الطفلة "منتهى"، البالغة من العمر ثلاثة أشهر فقط، تعاني من سوء تغذية حاد، إذ يبلغ وزنها 3.5 كغم، أي أقل من نصف الوزن الطبيعي لطفل في عمرها، كما تعاني اضطرابات معدية شديدة بعد كل محاولة للتغذية.
وتعيش منتهى وعائلتها في خيمة بدائية على شاطئ غزة بعد تهجيرهم بسبب الحرب، في حين توفيت والدتها بعد تعرضها لإصابة بطلقة نارية أثناء الحمل، ولم ترَ الطفلة قبل وفاتها.
تواجه آلاف الأطفال الرضع في غزة أزمة حادة بسبب نقص حليب الأطفال، وعجز الأمهات عن الإرضاع الطبيعي نتيجة سوء التغذية أو فقدانهن خلال النزاع المستمر.
ومع نفاد مخزونات الحليب في المستشفيات، تلجأ العائلات إلى استخدام بدائل خطيرة مثل غلي الأعشاب، طحن الخبز والسمسم، وحتى غلي أوراق الشجر وطحن الرمل، في محاولة بائسة للحفاظ على حياة أطفالهم.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، من هذه الممارسات، مؤكدة أنها تعرض حياة الرضع لخطر الاختناق وسوء التغذية وأمراض الجهاز الهضمي.
وأكد متحدث المنظمة، "سليم عويس"، أن هذه الخطوات هي انعكاس للواقع المأساوي الذي تعيشه الأسر الفلسطينية.
وفي مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، يؤكد الأطباء أن نقص الحليب الحاد أجبرهم على تغذية الأطفال بمزيجات بدائية من طحينة السمسم والماء وأعشاب طبيعية، مع قلق متزايد من الموت المحتمل للأطفال الذين يمتنعون عن الأكل لأكثر من ثلاثة أيام.
وزارة الصحة في غزة أعلنت وفاة 154 مواطنا جراء الجوع، بينهم 89 طفلًا، في الأسابيع الأخيرة، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
وحذرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من أن القطاع يواجه أسوأ سيناريوهات المجاعة.
ويشير العاملون في القطاع الصحي والمنظمات الدولية إلى أن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل سياسة ممنهجة لتجويع السكان تتعارض مع القوانين الدولية.
وفي ظل هذه الظروف، يموت الأطفال ليس فقط تحت القصف، بل بالجوع الصامت الذي لا يراه العالم إلا حين تظهر أجسادهم الهزيلة على الشاشات.
تطالب الجهات الحقوقية والإنسانية بتحرك دولي عاجل لإنهاء الحصار وضمان وصول الغذاء والدواء إلى غزة، قبل أن يتم محو جيل كامل لا برصاص الحروب، بل بجوع قاتل.