الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982: بيروت والمقاومة
الهزيمة الشاملة
واحدة من أقسى الهزائم في تاريخ العرب الحديث سُجّلت قبل 43 سنة من اليوم تحديداً، في شهر آب/أغسطس 1982. هزيمة لا تُذكر كثيراً بصفتها هزيمة عسكرية ساحقة. فقد احتل الجيش الإسرائيلي كامل جنوب لبنان وجزءاً من جبل لبنان والبقاع، كما احتل العاصمة اللبنانية بيروت بعد حصارٍ دام أسابيع، دمّر خلالها جزءاً كبيراً من المدينة.
المشاهد التي نراها في غزة اليوم، في أعوام 2023 و2024 و2025، رأينا نسخة مصغّرة منها في بيروت سنة 1982. يومها كانت أحياء العاصمة تُقصف ليل نهار، وكانت القذائف والقنابل تتساقط كالمطر. الجوع يسيطر على الناس، والمدينة بلا كهرباء أو مياه. كانت بيروت مدينة منكوبة، نار ودمار في كل مكان. في الواقع، "إسرائيل" أحرقت بيروت عام 1982.
الاجتياح السريع تقدم الجيش الإسرائيلي
قبل الحصار، وفي غضون أيام قليلة، تمكن الجيش الإسرائيلي من احتلال نحو ثلث مساحة لبنان وصولاً إلى العاصمة. وبعد الحصار، حققت "إسرائيل" تقريباً كل أهدافها من الاجتياح: فقد تمكنت من طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وتمكنت أيضاً من طرد الجيش السوري من بيروت والجزء الجنوبي من جبل لبنان.
الهزيمة العسكرية والسياسية
ورغم المعارك الأسطورية التي خاضتها وحدات من الجيش السوري ومجموعات لبنانية وفلسطينية، إلا أن الهزيمة كانت ساحقة. سياسياً، تُرجم الانتصار الإسرائيلي من خلال انتخاب بشير الجميّل، حليف "إسرائيل" الأول في لبنان آنذاك، رئيساً للجمهورية اللبنانية.
ردود الأفعال الشخصية
في مقابلة خاصة مع أحد الذين واجهوا الغزو الإسرائيلي وأُصيب أثناء التصدي للغزو في بيروت، سألته عن ردّة فعله بعد احتلال العاصمة. فأجاب أنه، مباشرة بعد انتخاب بشير الجميّل رئيساً، قرر مغادرة لبنان نهائياً، وطلب من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني تأمين منحة دراسية له خارج لبنان لاستكمال تعليمه.
اغتيال بشير الجميّل
ولكن بعد أيام، تم اغتيال بشير الجميّل في بيروت قبل أن يتسلّم منصبه، أي قبل مباشرة مهام الرئاسة. ردّة فعل الشخص نفسه كانت أنه مزّق جواز سفره وقرر البقاء في لبنان ليستكمل مواجهة الاحتلال.
شاهد أيضا.. النائب اللبناني حسن عزّ الدين.. سلاح المقاومة سلاح الشرف والكرامة والعزة
في هذه الحلقة من برنامج "جوا الصندوق"، سنتحدث عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، وتحديداً عن احتلال العاصمة بيروت بعد حصارها وتدميرها. سنتحدث عن هذه الهزيمة الشاملة، ونبيّن كيف أن الانتصار الذي حققه كيان الاحتلال لم يُترجم بانتخاب بشير الجميّل سنة 1982 حصراً، بل تُرجم بعد 11 سنة في مكان آخر. وهدفنا ليس الأرشفة أو التأريخ فقط، بل محاولة استخلاص العبر والدروس التي نحتاجها في حاضرنا ومستقبلنا.
بداية الاجتياح الإسرائيلي
صباح 6 حزيران/يونيو 1982، بدأ الاجتياح الإسرائيلي الشامل للبنان. عشرات الآلاف من الجنود والضباط عبروا الحدود من فلسطين، موزعين على عدة فرق تقدمت من ثلاثة محاور رئيسية لاحتلال لبنان.
هذا الحدث، على ضخامته، لم يكن مفاجئاً تماماً، إذ إن الجزء الأكبر من سكان لبنان والمتابعين للوضع السياسي كانوا يدركون أن الاجتياح قادم، مع اختلاف في تقدير توقيته ومداه.
المشاهد الأولى على الأرض
وفي غضون ساعات قليلة، ظهر على أرض لبنان مشهدان يختصران قصصاً كثيرة عن الحدث المفصلي الذي سيُعرف لاحقاً باسم "اجتياح 1982" أو "حرب لبنان الأولى" بحسب الأدبيات الإسرائيلية.
المشهد الأول: الدبابات تتقدم
دبابات إسرائيلية تعبر بسلاسة لتحتل الساحل اللبناني من الناقورة جنوباً إلى بيروت، على وقع أغنية كوكريتوف "لبنون" أو "صباح الخير يا لبنان". كان تقدماً سريعاً جداً، تمكّنت فيه القوات الإسرائيلية من محاصرة المخيمات الفلسطينية في صور وصيدا جنوب لبنان، والتقدم عبر الإنزالات والالتفاف للوصول إلى تخوم العاصمة اللبنانية بيروت في وسط الساحل اللبناني.
الاجتياح السريع للساحل اللبناني
صباح 9 حزيران/يونيو 1982، أي بعد ثلاثة أيام فقط من بدء الاجتياح، كان الجيش الإسرائيلي قد احتل نصف الساحل اللبناني تقريباً. شكّل هذا التقدّم السريع ووصول القوات إلى مشارف بيروت صدمة كبيرة لكثيرين، وارتفعت التساؤلات حول الاستعدادات الدفاعية وحقيقة قدرات المقاومة، خصوصاً أن الاجتياح نفسه لم يكن مفاجئاً بل كان متوقعاً، وإن اختلفت التقديرات حول توقيته ومداه.
الدفاع في مخيم برج الشمالي
في مقابل هذا المشهد الصادم، برز مشهد آخر لا يقل صدمة من جانب مختلف. ففي مخيم برج الشمالي قرب مدينة صور جنوب لبنان، قرر قائد القطاع الأوسط في حركة "فتح"، المعروف بـ"بلال الأوسط"، تنظيم ما تبقّى من المقاتلين داخل المخيم للدفاع عنه في مواجهة الجحافل الإسرائيلية التي بدأت بالالتفاف لحصاره.
الكمائن الأولى وأسر الجنود
قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً من يوم الأحد 6 حزيران/يونيو، أي بعد ساعات قليلة من بدء الاجتياح، ومع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من مداخل المخيم، نصب الفدائيون عدة كمائن أدّت، بحسب الاعتراف الإسرائيلي، إلى تدمير خمس دبابات على الأقل وأسر أربعة جنود في الساعات الأولى للمعركة.
الغارات العنيفة والانسحاب
وبعد 48 ساعة من منع قوات الاحتلال من اقتحام المخيم، انسحبت الدبابات لتحل محلها سلسلة من الغارات الجوية العنيفة التي استهدفت الملاجئ والمدارس في المخيم، مرتكبةً مجازر مروّعة أجبرت الفدائيين على الانسحاب إلى مناطق متفرقة.
رحلة الفدائيين والأسرى
وبحسب شهادات عدد من الفدائيين الناجين التي وثّقها المؤرخ الفلسطيني جابر سليمان, خرج المقاتلون مع الأسرى الصهاينة إلى أحراش قريبة من بلدة الحلوسية على نهر الليطاني، شمال مدينة صور. وينقل سليمان عن أحد الفدائيين قوله:
"كنا ننام نهاراً ونمشي ليلاً. وصلنا الحلوسية على نهر الليطاني، وتجمع هناك نحو ستمائة مقاتل. قدّم أهل الحلوسية والزرارية الطعام لهذا العدد الكبير، ونُقل الطعام على ظهور الحمير: خبز وأرز ولحم. وكان بيننا مقاتلون من أهالي القريتين المذكورتين. من هناك انتقلت بعض المجموعات إلى وادي جهنم الواقع تحت قرية الزرارية، ومنه سرنا ليلاً حتى وصلنا إلى البابلية قرب الزهراني. وبينما كنا في البابلية، استمعنا عبر المذياع إلى تصريح أحد قادة حركة فتح يقول فيه إن المقاومة المسلحة قد انتهت، وإن نضالنا أصبح سياسياً."
لبنان يطلق شرطا مهما قبل تحديد جدول زمني لحصر السلاح
مقاومة الجنوب خلال اجتياح 1982
استمرار المواجهة في الجنوب
بعد سقوط المخيم وانسحاب كثير من القادة الميدانيين صوب بيروت والبقاع (شرق وشمال شرق لبنان)، أصر بلال الأوسط على التمركز في الجنوب واستمر في مواجهة الغزو إلى أن فُقد أثره بعد أشهر من بدء الاجتياح.
الفدائيون بين الجنوب وبيروت
قصة مخيم برج الشمالي وغيره من المواقع التي كانت تقاتل في الجنوب، في الوقت الذي كان العالم كله يرى الدبابات الإسرائيلية على مشارف بيروت، وقصة بلال الأوسط وغيره الكثير من الفدائيين اللبنانيين والفلسطينيين — ومنهم من لا يزال مفقوداً حتى اليوم — تعكس التضحيات الكبيرة لأولئك الذين قاتلوا حتى آخر طلقة، بينما كانت التصريحات السياسية تشير إلى الحل السياسي وتلمح إلى التخلي عن الكفاح المسلح لتحرير فلسطين.
تعايش عالمين متوازيين
هذه القصص وهذان المشهدان يختصران نماذج متكررة لحكاية واحدة بعنوان "اجتياح 1982"، حكاية حرب شهدت تعايشاً غريباً بين عالمين متوازيين لا يلتقيان عادة: عالم الهزيمة وعالم النصر.
الخلفية التاريخية للاجتياح ...محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي
حكاية الاجتياح الإسرائيلي للبنان لم تبدأ فجأة مع الاجتياح المباشر، بل تعود جزئياً إلى محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا يوم 3 حزيران/يونيو 1982.
الاجتياح السابق: عملية الليطاني 1978
على الواقع، المخطط الإسرائيلي المباشر لاجتياح لبنان واحتلال بيروت بدأ بعد الاجتياح السابق عام 1978، المعروف باسم "عملية الليطاني"، والذي استمر لمدة سبعة أيام، وصل خلالها الجيش الإسرائيلي لنهر الليطاني واحتل جزءاً من أراضي جنوب لبنان. في تلك المرحلة، أنشأ العدو ما يُسمى "المنطقة العازلة" بالتعاون مع نواة من عملاء محليين في الجنوب.
التخطيط المبكر للخطوة التالية
مع انتهاء عملية الليطاني ورغم تحقيق العدو لبعض الإنجازات، واصل العقل العسكري والأمني الإسرائيلي التخطيط للخطوة التالية. وبحسب دراسة شاملة لعدد من الوثائق الرسمية الإسرائيلية، فقد تم وضع مخطط اجتياح لبنان واحتلال بيروت مبكراً، حوالي عام 1979، استعداداً للهجوم الشامل الذي بدأ في حزيران/يونيو 1982.
التخطيط الإسرائيلي لاجتياح لبنان 1982
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي عزر وايزمان
في أيلول/سبتمبر 1979، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها عزر وايزمان بأن "الحرب المقبلة هدفها تدمير قوة المخربين في لبنان"، وأضاف أن الحرب ستسعى فيها "إسرائيل" إلى **تشكيل حكومة مريحة لـ'إسرائيل' في بيروت".
خطة أريال شارون لاجتياح لبنان
وبحسب الدراسة نفسها، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي أريال شارون، الذي تولى الوزارة بعد وايزمان ومناحيم بيغن، وضع بنفسه خطة الاجتياح وعرضها أمام هيئة الأركان في تشرين الأول/أكتوبر 1981. ومن خلال نقاشات هيئة الأركان، تم تحديد ثلاثة أهداف أساسية للعملية:
طرد فصائل منظمة التحرير من لبنان
إبعاد الجيش السوري عن بيروت وتسهيل إقامة حكم مريح لـ"إسرائيل" في بيروت
وضوح الأهداف السياسية
في الدراسة التي نُشر جزء منها في صحيفة هآرتس الإسرائيلية سنة 2014، كان لافتًا وضوح الأهداف السياسية للغزو، وهو ما شرحه شارون شخصيًا أمام هيئة الأركان حين قال بالحرف:
"هدف التدمير المادي لمنظمة التحرير ينطوي على أبعاد تتجاوز تحقيق الهدوء لشمال الجليل إلى إمكانية الحوار مع الجمهور الفلسطيني في المناطق الفلسطينية التي نسيطر عليها، والذين لا يمكن التوصل إلى حوار معهم طالما كانوا يخضعون إلى تهديد المنظمات المسلحة، وطالما كانت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية وما بين عشرة آلاف وعشرين ألف محارب من قواتها موجودين في لبنان، فلم نتمكن من التوصل إلى حوار واتفاق مع عرب يهودة والسامرة (أي الضفة الغربية المحتلة) على إقامة نوع من خطة الحكم الذاتي."
الهدف الاستراتيجي داخل المجتمع الفلسطيني
بمعنى أوضح، الرؤية الإسرائيلية لغزو لبنان عام 1982 لم تقتصر على تحقيق أهداف عسكرية مرتبطة بمستوطنات الشمال، بل الأهم كان قطف ثمار الإنجاز العسكري داخل المجتمع الفلسطيني نفسه من خلال تحقيق سلطة حكم ذاتي فلسطينية في الضفة الغربية.
تصحيح الروايات الشائعة
وعلى عكس الرواية السائدة التي تقول إن الخطة الإسرائيلية للاجتياح كانت تقضي باحتلال بعمق 40 كم داخل الأراضي اللبنانية فقط، أو أن شارون خدع رئيس الوزراء مناحيم بيغن والحكومة الإسرائيلية وحتى أمريكا، تشير وثائق حديثة في كتاب المؤرخ الإسرائيلي غال كيبنيس بعنوان "1982 لبنان: الطريق إلى الحرب" إلى أن بيغن لم يُخدع، بل كان على رأس الذين دفعوا باتجاه احتلال العاصمة اللبنانية بيروت وتغيير النظام السياسي في لبنان.
السياق الإقليمي وراء اجتياح لبنان 1982
الغزو الإسرائيلي كخطة شاملة
على الصعيد الإسرائيلي، كان غزو لبنان مخططاً مدروساً، ليس فقط لدفع خطر منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية عن مستوطنات شمال فلسطين، بل أيضاً لإعادة رسم المشهد الإقليمي ككل عبر لبنان، من بوابة تأسيس نظام حكم موالي" لإسرائيل" في بيروت.
المشهد الإقليمي في فترة الاجتياح
لفهم ظروف الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، يجب النظر إلى المشهد الإقليمي في تلك الفترة. من المستحيل قراءة أي حدث سياسي في لبنان بمعزل عن تطورات الإقليم. وأهم حدث إقليمي مؤثر في المسار الذي أدى إلى اجتياح لبنان هو اتفاقية كامب ديفيد، أي اتفاق السلام بين مصر و"إسرائيل" التي تم توقيعها سنة 1978.
الربط بين اجتياح 1978 واتفاقية كامب ديفيد
وبحسب ضابط استخبارات إسرائيلي سابق يُدعى شلومو غازيت، فإن "خلف كل انتصار حققته 'إسرائيل' في لبنان هناك اتفاقية السلام مع مصر". الاتفاقية الإسرائيلية المصرية تم اختبارها قبل توقيعها بالاجتياح الإسرائيلي المحدود لجنوب لبنان في آذار/مارس 1978، ثم تم اختبارها بعد توقيع الاتفاقية وفي الاجتياح الشامل للبنان سنة 1982.
المكاسب الإسرائيلية من مسار كامب ديفيد
مسار كامب ديفيد الذي بدأ مباشرة بعد حرب عام 1973 وتكلل بزيارة أنور السادات للقدس سنة 1977، قدم للجانب الإسرائيلي مكسبين أساسيين تم توظيفهما لتعزيز فرص الحرب على لبنان:
المكسب الميداني
نقل عشرات آلاف الجنود الإسرائيليين وآلاف الضباط من الجبهة الجنوبية لفلسطين المحتلة إلى الجبهة الشمالية، مما سمح لخطط غزو لبنان بالتقدم بشكل أكثر فعالية.
المكسب السياسي
تطبيع أنور السادات مع "إسرائيل" أدى إلى تعويم فكرة السلام والحلول السياسية، الأمر الذي أثّر بشكل كبير في تغيير الخطاب الرسمي العربي من دعم شبه مطلق للشعب الفلسطيني وحقوقه إلى خطاب يدعو للاعتراف بشرعية "إسرائيل" وإيجاد حلول سلمية معها.
تأثير المسار على منظمة التحرير الفلسطينية
هذا التغير السياسي كان له أثر داخلي داخل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي أقرت برنامج النقاط العشر سنة 1974، أي بعد أقل من سنة من بدء تغيير التموضع السياسي لمصر. البرنامج عملياً فتح الباب للمفاوضات بين منظمة التحرير و"إسرائيل"، والتي تُوّجت لاحقاً باتفاقية أوسلو 1993.
المبادرة السعودية للسلام
عند الحديث عن المشهد الإقليمي وتأثير مسار كامب ديفيد على القرار الإسرائيلي باجتياح لبنان، لا بد من الإشارة إلى أول مبادرة سعودية للسلام مع "إسرائيل"، والتي أطلقها عام 1981 ولي العهد السعودي فهد بن عبد العزيز، وكانت خلاصتها اعتراف عربي بوجود "إسرائيل".
انعكاسات التغييرات الإقليمية
هذا التغيير الهائل نتج عنه استفراد أمريكي-إسرائيلي بسوريا بعد خروج مصر من المشهد، وانقلاب الخطاب الرسمي العربي نحو التطبيع، وبقاء سوريا وحيدة إلى جانب القوى الفلسطينية واللبنانية في مواجهة غير متكافئة مع "إسرائيل" والهيمنة الأمريكية.
شاهد أيضا.. نبيه بري: الاتفاق مع 'إسرائيل' حول وقف النار 'نُسف' بعد زيارة براك
السياق الداخلي اللبناني قبل الاجتياح
تأثير كامب ديفيد والمبادرة السعودية
باختصار، كامب ديفيد ولاحقاً مبادرة الأمير فهد شكّلا نقطة انطلاق لمسار من الأحداث التي أدت إلى الغزو الإسرائيلي للبنان. وفي قلب هذه الأحداث كانت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.
لبنان سنة 1982
سنة 1982، كانت الحرب الأهلية اللبنانية في عامها السابع. وبدون الغوص في تفاصيل الحرب، يمكن تلخيص الوضع الداخلي اللبناني وأطراف الحرب بجملة زياد رحباني الشهيرة:
"اختلط الحابل بالنابل وبلش ضرب القنابل".
موقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية
في صلب المستهدف الأول بمخططات الحرب على لبنان كانت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في وضع سياسي صعب ومعقد:
من جهة، تخوض حرباً شرسة في الداخل اللبناني.
من جهة أخرى، كانت العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الجنوبية للبنان وخلف خطوط العدو مستمرة، مع استمرار العمليات الخارجية ضد مصالح العدو وحلفائه، مما زاد من حدة التصعيد في المواجهة.
الانقسام داخل قيادة منظمة التحرير
في وسط هذا المشهد، كان جزء من قيادة منظمة التحرير يعلن تقبله لفكرة الحل السلمي بدءاً من سنة 1974، كما أشرنا سابقاً. هذا الإعلان خلق حساسيات داخل الفصائل الفلسطينية نفسها، خصوصاً حول مدى جدية القيادة ومدى التزامها بمشروع التحرير.
تصاعد الاقتتال الأهلي
في مسار مترابط، كان تصاعد الاقتتال الأهلي في لبنان، وما حمله من قتل على الهوية ومجازر طائفية، يزيد الضغط على منظمة التحرير والقوى الوطنية اللبنانية داخل البلد.
الواقع اللبناني والإقليمي قبل السادس من حزيران
ونستذكر فصول المشهد العام، من الوضع الإقليمي الإسرائيلي وصولاً للداخل اللبناني، لنرسم صورة واضحة عن الواقع القائم عشية السادس من حزيران (يونيو) 1982. هذا الواقع جاءت لحظة الحرب لتنسفه وتطلق مساراً جديداً في التاريخ، يتعايش فيه الانتصار والهزيمة بأشكال متعددة.
أبرز وجوه الهزيمة
أوضح وجوه الهزيمة التي حملها الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 كان احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانية، وصولاً لاحتلال العاصمة بيروت.
بين 21 آب (أغسطس) والأول من أيلول (سبتمبر) 1982، انسحب من بيروت جميع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية وجميع جنود الجيش العربي السوري، وذلك بعد حصار للمدينة دام نحو شهرين.
اتفاق الحصار والانسحاب
توج الحصار باتفاق برعاية أمريكية نص على:
انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت.
انسحاب الجيش السوري من أجزاء واسعة من بيروت ومحيطها وجبل لبنان.
تقديم الولايات المتحدة ضمانات بعدم التعرض للاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين باتوا بلا أي سلاح.
اغتيال بشير الجميل واستكمال الاحتلال
في 14 أيلول (سبتمبر) 1982، شهد لبنان اغتيال بشير الجميل. على الفور، اندفع جيش الاحتلال الإسرائيلي لاجتياح الأحياء الغربية لبيروت - تلك الأحياء التي كانت محاصرة - وأنهى احتلالها بحلول اليوم التالي، 15 أيلول (سبتمبر) 1982.
إذا أحببت، أستطيع دمج كل الأجزاء السابقة عن الاجتياح، بيروت، المخيمات، السياق الإقليمي والداخلي، والحصار في نسخة واحدة متكاملة بعناوين فرعية مرتبة زمنياً، جاهزة للنشر أو للبث الإذاعي.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...