أولاً، الحديث عن "شبكات تهريب تضم فلول النظام السوري وفلول داعش" يشي بمحاولة متعمدة لدمج أعداء متناقضين في سياق واحد، بما يخدم سردية تهدف إلى شيطنة كل ما يتصل بإيران وحزب الله، وتصوير المنطقة وكأنها ساحة فوضى مفتوحة .
ثانياً، تجاهلت هذه التقارير أن حزب الله يمتلك منظومة دعم محلية وإقليمية راسخة، وأنه لا يعتمد على "مهربين مجهولين" لتأمين حاجاته، بل يستند إلى شبكة سياسية – اجتماعية عميقة الجذور في لبنان، وإلى تحالف استراتيجي مع طهران لم تنجح العقوبات حتى الآن في تفكيكه.
ثالثاً، التركيز على "التهريب عبر معبر القائم" يختزل المشهد العراقي – السوري في زاوية ضيقة، بينما الواقع يقول إن الحدود تحولت منذ سنوات إلى ميدان صراع استخباري بين واشنطن وطهران، تتداخل فيه مصالح قوى محلية من العشائر والفصائل والسلطات الرسمية، ما يجعل أي رواية من طرف واحد ناقصة وموجهة.
أخيراً، ما لم تذكره تلك الصحف هو أنّ التصعيد الإعلامي حول «تهريب الأموال والسلاح» يتزامن مع حملة أميركية – إسرائيلية لقطع خطوط الإمداد للمقاومة، ومع سعي بعض العواصم العربية لإعادة تسويق فكرة أن "حزب الله عبء على لبنان".
من هنا، فإن إعادة إنتاج هذه السرديات لا تعكس حقيقة الميدان بقدر ما تعكس حاجة سياسية لتضخيم صورة العجز الإيراني، فيما الوقائع تثبت أن طهران وحزب الله لا يزالان قادرين على التكيف والرد، حتى ضمن بيئة إقليمية مضطربة ومعقدة.
*وائل المولى – كاتب وصحافي