بعد عامين على الطوفان ... صمود وانتصار 

الجمعة ١٧ أكتوبر ٢٠٢٥
٠٥:٠٠ بتوقيت غرينتش
بعد عامين على الطوفان ... صمود وانتصار  السابع من أكتوبر زلزال هزّ الكيّان المؤقت الغاصب لأرضنا والمنتهك لكرامتنا فهل هذا الزلزال مقدمة ليوم استئصال الغدة السرطانية من جسد الأمة العربية والإسلامية؟

هذا السؤال يجد اجابته كل انسان متابع للأحداث قارئ لها بعمق واطلاع ويفهم في التاريخ ويمتلك ولو قليل من الوعيّ والإدراك بالسنّن الكونية التي وضعها الله لتنظيم هذه الخليقة وهي نواميس سائرة على جميع البشر مهما كانت دياناتهم.

ففطرة الإنسان جبّلت على رفض الاحتلال والإذلال وحيث ما وُجد الاحتلال وُجدت المقاومة وحيث ما وُجدت المقاومة تعادلت الموازنة وتحققت شروط النواميس الكونية بالغلبة والتمكين لمن أخذ بالأسباب وقاوم ورفض الخنوع والإذلال وهذا ما رأيناه في ثورات كثيرة عبر التاريخ مثل ثورة المهاتما غاندي وجيفارا وغيرهم من المناضلين من غير المسلمين ومن منطلق الأخذ بالأسباب واعداد العدة والاستعداد على مدى أعوام طويلة جهّزت نفسها كتائب القسّام وتسلّحت وحفرت الأنفاق كل هذا بمساعدة ومساندة من الجمهورية الإسلامية في ايران التي هي الأب الروحي للمقاومة في كل البلدان التي تسعى للتحرر فهي لها السند والمعين.

تحمّلت ايران كل الضغوطات السياسية عليها والعقوبات الأمريكية عليها ولم تستلم للضغوط ورفضت أن تتخلّى عن المقاومة فكانت أول داعم وسند لفلسطين هي ايران وبشهادة كل قيادات المقاومة الفلسطينية سواء من قد استشهدوا فشهادتهم موثقة أو من لا زالوا على قيد الحياة فلا يمكن انكار وتغييب هذا الدور المهم والعظيم للجمهورية الإسلامية في عملية الإعداد والبناء والدعم بكل أنواع الدعم الممكن والمتاح.

فعندما اختار الفلسطينيون هذا الطريق، طريق التحرر والبناء كانوا يعلمون انه طريق شاق وصعب وفيه من التضحيات والتحديات والآلام والأوجاع ما هو كفيل لإسقاط جبال من الصخور الصمّاء ولكنه طريق لا مناص منه، وانه الطريق الوحيد لنيل العزة والكرامة الطريق الوحيد للاستقلال وهو الطريق الوحيد لتحرير الأرض وصون العرض، فأصعب ما يمكن أن يبتلى به الإنسان هو مجاورة الصهاينة المحتلين المغتصبين، انهم نفس أولئك القوم من بني "اسرائيل" الذين ذكرهم الله تعالى في أغلب سور القرآن الكريم وهو يفصل مدى أحقادهم عاى البشرية وقتلهم الانبياء وعداوتهم للمؤمنين وكيف يسعون في الأرض فسادا وكيف هي فطرتهم في حبهم لتدمير كل ماهو جميل حتى وصفهم الله تعالى بأنهم يهلكون الحرث والنسل.

تحمّل الفلسطينيون مالم يتحمله شعب في الأرض، عاشوا مع المحتلين المغتصبين لأرضهم ولمنازلهم يحلّون دماءهم ويقتلونهم متى ما سنحت الفرصة لهم ويعاملونهم بعداوة شديدة فأي انسان طبيعي يمتلك فطرة سليمة سيأبى أن يعيش مذلولا ويفضل الموت بعز عن العيش بذل، ومع كل تلك التراكمات على مدى السنوات الطوال وجرائم القتل والتهجير والظلم وسرقة الأراضي والبيوت والتاريخ جاء يوم الطوفان كرد فعل طبيعي.. كان المجاهدون يعدون له ويتجهزون ويخططون منذ سنوات من الإعداد النفسي والعسكري والثقافي.

فما جرى على أرض غزة منذ السابع من أكتوبر (2023 أصبح خارج نطاق التحليل البشري). فمن درس قواعد التحليل السياسي وأوتي حظاً من النظر الاستراتيجي ومقاصد قد حددها الله. يدرك أن هناك تدخلات إلهية ساعدت هؤلاء المجاهدين على الصمود في مواجهة قوى الطغيان العالمي بأكمله من المال الخليجي الى السلاح والدعم الأمريكي والتخاذل العربي والإسلامي والدعم الأوروبي من أغلب الدول الغربية التابعة لأمريكا وكيان "إسرائيل" وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وكندا وكثير من الدول التي وقفت حكوماتها مع هذا الكيّان الغاصب واللقيط والمجرم.

‏فلا نبالغ إن قلنا أنه في معركة طوفان الأقصى عاشت القسام أياماً كيوم بدر والأحزاب وحنين ذات السنن تتنزل وذات النواميس تحكم مسارات المعركة. ومالم نستخدم هذه القاعدة الإرشادية في التحليل فسيستغلق عليك فهم الحقائق على الأرض ويصعب على المتابع فهم حقيقة ما حصل في تلك المساحة الجغرافية الصغيرة التي لا تتعدى 365 كيلو مترا مربعا.

نعم عانت غزة معاناة شديدة وتعرضت لظلم لم يتعرض له أحدُ من العالمين، مُسحت أحياء كاملة واختفت من السجل المدني أسماء عوائل كاملة كانت موجودة، مات أبناء غزة بأشد أنواع الموت وهو الموت جوعا ناهيك عن الموت بالصواريخ والنيران والغارات اليومية التي لم تترك يوما واحد من أيام الله تشرق عليه الشمس إلا وارتكبت فيه جريمة وحشية على مدى عامين كاملين وعلى مرأى ومسمع وأحيانا بث مباشر يتابعه كل من على هذه الأرض من خليقة.

فلم تهن غزة ولم تستكين ولم تلين فهي تعرف تماما طريقها فظلت هي الحصن المنيع الذي ينزف يوميا ويقدم القرابين والدماء الطاهرة ليس فقط من أجل تحرير غزة ولكن من أجل تحرير كل هذه الأمة المستكينة والخاضعة والتي يتحكم عدّوها في مصيرها ويذّلها ويسخر منها ويجعل أمراءها يدفعون الجزية له عن يد وهم صاغرون وليس من تحت الكواليس بل يهينهم ويذّلهم أمام الجميع ويطلب منهم أن يدفعوا ويدفعوا ويسخر منهم بكلمات نابية كما يفعل الرئيس الأمريكي ترامب الذي جاء ليكشف حقيقة النظام الأمريكي الذي يحاول أن يغطي حقيقته وراء الشعارات الرنّانة حول مزاعم ما يسمى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

ظلّت غزة هي المدافع عن كل الأمة التي طعنتها من ظهرها وتحالفت عليها بل ودفعت الأموال لترامب ليخلصه من شرفها وكرامتها وصمودها الذي لم تعد تتحمله بعض الأنظمة العميلة والمطبعة والغارقة في بحور الذل والهوان، حتى يخرج نتنياهو وأمام مرأى ومسمع من الجميع وهو يتحدث عن حلم الصهاينة الكبير في تحقيق ما يسمى "إسرائيل الكبرى" ويتحدث أنه في أوهام اطلق عليها اسم "مهمة تاريخية وروحية" معتقدا نفسه مرسلا لبني "إسرائيل" ليحقق أحلامهم ولن تتحقق أحلامهم في اعتقادهم إلا بالقوة والقتل والتدمير وسفك دماء الأطفال والنساء لأن عقيدتهم التي فيها افتراء على الله تأمرهم بقتل كل من يخالفهم حيث ينظرون إلى غيرهم مجرد حيوانات بشرية، وانهم يمثلون شعب الله المختار.

اقرأ وشاهد المزيد:

بالفيديو.. اليمن بالملايين نصرة للرسول(ص) ودعم غزة ضد أمريكا و"إسرائيل"

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن عقائدهم الباطلة فهناك محاضرات للسيد القائد عبد الملك الحوثي أثناء طوفان الأقصى حيث كان السيد يظهر في خطابات أسبوعية تذّكر الأمة بمسؤولياتها تجاه ما يحدث في غزة ويدعو الشعب للخروج الأسبوعي ويذكر أرقام واحصاءات عن عدد الجرائم المرتكبة وكذلك يسرد إنجازات جبهات الإسناد في اليمن ولبنان والعراق ويشكر من يستحق الشكر من البلدان الواقفة مع فلسطين وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية في ايران , خلاصة القول أن السيد القائد عبدالملك الحوثي كشف وبالأدلة القرآنية وبالأدلة من كتبهم المحرفة التي فيها افتراء على الله أن هؤلاء القوم لا يمكن التعايش معهم أبدا بسبب معتقداتهم الشيطانية الكاذبة، وبأن كل حديث عن السلام معهم فهو مجرد ذر للرماد على العيون وتغطية لحقيقة النفسيات الخبيثة التي يحملونها ,وهي جزء من تركيبتهم التي شرحها الله تعالى في عدة سور قرآنية حيث قال تعالى ( والله أعلم بأعدائكم ).

بعد عامين من الطوفان انكسرت وتراجعت مسارات التطبيع عند العقول العربية التي كانت مسلوبة عند أغلب العرب عن إمكانية التعايش مع هذا الكيان، بعد عامين من الطوفان سقطت صورة هذه الكيان الغاصب المجرم في نظر أغلب الشعوب في العالم بعد أن كان يُنظر له بأنه دولة معترف بها ولكن الطوفان هتك سِرّهم الذي كانوا يخفونه ونزع عنهم ثوب الزور الذي تدثروا به طويلا، وتحولت النظرة اليه أنه كيان إرهابي يهدد السلام العالمي.

بعد عامين من الطوفان تيقن الانسان المسلم أن النصر على العدو ليس مستحيلا مثلما كان العدو يهيمن على كل الشعوب إعلاميا ويقنعها أنها ضعيفة وأنها غير قادرة على مواجهة الأمريكي والإسرائيلي وتصوير الجيش الإسرائيلي أنه لا يقهر وأن أمريكا أقوى دولة في العالم ومن يواجهها يخسر ولكن طوفان الأقصى أثبت أن الشعب الفلسطيني هو الشعب الذي لا يقهر وبأن الجيش الإسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت ولا يقوى سوى على قتل النساء والأطفال.

أما في المواجهة وجها لوجه فهو جبان وضعيف ومهزوز من الداخل حتى أن دبابات الميركافا أصبحت أسهل على المقاوم الفلسطيني من صيد العصفور، وبالمثل في اليمن حيث أصبح فخر الصناعة الأمريكية من الطائرات MQ9 صيدا وفيرا حيث تم اسقاط ما يقارب الـ"عشرين" طائرة أمريكية من هذا النوع بفضل الله وكل شي موثق صوت وصورة.

وبهذا انتهت السيطرة على العقول وتم تحريرها من هذا الوهن والضعف الذي يعيش في النفوس ويسكن العقول، فمحور الجهاد والمقاومة ورغم ما قدم من شهداء ومن تضحيات وعلى رأسها سيد شهداء المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله وقيادات الصف الأول والثاني من حزب الله وما قدمته الجمهورية الإسلامية من مئات الشهداء على نفس الطريق وتضحيات يمن الايمان الذي قدّم وزراء حكومته شهداء وقدم مئات الشهداء من المجاهدين والمدنيين وحينها اختلطت كل هذه الدماء بدماء شهداء عشرات الآلاف من أبناء فلسطين مدنيين ومجاهدين وقادة وأفرادا فكان لكل تلك الدماء كان لها دور في استمرار الطوفان بهذا الزخم وهذه القوة وهذا الثبات الذي جعله يسطر المعجزات وجعلنا نوقن أن هذا الطوفان هو بداية النهاية وبداية الأفول لكيانهم الذي تأسست على الدماء والسرقة والنهب.. فمسار التحرير مستمر حتى وإن كانت هناك جولات وهدنة تتخذ كاستراحة محارب، ف مسار التحرير فيه عثرات وفواجع ودموع ولكنه طريق لا مناص من خوضه قال تعالى: (إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء:١٠٤]

ولا زلنا نتذكر ونردد دعاء يوم الطوفان الدعاء الذي دعا به الشهيد البطل يحيى السنوار "اللهم اكسر بنا شوكتهم.. اللهم نكس بنا رايتهم.. اللهم أذل بنا قادتهم.. اللهم حطم بنا هيبتهم..اللهم أزل بنا دولتهم.. اللهم أنفذ بنا قدرك فيهم بالتدمير والتثبير يا رب العالمين اللهم حقق بنا آمال شعبنا بالعودة والتحرير، والصلاة في الأقصـى محررا مطهرا يا نعم المولى ونعم النصير".

انتهى اقتباس دعاء السنوار وبقي الأمل بالله كبيرا عندما نتأكد أن الله لا يضيع جهاد من انطلقوا في سبيله وطلبا لمرضاته فهو أكرم من أن يضيع كل تلك التضحيات وأعز من أن يخيب من يثق فيه ويتوكل عليه.

بقلم: أمة الملك الخاشب

0% ...

آخرالاخبار

الادميرال إيراني يشيد بنجاح القوات البحرية في مناورة بريكس الدولية


دول أوروبية تقاطع يوروفيجن احتجاجا على قرار السماح بمشاركة الاحتلال


رسائل التصعيد الإسرائيلي وولادة التسوية اللبنانية داخل لجنة الميكانيزم


انتحار ضابط بجيش الاحتلال بعد مشاركته حرب غزة


في زيارة دولة.. بوتين يصل قصر دلهي الرئاسي بالهند


'أسوشييتد برس': انهيار البحرية الأمريكية أمام العمليات اليمنية


تواصل الخروقات والقصف الإسرائيلي على غزة


الاحتلال يرتكب 7066 انتهاكا بحق فلسطينيي الضفة والقدس في نوفمبر


قتلى وجرحى باشتباكات مسلحة غرب طرابلس في ليبيا


قبائل جبل راس والعدين ومقبنة في الحديدة تُعلن النفير العام