كأنها انتخابات، لكنها ليست كذلك. هكذا يمكن توصيف المشهد السوري الذي يرسمه القرار الأخير للجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، وهي تعلن تشكيل اللجان الفرعية المشرفة على العملية الانتخابية، فامكانية الطعون تفتح وتغلق، لكن الجوهر بأنه لا ضمانة بأن يجري الاقتراع في كامل الجغرافيا السورية بعد تأجيل الانتخابات في 3 محافظات رئيسية، من بينها السويداء، بذريعة الظروف الأمنية.
فاللجان التي يُفترض أن تهيّئ بيئة التنافس البرلماني، تتحول عملياً إلى ديكور قانوني يُضفي على العملية طابعاً شكلياً، لكن الخبر الأبرز ليس في تشكيل اللجان، بل في التأجيل.
فالسويداء والحسكة والرقة، وهي محافظات تقع خارج السيطرة الكاملة للإدارة الجديدة، ستبقى بلا انتخابات حتى إشعار آخر.
ومع ذلك، تطمئن اللجنة مواطنيها بأن حصصهم محفوظة، في مشهد يذكّر السوريين بأن السيادة التي يُفترض أن تستند إلى الإرادة الشعبية، ما زالت مرهونة بميزان القوى على الأرض، لا بصناديق الاقتراع.
المتحدث باسم اللجنة، نوار نجمة، قدّم التبرير المعتاد: لا انتخابات إلا في مناطق تسيطر عليها الدولة بشكل كامل. أما متى سيتحقق ذلك، فبقي سؤالاً معلّقاً، تماماً كما بقيت خريطة الطريق الانتقالية نفسها غامضة، لا يحددها سوى توازن السلاح والسيطرة الميدانية.
أما الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرق سوريا، أكدت أن مناطق شمال وشرق سوريا هي الأكثر أمنا، واعتبرت أن التاريخ يكرر نفسه ويتم مرة أخرى سلب الحق في الانتخابات والتصويت من كل السوريين.
ورأت أن هذه الانتخابات ليست ديمقراطية ولا تعبّر عن إرادة السوريين بأي شكل من الأشكال.
وبينما يروَّج للاستحقاق الانتخابي على أنه خطوة دستورية في مسار المرحلة الانتقالية التي حدّدها الجولاني بخمس سنوات، تكشف تفاصيله أن ما يُبنى في دمشق ليس برلماناً جديداً بقدر ما هو إعادة إنتاج لصيغة مألوفة... سلطة ممسوكة من الأعلى، وانتخابات مؤجلة إلى أن تسمح بها الظروف، أي إلى أن يُقرر المنتصرون على الأرض.