معركة ساخنة نشبت بين المذيع البريطاني الشهير بيرس مورغان ويائير نتنياهو نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" الجمعة، عندما تبادل الطرفان الاتهامات في شأن تقرير أصدرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" حول الوضع الإنساني في قطاع غزة.
بدأ الخلاف عندما أعاد مورغان نشر مقطع فيديو يتضمن تقريراً من هيئة الإذاعة البريطانية ويشير إلى وجود أكثر من 100 حال يزعم فيها أن أطفالاً قد أطلق عليهم النار في غزة. وأرفق مورغان المنشور بتعليق ساخر قال فيه "أكثر جيش أخلاقي في العالم".
ورد يائير نتنياهو بحدة، واصفاً تقرير "بي بي سي"، بأنه "افتراء دموي بأسلوب العصور الوسطى"، واتهم بيرس مورغان بالتحيز. وكتب قائلاً "أنتم تبنيتم النمط النازي بالكامل، آمل أن تكون قطر تدفع لكم جيداً". وأضاف موجهاً حديثه للمذيع البريطاني "بالمناسبة، أليس شقيقك قد خدم في أفغانستان والعراق؟ لقد قتل عشرات الآلاف من الأطفال الأبرياء هناك على يد ’الناتو‘ والجيش البريطاني... لماذا لا تجري مقابلة مع أخيك وتسأله لماذا قتل عشرات الآلاف من المدنيين على يد الجيش البريطاني في أفغانستان والعراق؟ هل يجعل هذا من بريطانيا و’الناتو‘ الأشرار، ومن ’طالبان‘ و’داعش‘ الطيبين؟".
ورد عليه مورغان بتحويل التركيز إلى والد نتنياهو، قائلاً "مرحبا يا نير (خطأ إملائي في كتابة الاسم)، عندما تنتهي من بث هرائك المتطرف المعتاد، هل يمكنك أن تطلب من والدك التوقف عن التهرب من طلباتي لإجراء مقابلة، كما يفعل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)؟ لدي بعض الأسئلة له، شكرا".
ويبدو أن استخدام مورغان لفظ "متطرف" أثار غضب نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي سرعان ما اتهم المذيع البريطاني بالنازية وكتب مستنكراً "متطرف؟ أنت حرفياً تمنح منصة في برنامجك لكل مجنون نازي معادٍ للسامية تجده على ’تويتر‘!"، وأضاف "والدي لا يجري مقابلات لقناة ’حزب الله‘ أو قناة آيات الله، أو غيرها. لماذا يمنح مقابلة للنسخة النازية المعادية للسامية من برنامج جيري سبرينغر؟"، في إشارة إلى برنامج أميركي شهير اشتهر بتقديم مواضيع مثيرة للجدل وشخصيات غريبة وعادة ما كانت تتخلله مشاجرات بين الضيوف.
وأشار الشاب إلى مقابلات مورغان السابقة مع والده، قائلاً "نعم، أعلم أنه أجرى مقابلات معك سابقاً، لكن ذلك كان قبل أن تتحول إلى مهرج نازي كامل."
ودعا مورغان نجل نتنياهو إلى الظهور في برنامجه للدفاع عن مواقفه، واصفاً إياه بـ"غير المتزن نفسياً". ورفض يائير الظهور، متهماً مورغان بمنع الضيوف المؤيدين لإسرائيل من التعبير بحرية. في المقابل، سخر المذيع البريطاني من "تهرب" يائير من المواجهة، ونعته بـ"الجبان"، قائلا: "لا تقلق، واضح أنك لا تملك الشجاعة للظهور في البرنامج بنفسك، لذا سأدعك تواصل العواء هنا كأبله مختل."
وتواصل التصعيد بين الطرفين، حتى بلغ حد اتهام يائير نتنياهو للغرب بـ"التواطؤ التاريخي" خلال الهولوكوست، وربط الانتقادات الموجهة لإسرائيل بـ"الإرث الاستعماري البريطاني".
تحول مورغان ضد إسرائيل
وعقب هجوم "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1189 شخصاً وخطف 251 شخصاً تم احتجازهم رهائن، أعرب المذيع البريطاني الشهير عن دعمه الصريح لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها ضد "الهجوم الإرهابي". غير أنه مع تزايد التقارير عن ضحايا مدنيين في غزة مع استمرار الحرب في القطاع بين القوات الإسرائيلية و"حماس"، بدأ مورغان بتوجيه أسئلة حرجة حول نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية، واستضاف كثيراً من الشخصيات المنتقدة إسرائيل والواقع الإنساني القاسي الذي يعيشه سكان القطاع.
وفي مقابلة مع السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، الأسبوع الماضي، وجه مورغان سؤالاً محرجاً للدبلوماسي الإسرائيلي، قائلاً "إذا كان على الفلسطينيين مغادرة غزة فلماذا لا يغادر الإسرائيليون إسرائيل؟".
وفي مقال بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية، قال الكاتب عودة بيشارات، إنه في وقت تتواصل فيه الجرائم في غزة، بدأ العالم يصدح بأصوات لم يعتد الإسرائيليون على سماعها، مشيراً إلى أن "محاكمة هذا السلوك الإسرائيلي المقزز تعقد الآن على شاشة برنامج الصحافي البريطاني بيرس مورغان". وأقر الكاتب وهو من عرب إسرائيل بشعوره بالصدمة جراء موقف صحافي بريطاني كان حتى وقت قريب مدافعاً شرساً عن إسرائيل.
وقال بيشارات مشيراً إلى تحول الموقف الدولي، إن بلاده "تلعب الآن مباراة كرة قدم ضد العالم، وقد أرسلت جميع لاعبيها، بمن فيهم حارس المرمى إلى الهجوم، وتركت مرماها مكشوفاً". مضيفاً أن إسرائيل، التي كان العالم إلى جانبها بعد هجوم "حماس" الدموي، تمر الآن بحالتين من الجنون، هوس الانتقام وهوس مسياني يرى في السابع من أكتوبر فرصة لتحقيق نبوءات دينية، وفقاً لتفسيرات مشوهة.
غضب بالداخل
وإضافة إلى الموقف الدولي الممتعض من جرائم نتنياهو في غزة، فثمة انتقادات شرسة يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي من سياسيين في الداخل في شأن إصراره على الاستمرار في الحرب وتعامله مع الأزمة الإنسانية داخل قطاع غزة مما أضر بصورة إسرائيل وموقفها دولياً.
وفي تصريحات لصحيفة "بوليتكو" الأميركية الأحد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، إن إسرائيل أصبحت "دولة منبوذة" بسبب ما ترتكبه من أفعال في حق الفلسطينيين، مشيراً إلى وجود فجوة آخذة بالاتساع بين ما حدث في السابع من أكتوبر وما تقوم به إسرائيل الآن.
وقال إن نتنياهو وبعض شركائه في الائتلاف الحاكم يستخدمون تهمة معاداة السامية كغطاء للرد على اتهامات مشروعة تتعلق باستخدام مفرط للقوة. وأشار أولمرت إلى أن هناك شركاء فلسطينيين يمكن التفاوض معهم، غير أن "إسرائيل" تعمل باستمرار على تقويض الفلسطينيين المعتدلين، وأكد أن ما يحدث حالياً "أمر غير مقبول ولا يغتفر" وأنه "في مرحلة ما سيضطر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التدخل".
وفي تصريحات سابقة، قال أولمرت إن بلاده ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة، مؤكداً أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع لن تنقذ الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا في قبضة "حماس"، ولن تحقق أي مصلحة وطنية.