النخبة في الشرطة الإسرائيلية.

*الدعم الغربي اللا محدود لأجهزة الإستخبارات الإسرائيلية

كثير من العمليات التي تنفذها هذه الأجهزة تدل بالفعل على مستوى عالٍ من الاحتراف، وعلى توفر موارد هائلة مخصصة للعمل الاستخباري، فضلاً عن وجود دعم غربي غير محدود للاستخبارات الإسرائيلية، سواء على المستوى العملي أو التقني أو المعلوماتي، وفي مختلف الجوانب.

السردية التي يجري العمل عليها باستمرار، والتي تُروَّج بوعي، هي أن الاستخبارات الإسرائيلية قوة خارقة لا يمكن مواجهتها أو التصدي لها. هذه السردية تهدف إلى ترسيخ قناعة جماعية بأن "إسرائيل" لا يمكن الوقوف في وجهها، لأن أجهزتها الاستخبارية قادرة على كشف كل شيء والقضاء على كل من يعارضها.

ويُراد من هذه السردية أيضاً أن نؤمن – ولو من دون وعي – بأن من المستحيل إخفاء أي معلومة عن أعين الاستخبارات الإسرائيلية، وبالتالي فإن أي جهة معادية لكيان الاحتلال لا يمكن أن تحقق أي إنجاز يُذكر في مواجهته.

الإعلام اللبناني وقصة تجاهله القبض على جواسيس الموساد

في لبنان، نعاني من تعاطٍ سطحي وخفيف مع ملف التجسس الإسرائيلي، ليس فقط على المستوى الرسمي، بل أيضًا على المستوى الإعلامي. فالإعلام غالبًا ما يتجاهل توقيف عشرات الجواسيس الذين جندتهم الاستخبارات الإسرائيلية، لدرجة أن ثلاث وسائل إعلامية فقط تتابع هذا الملف بشكل جاد منذ عام 2022.

وفجأة، في عام 2025، تنشط غالبية وسائل الإعلام التابعة لأنظمة التطبيع، بالإضافة إلى بعض الوسائل اللبنانية المرتبطة بها، في الترويج لأخبار كاذبة حول توقيف لبنانيين بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل". وتُبالغ هذه الوسائل في نشر تفاصيل مزعومة عن توقيف شاب لبناني، لتصوّره كحدث ضخم ومفصلي.

الهدف هنا ليس الدفاع عن الأمن الوطني، بل تسجيل نقاط سياسية ضد الجهة التي تُعتبر رأس الحربة في مواجهة "إسرائيل" داخل لبنان. فالإعلام المروّج لهذه الأخبار يسعى إلى ترسيخ فكرة أن هذه الجهة الأمنية أو السياسية "مخترقة"، بهدف تقويض ثقة الجمهور بها.

شاهد أيضا.. من هو "بدرام مدني" الجاسوس الذی تم اعدامه الیوم بطهران؟

في المقابل، نلاحظ تجاهلًا إعلاميًا شبه تام لظاهرة موجودة داخل مجتمع المستوطنين الصهاينة في كيان الاحتلال الإسرائيلي، وهي ظاهرة تجنيد مواطنين إسرائيليين للعمل لصالح أجهزة استخبارات معادية، وعلى رأسها إيران.

الإعلام الإسرائيلي نفسه لا يتناول هذه الظاهرة بحرية، بل يخضع لرقابة عسكرية مشددة تمنع نشر أي معلومات حول قضايا التجسس داخل الكيان، إلا ما تسمح به السلطات الأمنية والقضائية والسياسية. وتُنسّق الرقابة العسكرية مع القضاء والأجهزة الأمنية للحفاظ على صورة "نظيفة" لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وضمان عدم اهتزاز الثقة بها.

هذا الحرص الشديد يؤدي في كثير من الأحيان إلى عقد صفقات بين النيابة العامة والموقوفين، لتجنّب تسريب معلومات استخبارية حساسة خلال جلسات المحاكمة.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الوزير الإسرائيلي السابق غونين سيجيف، بطل حلقتنا اليوم، الذي لا يزال معتقلًا منذ عام 2018 بعد إدانته بالتجسس لصالح الاستخبارات الإيرانية. وتُعدّ قضيته من أخطر قضايا التجسس في تاريخ الكيان.

غونين سيجيف، الذي شغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في تسعينيات القرن الماضي، خرج من الحياة السياسية ثم أُوقف عام 2004 بتهمة تهريب المخدرات. وبعد إطلاق سراحه عام 2007، غادر إلى نيجيريا، وهناك – وفقًا لما أعلنه جهاز الشاباك – تم تجنيده من قِبل الاستخبارات الإيرانية.

*قصةغونين سيغيف: الوزير الاسرائيلي السابق وجاسوس إيران

بدأ غونين سيغيف نشاطه التجسسي نحو عام 2012، عندما بدأ تواصله مع الاستخبارات الإيرانية. وكما تفعل الاستخبارات الإسرائيلية عند تجنيد جواسيس من مجتمعاتنا بنقلهم إلى داخل فلسطين المحتلة لإخضاعهم لتدريبات واختبارات أمنية، قامت الاستخبارات الإيرانية بنقل الوزير الإسرائيلي السابق إلى داخل إيران باستخدام وثائق سفر مزورة، حيث خضع هناك لتدريب على أجهزة اتصال مشفّرة وبرمجيات استخباراتية.

شاهد أيضا.. إعدام جاسوس الموساد "مجيد مسيبي" + صورة

على مدى ما لا يقل عن سبع سنوات، عمل سيغيف – الذي شغل سابقًا منصب وزير الطاقة وعضوًا في الكنيست – جاسوسًا لصالح إيران. وقد اعترف بعد اعتقاله بأنه زوّد الإيرانيين بمعلومات حساسة، من بينها تفاصيل عن قطاع الطاقة، ومواقع أمنية، ومسؤولين في المؤسسات السياسية والأمنية في كيان الاحتلال.

وبصفته وزيرًا سابقًا للطاقة، كان لسيغيف اطلاع واسع على البنية التحتية الحيوية للكيان، كما امتلك معلومات لا تفقد أهميتها مع مرور الوقت. وقد حاول، ضمن مهماته، ربط مشغليه الإيرانيين بشخصيات إسرائيلية بارزة تنشط في مجالات الدفاع والدبلوماسية، تحت غطاء علاقات تجارية.

ومن المهم التوقف عند الأسلوب الذي اتبعته الاستخبارات الإيرانية في هذه العملية. ووفقًا للمعلومات القليلة التي سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشرها، فقد أنشأت الاستخبارات الإيرانية شركة وهمية في نيجيريا تعمل في قطاع النفط، وكانت تلك الشركة بمثابة "المصيدة" التي أُدير من خلالها تجنيد سيغيف.

إيران تردّ بالمثل في مجال الاستخبارات

كما تعمل "إسرائيل" على تجنيد عملاء داخل مجتمعاتنا، قامت إيران بتجنيد عملاء داخل الكيان، وأبرزهم الوزير الإسرائيلي السابق غونين سيغيف.

في أيار/مايو 2018، أوقف جهاز الشاباك سيغيف، وبدأ التحقيق معه. وفي حزيران/يونيو من العام نفسه، وُجّهت إليه لائحة اتهام تشمل "التجسس ومساعدة العدو في وقت الحرب"، أي مساعدة إيران خلال فترة الصراع بينها وبين" إسرائيل".

اعتقال ومقتل 52 جاسوسًا للموساد في سيستان وبلوشستان

سرعان ما فرضت الرقابة العسكرية أوامر حظر نشر على معظم تفاصيل القضية، ولكن ما سُرّب منها إلى الإعلام أحدث صدمة في الرأي العام الإسرائيلي. إذ لم يكن من المتصوَّر أن يخون وزير سابق ونائب في الكنيست – يهودي صهيوني – دولته لصالح عدوها اللدود.

وفي كانون الثاني/يناير 2019، توصّلت النيابة العامة إلى صفقة مع سيغيف، اعترف فيها بالتجسس مقابل إسقاط تهمة "الخيانة" عنه. وحُكم عليه بالسجن 11 عامًا.

رغم القيود الصارمة على النشر، أثارت القضية قلقًا كبيرًا داخل كيان الاحتلال. وقد وصف ضابط كبير في الشاباك القضية بأنها "خرق جسيم للأمن القومي"، نظرًا لأن سيغيف كان يتمتع سابقًا بحق الوصول إلى معلومات سرية بصفته عضوًا في لجنة المال في الكنيست ووزيرًا للطاقة.

صحيفة "جيروزاليم بوست" لفتت إلى المفارقة بأن الكنيست – آخر مكان قد يُتخيّل أن يحتوي على جواسيس – أصبح هدفًا ناجحًا للاستخبارات الإيرانية، التي تمكّنت من تجنيد وزير سابق.

أهمية قضية سيغيف

تكمن الأهمية القصوى لقضية غونين سيغيف في عدة أبعاد. ليس فقط لأنه كان وزيرًا ونائبًا سابقًا، ولا فقط بسبب المعلومات الخطيرة التي نقلها على مدى سنوات، بل لأنها فجّرت سؤالًا ظلّ يتردّد طويلًا في الأوساط العربية:

لماذا لا يظهر في المجتمع الإسرائيلي الصهيوني من يخون "إسرائيل" كما يظهر في مجتمعاتنا من يخون بلاده لصالح الاحتلال؟

ففي حين اعتقل الشاباك فلسطينيين وجنّدهم في بعض الحالات، وسبق أن اعتقل يهودًا مناهضين للصهيونية أو من أصول إيرانية بتهم تجسس لصالح طهران، فإن قضية سيغيف شكلت سابقة غير مسبوقة: يهودي صهيوني، وزير ونائب سابق، يتجسس لصالح "العدو الإيراني"، من دون أي صلة سابقة بإيران.


قضية الفلسطيني أمير مخول الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية!

قبل سيغيف، ظهرت حالات اعتقال أفراد يحملون الجنسية الإسرائيلية بتهمة التجسس لصالح أعداء إيران ولصالح إيران أحياناً. كانت إحدى القضايا البارزة هي قضية أمير مخول، وهو عربي فلسطيني من الذين يُعرفون بعرب 48، أي الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وهم عرب فلسطينيون، ولكنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية.

كان أمير مخول ناشطاً فيما يُسمى المجتمع العربي تحديداً في مدينة حيفا، واعتقله الشاباك سنة 2010 بتهمة التجسس لصالح حزب الله اللبناني. اعترف مخول، على حد زعم النظام الإسرائيلي، بأنه نفذ أنشطة تجسسية لحساب الحزب أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 2006، وحكمت محكمة حيفا على مخول بالسجن مدة تسع سنوات.

استخدم الإعلام الإسرائيلي قضية أمير مخول ليؤكد أن إيران ووكلاءها، على حد تعبيرهم، يعملون لتجنيد عرب في إسرائيل. كانت هذه الدعاية مفيدة للصهاينة في إطار تعاملهم الفوقي والعنصري مع العرب في الأراضي المحتلة منذ 1948 بصفتهم مواطنين درجة خامسة أو عاشرة في قلب الكيان الإسرائيلي. كما كان الحديث عن قضية مخول جزءاً من الدعاية التي تقول إنه لا يمكن ليهودي أن يخون "إسرائيل" في هذه المرحلة.

قضية العقيد في جيش الاحتلال عمر الهاب!

كان الإعلام الإسرائيلي مثلاً يتجاهل قضية العقيد في جيش الاحتلال عمر الهاب، وهو بدوي من النقب. تتعامل "إسرائيل" مع البدو بصفتهم طائفة مستقلة وتجندهم في صفوف الجيش الإسرائيلي كطائفة مستقلة عن سائر الفلسطينيين داخل 48. كان عمر الهاب يوصف بأنه ضابط مخلص للجيش الإسرائيلي، وكان يتولى مسؤوليات مهمة في جيش الاحتلال، وكان في صور تجمعه مع مسؤولين إسرائيليين كبار منهم ضمن المستوى السياسي.

شاهد أيضا.. تغلغل الموساد في أفريقيا.. الأسباب والمراحل

اعتُقل عمر الهاب سنة 2002، وحكمت عليه المحكمة بالسجن مدة 15 سنة بعد اعترافه بأنه سلم الحزب معلومات تفصيلية عن الجيش الإسرائيلي ومواقع انتشاره وهيكلياته وعن ضباطه وغيرها من المعلومات الاستخبارية. ولكن قضية عمر الهاب تم طمسها لأنه ليس في مصلحة الصهاينة أن يشككوا في ولاء البدو لكيان الاحتلال.

على الهامش، قضية أمير مخول وقضية عمر الهاب ليس لهما علاقة بظاهرة جواسيس إيران في إسرائيل، بل هما من الذين اتهمتهما السلطات الإسرائيلية بالتجسس لحساب حزب الله اللبناني. وبرغم أن الحالتين لا يشبهان بعضهما لأن أمير مخول مناضل فلسطيني بمقابل عمر الهاب الضابط المخلص للجيش الإسرائيلي ضد أبناء شعبه، ولكن ذكرناهما للحديث عن تعامل الإعلام العبري والنظام الإسرائيلي مع كل حالة من هذه الحالات.

لاحقاً في سنة 2013 كُشفت قضية أخرى تناولت نوعاً مختلفاً تماماً من الجواسيس، هو يتسحاق برغل، وهو مواطن إسرائيلي يهودي ينتمي إلى طائفة ناتوري كارتا.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...

0% ...

آخرالاخبار

انتحار ضابط بجيش الاحتلال بعد مشاركته حرب غزة


في زيارة دولة.. بوتين يصل قصر دلهي الرئاسي بالهند


'أسوشييتد برس': انهيار البحرية الأمريكية أمام العمليات اليمنية


تواصل الخروقات والقصف الإسرائيلي على غزة


الاحتلال يرتكب 7066 انتهاكا بحق فلسطينيي الضفة والقدس في نوفمبر


قتلى وجرحى باشتباكات مسلحة غرب طرابلس في ليبيا


قبائل جبل راس والعدين ومقبنة في الحديدة تُعلن النفير العام


العراق:جدل سياسي بعد إدراج حزب الله وأنصار الله على قائمة الإرهاب


تفكيك خلية ارهابية غرب العاصمة طهران


البحرية الأمريكية تؤكد انضمام مدمرة إلى قواتها في منطقة البحر الكاريبي