أكد الخبير الأمني والاستراتيجي الفريق الركن عبد الكريم خلف، أن القمر الصناعي الايراني"نور 3" يمثل تطوراً نوعياً مقارنة بالقمر "نور 2"، حيث يزيده بـ 7 كيلوغرامات من المعدات الإضافية، إذ يبلغ وزن المعدات في "نور 2" نحو 25 كيلوغراماً، بينما يحمل "نور 3" ما يصل إلى 32 كيلوغراماً. وأشار إلى أن دقة التعامل مع المعلومات في "نور 3" قد ارتفعت بنسبة 2.5 مرة مقارنة بسابقه.
وأوضح خلف أن القمر يعمل في المدارات المنخفضة التي تتراوح بين 200 كيلومتر خارج الغلاف الجوي وحتى 2000 كيلومتر، وقد تم اختيار مدار بارتفاع 450 كيلومتراً، بحيث يتمكن القمر من مسح الكرة الأرضية بالكامل خلال فترة 90 دقيقة، أي أنه يحدث المعلومات باستمرار كل ساعة ونصف. ويستخدم القمر في التقاط الإشارات وبث الصور، فضلاً عن مهام استخباراتية مثل رصد المواقع العسكرية وإرسال صور ميدانية لها، بالإضافة إلى تحديد المواقع التي تستهدفها إيران.
وبيّن أن المدار المنخفض هو أولى فئات المدارات، يليه المدار المتوسط الذي يُستخدم لخدمات مثل الـ"جي بي إس" (GPS) لتحديد الأهداف الأرضية، أما المدار الثابت الذي يبلغ ارتفاعه نحو 36 ألف كيلومتر فيُخصص للاتصالات والبث التلفزيوني والخدمات التقنية المشابهة.
الفريق الركن خلف شدد على أن "نور 3" شكّل صدمة في الشرق الأوسط، إذ أصبحت إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك تقنية تطوير الأقمار الصناعية الاستخباراتية البحتة، القادرة على التعامل مع الإشارات ووسائل الاتصالات المخصصة لخدمة الأغراض العسكرية، من خلال إنتاج صور حديثة للأهداف وتحديد مواقعها بدقة عالية.
وأضاف أن هذا القمر يعد خطوة استراتيجية كبيرة لتعزيز المعلومات التي لا يمكن للجيش الإيراني أو الحرس الثوري الحصول عليها بالطرق التقليدية، خاصة المعلومات المتعلقة بالأهداف ذات الأهمية العسكرية. وضرب مثالاً بما حصل في عملية "الوعد الصادق 3"، حيث تم استهداف اماکن وأهداف لم تكن حتى حلفاء إسرائيل على علم بها، وهو ما يعكس الأهمية الفائقة لهذا النوع من الأقمار الصناعية.
وأشار خلف إلى أن "نور 3" مخصص لمهام المعلومات والرصد والمراقبة، بالإضافة إلى التقاط الإشارات سواء كانت راديوية أو اتصالات تخدم الاستخبارات والمعلومات العسكرية. وأوضح أن المعلومات الاستخباراتية نوعان: تلك التي تأتي من مصادر بشرية وتتطلب التدقيق، والمعلومات التي تقدمها الأقمار الصناعية والتي لا تحتاج لمراجعة، كونها تأتي مباشرة عبر الصور والإشارات وتصل فوراً لغرف العمليات، حيث يتم تحويلها إلى أهداف عسكرية قابلة للتنفيذ.
الفريق الركن اعتبر أن القمر الصناعي يمثل قفزة كبيرة في سلم تطوير وتوسيع قاعدة المعلومات لدى الحرس الثوري والجيش الإيراني، وخاصة لدى قوات الصواريخ والطائرات المسيرة، مشيراً إلى أن التحديث المستمر كل 90 دقيقة يعني أن خلال 8 ساعات هناك سلسلة من المعلومات الجديدة وأي تغييرات ميدانية في نطاق عمل القمر يتم رصدها وبثها بشكل فوري.
وأكد أن المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها أي جيش أو جهاز استخبارات حول العالم قد تتطلب أسابيع أو شهوراً أو حتى سنوات للوصول إليها بالطرق التقليدية، وقد تكون تلك المعلومات ناقصة أو مشوشة، فتتحول إلى ألغاز استخباراتية يصعب حلها. لكن الأقمار الصناعية، وعلى رأسها "نور 3"، توفر الحقائق المحدثة كل 90 دقيقة، ما يتيح تنفيذ ضربات دقيقة وتقييم نتائجها مباشرة بعد التنفيذ، وهو أمر بالغ الأهمية في الحروب، لأن الجميع يسعى لمعرفة تأثير الضربة وما بعدها، وهذا ما يوفره القمر بفضل قدرته على المسح الشامل للكرة الأرضية.