ورغم الكلفة البشرية الهائلة التي تكبدها الفلسطينيون، خاصة في قطاع غزة، تشير التقديرات والمواقف إلى فشل استراتيجي متعدد الأوجه للكيان الإسرائيلي، بدءا من الميدان العسكري مرورا بالأزمة الاقتصادية، ووصولا إلى العزلة السياسية الدولية.
خسائر غير مسبوقة للجيش الإسرائيلي
فشل جيش الاحتلال المدعوم غربيا، بعد أكثر من 600 يوم، في حسم المعركة ضد المقاومة الفلسطينية، رغم تسخير ترسانته الحديثة، بما فيها دبابات ميركافا والطائرات المسيرة.
وقد تعرضت مئات المركبات العسكرية الإسرائيلية للتدمير أو الإعطاب خلال كمائن محكمة نفذتها المقاومة بأسلحة بسيطة نسبيا، ما شكل إحراجا بالغا لقيادة الجيش.
انهيار اقتصادي وتراجع التصنيف الائتماني
أثرت حرب الإحتلال الهمجي سلبا على مختلف قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي؛ حيث أُغلقت آلاف الشركات، وانكمش قطاع السياحة، وتراجعت البورصة بشكل حاد.
كما خفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" لأول مرة منذ عقود، في ضوء التآكل العسكري والضغوط السياسية والاجتماعية المتفاقمة.
عزلة دولية واتهامات بارتكاب جرائم حرب
تضررت صورة "إسرائيل" دوليا بشكل غير مسبوق، رغم الدعم الإعلامي الغربي المكثف.
وارتفعت وتيرة المقاطعة الشعبية والثقافية والأكاديمية، وصولا إلى مطالبة بعض الحكومات الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، في ظل مذكرات اعتقال دولية صدرت بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
فشل في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية
رغم التصعيد المكثف وارتكاب مجازر راح ضحيتها نحو 55 ألف مدني فلسطيني، بحسب تقديرات حقوقية، لم يحقق الاحتلال هدفه المعلن بالقضاء على "حماس" أو استعادة الأسرى الإسرائيليين. ولا تزال المقاومة تنفذ عمليات مؤثرة على الأرض، بينما يعجز الجيش عن فرض سيطرته الكاملة.
وتعاظمت حدة الانقسام السياسي داخل "إسرائيل" على خلفية حربها على غزة وسكانها الفلسطينيين، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بأنها تضع مصلحتها الحزبية فوق الأمن القومي.
وأدى ذلك إلى تصدع الجبهة الداخلية وتراجع الثقة بالقيادة السياسية والعسكرية.
من جهة أخرى، نجحت المقاومة الفلسطينية في فرض سرديتها رغم الكلفة الباهظة.
ويرى مراقبون أن قدرة المقاومة على الصمود، والحفاظ على وجودها العسكري والسياسي، يشكل انتصارا استراتيجيا ومعنويا كبيرا، لا سيما مع اضطرار الولايات المتحدة للتفاوض غير المباشر معها.
ويؤكد محللون أن الأضرار المعنوية التي لحقت بـ"إسرائيل" ستظل عالقة لسنوات، مشيرين إلى أن المعركة باتت لا تتعلق بغزة فقط، بل بمستقبل المشروع الصهيوني برمّته، وسط تحوّل المزاج الدولي وضغط الشعوب على الحكومات الغربية لإنهاء الدعم غير المشروط للاحتلال.