وافتتح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الفرنسي جان نويل بارو المؤتمر، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الجمعية العامة فيليمون يانغ، وبمشاركة العديد من الدول، وسط غياب لافت لكل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الغاصب، في خطوة تُعد مفصلية لإحياء الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.
وأكد فيصل بن فرحان في كلمته أهمية المؤتمر في ظل الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، معتبرا أن المؤتمر يمثل "فرصة حقيقية لتفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال"، داعيا الدول المشاركة إلى الالتزام بالوثيقة السياسية التي سيصدرها المؤتمر.
وأشاد الوزير السعودي بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرا ذلك "خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
غوتيريش: هذه فرصة نادرة يجب أن تبدأ بإنهاء الاحتلال

من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الدولي بشأن حل الدولتين، أن الوضع في الأراضي الفلسطينية بات أكثر تعقيدا، خاصة في أعقاب الدمار الهائل في غزة والتوسع الاستيطاني والعنف الإسرائيلي المتصاعد في الضفة الغربية، مؤكدا أن هذا الواقع يجب أن يكون دافعا لمزيد من العمل، لا لليأس.
وقال "إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طال أمده، متحديا القانون الدولي والدبلوماسية، لكنه ليس قدرا حتميا، بل يمكن حله إذا توفرت الإرادة السياسية والقيادة الشجاعة.
غوتيريش أدان بشدة الدمار في غزة، وقتل المدنيين، وتجويع السكان، وهدم المنازل، وتهجير الفلسطينيين، واعتبر أن "الضم التدريجي للضفة الغربية غير قانوني ويجب أن يتوقف"، كما دعا إلى إنهاء جميع الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين.
وشدد على أن المؤتمر يمثل فرصة نادرة يجب ألا تضيع، بل يجب أن تكون نقطة انطلاق حقيقية نحو تسوية دائمة، تقوم على أساس دولتين مستقلتين ضمن حدود 1967.
مفوض حقوق الإنسان: إنهاء المذبحة في غزة أولوية لا تحتمل التأجيل

دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، خلال كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة، إلى ممارسة ضغوط دولية جدية على إسرائيل لإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا أن استمرار المذبحة في غزة يحوّل حل الدولتين إلى هدف بعيد المنال.
وشدد تورك على أن الدول التي لا تستخدم نفوذها للضغط على إسرائيل قد تُعد متواطئة في جرائم دولية، مضيفًا أن الوضع الإنساني في غزة والضفة الغربية يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، حيث يتعرض الفلسطينيون للقتل والتهجير، ويُجبر السكان على النزوح وسط ظروف قاسية ومأساوية.
وانتقد تورك بشدة فشل منظومة توزيع المساعدات، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، في تلبية احتياجات سكان غزة، مشيرًا إلى أن أكثر من ألف شخص قُتلوا منذ مايو أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، فيما تجاوز عدد القتلى والمصابين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر نحو 200 ألف شخص، أي نحو 10% من سكان القطاع، بينهم أكثر من 300 من العاملين في المجال الإنساني.
كما لفت إلى الانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية، من قتل، وهدم منازل، وقطع المياه، وترسيخ سياسات التمييز والقمع، مطالبًا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات ملموسة لضمان التزام إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، بواجباتها في تأمين الغذاء والاحتياجات الأساسية للسكان.
واختتم تورك بالتأكيد على إدانته لهجمات 7 أكتوبر التي نفذتها حماس، إلى جانب إدانته للدمار واسع النطاق الذي لحق بالفلسطينيين في غزة، محذرًا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وداعيًا إلى العمل الجاد لمنع الإبادة الجماعية، وفق ما تنص عليه التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية.
في المقابل، غياب الولايات المتحدة و"إسرائيل" للمؤتمر
وإدعى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بأن واشنطن تعتبر المؤتمر "هدية مجانية لحماس"، متذرعا برفض الحركة لمقترحات الصهيونية لوقف إطلاق النار.
قال المتحدث إن "الولايات المتحدة صوتت ضد عقد هذا المؤتمر في الجمعية العامة العام الماضي، وتعارض أي تحرك قد يضعف فرص التوصل إلى حل سلمي دائم"، حسب تعبيره.
ولكن الواقع هو أن الولايات المتحدة تعارض أي خطوة تتعارض مع مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني.

وتخرص المتحدث باسم بعثة "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة، جوناثان هارونوف، مهاجما المؤتمر، وقال "لن نشارك في مؤتمر يتجاهل قضية الرهائن ولا يدين حماس بشكل مباشر"، واصفا جدول أعمال المؤتمر بأنه "منحرف عن الأولويات الحقيقية"!!!.