ركزت الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة على قصف الأبراج السكنية ومراكز الإيواء التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين. تحولت الأحياء الغربية، وعلى رأسها مخيم الشاطئ، حي النصر، وحي الرمال، إلى ساحات دمار إثر الضربات العنيفة والمتكررة.
يحاول الاحتلال دفع ما تبقى من سكان المدينة، ومعظمهم من النازحين أصلاً، إلى النزوح جنوباً بالقوة، غير أن العديد من العائلات ترفض مغادرة بيوتها رغم الظروف الإنسانية القاسية، ما يزيد من الضغوط على قوات الاحتلال التي تسعى إلى تفريغ المدينة عبر عمليات قتل ودمار.
ومن أبشع الجرائم التي ارتكبها الاحتلال مؤخراً، قصف مدرسة أبو عاصي التابعة لوكالة الأونروا في مخيم الشاطئ، والتي كانت تؤوي مئات النازحين الذين فقدوا منازلهم.
تسبب القصف المباشر في دمار واسع وأثار حالة من الرعب دفعت النازحين للفرار إلى شوارع وأزقة مكتظة، بحثا عن مأوى بديل غير متوفر.
ويأتي هذا ضمن سياسة واضحة تستهدف ضرب البنية التحتية الإنسانية في غزة، من مدارس ومستشفيات ومراكز إغاثة، في رسالة إسرائيلية مفادها "لا مكان آمن في القطاع".
تحضيرات للاجتياح البري
تمركزت آليات الاحتلال خلف بركة الشيخ رضوان، وسط انفجارات هزت الأحياء المحيطة شمال غزة.
وأفادت المصادر المطلعة، بأن الاحتلال يستخدم روبوتات مفخخة محمّلة بأطنان من المتفجرات لتدمير الأحياء السكنية تمهيداً لدخول قواته، في مشهد يعكس نية تنفيذ اجتياح بري مدمر وسياسة الأرض المحروقة.
كما تعرضت مناطق جباليا البلد وجباليا النزلة لتفجيرات واسعة في المربعات السكنية، ما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين تحت الأنقاض.
تصاعد في القصف وجنوح إنساني متفاقم
تواصل الغارات والقصف المدفعي حصد أرواح المدنيين وتزايد أعداد الجرحى في مناطق وسط وجنوب القطاع، حيث تتعرض مخيمات المغازي والبريج لقصف متكرر، خاصة في الأحياء الشرقية، بينما تشهد خان يونس جنوبًا استهدافات يومية في الأحياء الغربية المكتظة.
على الصعيد الإنساني، يزداد الوضع كارثياً مع تفاقم أزمة المياه وانعدام المواد الغذائية الأساسية والكميات المحدودة من المساعدات التي يسمح الاحتلال بدخولها عبر المعابر لا تكفي سوى لتغطية جزء ضئيل من احتياجات السكان، في ظل حرمان أكثر من مليوني إنسان من الغذاء والدواء والكهرباء.
ويُتحكم من قبل الاحتلال ليس فقط في كمية المساعدات، بل أيضا بنوعيتها، حيث يسمح بدخول أصناف محدودة ويمنع الضروري لبقاء السكان على قيد الحياة.
تقارير منظمات إغاثية تؤكد أن المساعدات التي تصل لغزة اليوم تغطي فقط 5% من الاحتياجات الأساسية، ما ينذر بمجاعة وشيكة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
صمود فلسطيني رغم الألم
تعيش غزة مأساة حقيقية بين خيارين قاسيين: النزوح القسري جنوبا أو مواجهة الموت تحت وابل القصف.
ومع ذلك، يتمسك آلاف الفلسطينيين بالبقاء في مدينتهم، رافضين الخضوع لسياسة التهجير القسري.
ويعكس هذا الصمود الشعبي، رغم الخسائر الكبيرة والألم المستمر، إرادة الفلسطينيين في التصدي لمخططات الاحتلال التي تهدف إلى تفريغ المدينة وتحويلها إلى منطقة أشباح مدمرة.