ومن جملة التحديات شبح التقسيم الذي بدا أيضاً خطر وشبح التقسيم الذي بدأ يلوح في أفق سوريا أيضاً.
في مشهد لافت ممزوج بالقلق ارتفع في شوارع السويداء علم كيان الاحتلال الإسرائيلي.. مشهد صادم أعاد إلى الواجهة سؤالا مقلقا: إلى أين تتجه سوريا؟
رفع العلم لم يكن مجرد فعل رمزي، بل رسالة بأن الاختراق الإسرائيلي لم يعد يستهدف الأنظمة وحدها، بل بدا يتسلل إلى المجتمعات المحلية، مقدما ما يصفه بالحماية للسويداء.. حماية مسمومة تجعل أبنائها وقودا لمصالحه وورقة ابتزاز في لعبة إقليمية معقدة.
وكان رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو قد قال: "نركز حالياً على ثلاثة أمور، حماية الدروز في محافظة السويداء، وأيضاً انشاء منطقة منزوعة السلاح من مرتفعات الجولان ومن جنوب دمشق إلى محافظة السويداء، وكذلك نعمل على إنشاء ممر إنساني يسمح بإدخال المساعدات والمواد الغذائية ومواد البناء."

لكن السويداء ليست استثناء، بل مرآة للمأزق السوري كله، الواقع على الأرض يكشف أن الانزلاق بدأ من بوابة الأقليات، فكما استخدمت هواجس الطائفة الدرزية في الجنوب استخدمت المطالب الكردية في الشمال الشرقي.. إنها الاستراتيجية ذاتها: تفتيت المجتمعات إلى جزر متناحرة ليبقى كيان الاحتلال الطرف الوحيد القادر على التمدد بلا مقاومة.
ويزيد المشهد قتامة ما يتسرب عن لقاءات بين مسؤولين في الحكومة السورية ومسؤولي من كيان الاحتلال، لقاءات تقرأ على أنها محاولات لانتزاع شرعية مفقودة عبر قنوات خارجية.. لكنها في جوهرها تشرعن الاحتلال وتحول النظام من مدع لحماية سوريا إلى شريك في مشروع تقسيمها.
وكان رئيس المرحلة الانتقالية أبومحمد الجولاني قد قال في خطاب سابق: "لقد كانت محافظة السويداء ولا تزال جزءا أصيلا من الدولة السورية، كما أن الدروز يشكلون ركنا أساسيا من النسيج الوطني السوري.. علينا أن ندرك أن أي محاولة لتفكيك وحدة الشعب السوري أو إقصاء أي مكون من مكوناته تعد تهديدا مباشرا لاستقرار سوريا."

مع ذلك تبقى عقبات صلبة أمام هذا المسار: ذاكرة عربية مثقلة بخيبات مصر والأردن بعد اتفاقيات التطبيع، والأهم موقف شعبي يرى في أي تقارب مع تل أبيب مساساً بهويته الوطنية.
ورقة بحثية حديثة حددت أربعة مسارات أمام دمشق: إما التمسك بالثوابت، أو الممانعة المحسوبة، أو الانفتاح التدريجي وصولا إلى التطبيق الكامل، وبين هذه المسارات يظل التطبيع الواسع خطا أحمر محفوفا بمخاطرة داخلية وشعبية.
وفي المحصلة بيجري قد يستغل لفرض واقع تقسيمي يشرعن الاحتلال، أو يتحول إلى لحظة وعي تؤكد أن التطبيع ليس طريقا للاستقرار.. بل وصفة جاهزة للتفتيح والانهيار.
ويبقى السؤال: هل تنزلق سوريا إلى مستنقع التفتيت والتطبيع، أم تجد في أزماتها فرصة لاستعادة وحدتها.

وبهذا الشأن استضافت هذه الحلقة من برنامج "عالمكشوف" السياسي اللبناني أ.بهاء عبدالخالق والذي لديه ارتباطات واسعة بما يجري في سوريا بحكم انتمائة للطائفة الدرزية الكريمة.
ويشير بهاء عبدالخالق إلى أن سوريا اليوم تواجة وضعا معقدا جدا، بسبب سقوطها بين فكي الإرهاب الدولي المتمثل بالأميركي والبريطاني وبعض الدول الغربية وأدواتها المعروفة والمكشوفة للجميع في المنطقة.
ولفت إلى أنه وبعد رحيل نظام الأسد قام هذا الإرهاب الدولي بتسليم السلطة في سوريا إلى أبومحمد الجولاني وإلى عناصر تكفيرية مختلفة تتبنى أيديولوجيا التطرف والتكفير وتسعى إلى تقسيم سوريا.
ونوه أن هذه العصابات التي تتبنى تلك الأيدولوجيا تحاول إقامة دولة خلافة بالقوة والعنف، وأن هذا العنف جعل من سوريا ساحة لصراعات داخلية ودولية مختلفة تسعى إلى تقسيمها إلى مناطق نفوذ دولي.
وأضاف: هنا يتبين ويتضح لنا أن كل تلك الجرائم التي ارتكبها هذا الجولاني وعصاباته التكفيرية إنما تهدف إلى القضاء على الأقليات في سوريا وبالتالي تقسيمها وتفتيتها وخرابها وتسليمها إلى الأميركي والإسرائيلي.
ونوه أنه في اليوم التالي مما سمي بالخطاب الوطني للجولاني بدأت المجازر في السويداء، موضحاً: هذا العنف يهدف إلى تأسيس مناطق منفصلة في سوريا على أسس مذهبية وعرقية تتهدد وحدة سوريا وتهدف إلى مشروع التقسيم، وخدمة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلن عنه ترامب ومشروع إسرائيل الكبرى الذي أعلن عنه نتنياهو.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..