في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 أعلنت إيران تأييدها لمقاومة الاحتلال، وكانت حجر الزاوية في دعم تأسيس حزب الله.. إيران دعمت لبنان تماماً كما دعمت فلسطين.. علاقة إسناد الأخ لأخيه دون منة أو استغلال أو إملاء.
ورغم كل الضغوط عليها لم تحرر طهران نفسها من هذا الالتزام العقائدي والأخلاقي، حيث يشكل دعم إيران للمقاومة اللبنانية ورقة من أوراق فخر وقوة إيران.
واستضافت هذه الحلقة من برنامج "أوراق القوة" الشيخ حسين غبريس عضو المجلس المركزي في حزب الله وكان لها معه هذا الحوار:
العالم: بداية لماذا تدعمكم إيران؟
غبريس: من الطبيعي أن إيران الإسلام كدولة أن تكون لها علاقات وامتدادات في مختلف بقاع الأرض، المسلمون بعضهم لبعض.. أولياء لبعض، من هذا المنطلق الجمهورية الإسلامية سارعت إلى تقديم العون والدعم اللازم، أولا لأبناء فلسطين، لأن الإجراءات التي تمت في بداية انتصار الثورة لم تكن إلى لبنان، نحن نعلم أن في عام 82 بعد ثلاث سنوات من الانتصار حصل الاجتياح وحصل ما حصل.. لكن كان الدعم أساسا لفلسطين.
العالم: صحيح، ولكن هناك من يقول إن دعم إيران لحزب الله ليس هو دعم لمشروع لبناني مقاوم فقط.. وإنما من أجل ذراع إيرانية في المنطقة وتمدد وتوسع و ما إلى ذلك؟
غبريس: نسأل كل هؤلاء ليقدموا لنا دليلا واحدا أن إيران لها أطماع في أي قطر من أقطار العالم.. إيران إلى اليوم رغم مرور أكثر من 40 سنة.. يعني أربعة عقود من الزمن.. لم تطلب لا من حزب الله ولا من حكومة لبنان ولا حتى من حماس والجهاد وكل الفصائل التي تدعمها.. لم يطلبوا منهم موقفا واحدا.. بل أنا أزيدك من الشعر بيتا واحداً، لأقول السيدحسن رضوان الله تعالى عليه نظراً للهالة التي وصل إليها وقوة شخصيته وحضوره وقيادته الحقيقية.. إيران الإسلام أوكلت إليه أمور المنطقة كلها.. كان هو الذي يطلب وليست إيران التي تطلب.. أكثر من ذلك: كل القوى السياسية في لبنان والأفرقاء سواء كانوا معنا أو ضدنا أو في فلك آخر.. ليس لديهم أي إشكالية صغيرة علينا بأنه ائتمرنا يوماً بأوامر خارجية، على العكس تماما نحن طيلة هذة الفترة الزمنية منذ تأسيس حزب الله إلى اليوم رغم الاعتداءات الصهيونية المتكررة لم يلحظ أحد أي مطلب إيراني مهما بلغ.. صغر أو كبر.
العالم: دوماً تقولون ذلك يا شيخ.. ولكن الآن تقول إن إيران دعمتكم.. ولكن تطرقت إلى حرب الـ12 يوم وما جرى في إيران.. هناك من يقول إنكم مثلا لم تخففوا عن إيران في حرب الـ12 يوم وربما لم تفتحوا جبهة قد تخفف عن العدوان الذي جرى على إيران.
غبريس: هذا الكلام يريد أصحابه أن يصطادوا بالماء العكر.. عندما اندلعت الحرب في غزة قبل سنة وأشهر هناك من قال لماذا إيران لا تتدخل؟ أو هذا المحور أو ذاك؟ هذه المسألة محل نقاش كبير، هناك قدرة عند أي جهة من الجهات المعتدى عليها، أن تقف لتواجه دفاعا عن نفسها، ليس المطلوب اليوم الدخول في حرب مفتوحة.
العالم: يعني أنت تعني أن إيران كانت قادرة لوحدها أن تقوم بالرد؟
غبريس: تماماً.. تماماً، وبالتالي لو رد محور مع إيران سواء في لبنان أو فلسطين أو اليمن على العدو أثناء الـ12 يوما لقالوا إيران ضعيفة وطلبت من حلفائها أن يتدخلوا، هذا يؤكد من جديد صوابية ما كنا وما زلنا نقول: لم تطلب إيران من أحد شيئا، وإيران لديها القوة الكافية لردع أي اعتداء.. لردع أي ظلم، واثبتت التجربة، ونحن نعلم اليوم رغم الكلام الذي يقال هنا وهناك، وبأن الأميركي يتبجح بالقول بأنه لقنا إيران درساً.. السيد القائد صرح بوضوح وقال إن هناك أوهام عند الأميركي فليقتنع بأوهامه ويسير عليها.

العالم: ولكنكم أسندتم فلسطين.. هل كان هذا القرار برأيك قرار صائب وبرأى حزب الله بشكل عام.. هل كان قرار الإسناد لفلسطين قرار صائب أم ربما خطأ استراتيجي؟
غبريس/ لو لم يتدخل حزب الله في حرب الإسناد لكان من الطبيعي جدا أن يقال بأن هؤلاء تركوا القضية وتخلوا عنها، من الخطأ الفادح كان أن يكون موقف حزب الله محايد أو جانبي ليس له علاقة.. على العكس تماما..
العالم: سيما أنه دائماً يصرح أنه من أجل فلسطين وفلسطين القضية والسيد حسن نصر الله رحمة الله عيله كان يوجه باتجاه فلسطين.
غبريس: تماماً.. تماماً.. هنا الأمر يختلف عن إيران كدولة لها استقلاليتها ووضعها، هناك فصائل مقاومة فلسطينية ضعيفة بحاجة إلى دعم، من الطبيعي جداً أن يتحرك حزب الله باليوم الأول.. دعنا نقول لم يكتمل اليوم على الاعتداء حتى بدأ حزب الله.. لمدة سنة تقريبا وهو يساند، وكانت هذه المساندة جدا ضرورية لإخوتنا المقاومين في فلسطين، ونحن لو عاد الزمن بنا إلى الوراء لكنا اتخذنا نفس القرار ونفس الموقف.
العالم: رغم كل ما خسرتموه؟
غبريس: رغم كل ما خسرنا.. وأكثر من ذلك، دعيني اقول لك وللمشاهدين: لو كانت القيادة في حزب الله تعلم أن هناك شهداء أكثر وتقديم قرابين أكثر مما قدم لما ترددنا لحظة واحدة من الانخراط في المعركة ضد العدو.
العالم: ربما اليوم انخراطهم في موضوع جبهة الإسناد مع فلسطين وضع سلاح المقاومة على المحك.. الحكومة تقول إنه يجب حصرية السلاح بيديها.. وأنتم تقولون إن السلاح شرعي، على ماذا تستندون بموضوع الشرعية؟
غبريس: أولاً في الأمم المتحدة وكل الدول والأنظمة في العالم تقول إذا اعتدي على أرض وجب أو حق لشعبها أن يقاوم، أمر مطلوب جدا.. هذا لا يحتاج إلى نقاش.. بالعقل بالمنطق بالسياسة بكل المقاييس.. إذا اعتدي على أحد يجب أن يدافع عن نفسه، المعتدى عليه دائما يبرئ حتى لو قتل دفاعا عن النفس، هذا أمر بالقانون، إذاً لماذا القانون يعمل في مكان ولا يعمل في مكان آخر؟ وبالتالي السلطة اللبنانية تعلم.. نحن نتحدث بوضوح وبشفافية أيضاً رئيس الجمهورية الحالي اللبناني كان قائدا للجيش في الفترة السابقة، هو يعلم تماما حيثيات المقاومة وظروف المقاومة وقوة المقاومة وسياسة المقاومة.. كل الذي يقال اليوم الرئيس يعلمه تماما، ويعلم أنه من الضروري جدا الحفاظ على هذا السلاح، لأن بقاء السلاح يجعلنا في موقع قوة.
العالم: ولكن تصريحاته مغايرة لهذا..
غبريس: هو طلب منه.. أنا لا أدافع ولا أدين.. فقط أشخص الواقع.. طلب منه.. من الأميركي من الأوروبي من الصهيوني بشكل غير مباشر الضغط على بيئة المقاومة، لماذا؟ الكل يجمع عندهم في معسكرهم بأن المقاومة ضعفت بعد أن تلقت ضربات واستشهد بعض قادتها، إذا هؤلاء أصبحوا في موقع ضعيف يمكنهم أن يستسلموا، ولهذا ترامب رفع شعار "الاستسلام"، لم يرفع شعار إنهاء الحرب أو وقف إطلاق نار.. إستسلام، وبالتالي المقاومة ليس في موقع ضعف، والذي يثبت ذلك 66 يوماً من القتال الميداني في الساحة وفي المواقع الأمامية وفي القرى المتاخمة لفلسطين والحافة الأمامية.. لم يستطع العدو أن يتقدم إلى الأمام على الإطلاق.. أمتار قليلة ويتراجع، كل تلك المواقع التي دخل إليها بعد وقف إطلاق النار كانت بالسلم وليس بالحرب، بالتالي هل هناك عاقل في هذا الكون يمكن أن ينام وتغفو عينه وهناك وحش ضار يترقبه وينتظر متى تغفو العين حتى ينقض عليه؟ لا يمكن على الإطلاق، ما يطالب به البعض في لبنان وفي المنطقة وفي العالم هذا مضيعة وقت.
العالم: بعيداً عن ما يريدونه في الخارج وهذه الإملاءات.. اليوم من معكم في دعم سلاح المقاومة في لبنان غير المكون الشيعي -يعني بكل صراحة- غير بيئة المقاومة؟
غبريس: هناك إجابتان على نفس الأمر، الأول حتى لو لم يكن معنا أحد ولم نكن أكثر من ذلك.. لا أقول لك شيعيا فقط لا.. حتى لو كان جزء.. يعني حزب الله لو كان فقط لوحده من دون حركة أمل.. لو سلمنا بهذه المعادلة.. لسنا أغبياء إلى الإعلام الذي يثار حولنا.. وبالتالي نتخلى عن هذا السلاح، هذا أولا.. ثأنيا لدينا من المجتمع اللبناني العدد كثير من كل الطوائف، وأنا أتكلم هنا بشفافية مطلقة وبصراحة، وليرجعوا إلى استطلاعات الرأي التي أجريت وليست من عندنا.. أجريت استطلاعات عديدة من أكثر من جهة وهؤلاء ليسوا معنا.. ليعرفوا هل أن المجتمع اللبناني يصب كله في خانة واحدة؟ أو هل أن الطوائف الأخرى كلها مجمعة على أمر ضد طائفة واحدة أو جزء من طائفة؟
العالم: أو على نزع السلاح..
غبريس: تماما.. تبين لهم.. وأنا أتكلم هنا بالأرقام.. طبعا عند الشيعة 98% ليسوا مع تسليم السلاح.. حوالي 42% من المسيحيين ليسوا مع تسليم السلاح.. وهناك حوالي 60% أو أكثر من 100 من السنة ليسوا مع تسليم السلاح.. وهناك أيضاً قسم حوالي 70% من الدروز ليسوا مع تسليم السلاح.. إذا هذا على ما يدل؟
العالم: الأرقام التي تقولها جدا مهمة وربما لم تخرج إلى العلن..
غبريس: أعلنت على الأقل في المجتمع اللبناني، ولهذا أقول اليوم الرئيس اللبناني يناور رغم الضغط عليه إلا أنه مقتنع تماما أنه لا يمكن لأحد وهذا أمر صار واضحا لا بالقوة ولا بالمفاوضات ولأ باي أسلوب آخر يمكن أن تقبل المقاومة.. هذا ما تقوله بصراحة.. لتسليم السلاح، لا الفردي ولا الجمعي، ولا المتوسط ولا المتطور جدا.. سواء صواريخ أو ما شاكل ذلك، كل ما يسمى سلاح هذا في عهدة المقاومة، نعتبر أنفسنا مسؤولون أمام الله عنه، لأنه أمانة في أعناقنا.. أمانة على الشهداء والعوائل والجرحى والمعوقين وكل مستضعف في الأرض، كيف نسلم هذا السلاح؟ على كل حال.. دعيني أقول لك شيئا.. بعد الهمروجة الأخيرة التي حصلت أصبحت نغمة تسليم السلاح وراءنا.. الآن أصبحت خلفنا..
العالم: يعني لم يعد يتم النقاش فيها معكم؟
غبريس: ليس فقط لم تعد بل أصبحت خلفنا تماما، يعني لم يعد يناقش أحد على الإطلاق لا كيفية التسليم ولا متى التسليم ولا كذا.. وأنا هنا عندي رأي أقوله على محطتكم.. هذا العدو تعلمنا من فترات طويلة بالزمن (العالم: للخبرة الزمنية معه) حتى قبل المقاومة.. كانت دول.. كانت مصر وسوريا والأردن يقاتلون هذا العدو.. وهزموا، وهكذا، بكل الأحوال هذه التجربة تعلمنا على أي شيء؟ إذا قلنا للعدو مرة واحدة نعم لا نستطيع بعدها أن نقول لا على الإطلاق، ولهذا من الذي بيده كشف أوراق مكشوفة كتب عليها أن المقاومة في لبنان تمتلك هذا النوع من السلاح و كميته وعدده وأين متوفر.. من الذي يمتلك ذلك؟ لكن هذا السلاح في كل لبنان ليس فقط عند المقاومة، حتى خصوم حزب الله.. يعني القوات اللبنانية من الذي لديه كشف أوراق حسابية عن مدى السلاح وعدد أنواع السلاح؟ وغيرها.. الكتائب.. القوى الأخرى.. كل الأحزاب في لبنان لديها سلاح، لماذا التركيز على سلاح المقاومة يعني حزب الله؟ أليس في الأمر شكوك معينة ينبغي أن تكون؟

العالم: واضحة الإملاءات الخارجية وواضح أن المستهدف بالموضوع هو حزب الله.. لكن هذا يضعكم أمام مواجهة برية محتملة، وهناك حديث كثير حول هذا الموضوع.. وحتى ربما طرحت السيناريوهات، أنه ربما عبر الحدود البرية مع سوريا.. تارة يقولون ذلك.. أو من الجنوب.. هل أنتم اليوم جاهزون لخوض حرب برية؟
غبريس: حتما، نحن جاهزون ليس من الآن، دعيني أقول قبل أشهر عديدة المقاومة في لبنان أصبحت جاهزة وحاضرة ومستعدة لاي سيناريو محتمل، سواء كان قصف جوي، أو محاولة تقدم برية.. سواء من لبنان أو من سوريا، باعتبار الخاصرة الجنوبية لسوريا أصبحت هشة.. أصبحت ضعيفة وبإمكان العدو.. هو يتنزه على كل حال.. يعني يقوم يوميا بدوريات وما شاكل ذلك.. من أي نوع الذي كان العدو إذا فكر أن يعتدي على لبنان نحن قلناها بصراحة لن تكون نزهة على الإطلاق، تعلمنا من بعض الأخطاء التي حصلت، تجاوزنا الثغرات التي كانت، رممنا القوة الدفاعية للمواجهة، أعدنا تنظيم الصفوف بشكل مريح، غيرنا كل السيستم -إذا صح التعبير- الذي كان سائدا آنذاك.. لن تكون نزهة على العدو على الإطلاق، وهذا ما يفسر إصرار العدو ومن ورائة الأميركي والأوروبي على ليس فقط التفاوض.. سلموا السلاح سلموا السلاح.. لماذا؟ لأنهم يعلمون إذا ارادت إسرائيل أن تعاود الكرة باعتداء على لبنان لن يكون كما في السابق، وستكون النتائج مختلفة تماما، إضافة إلى ذلك نحن الآن لدينا عنصر قوة إضافي، جبهة اليمن.. وجبهة اليمن اعلنت بوضوح، كما أنها وقفت إلى جانب غزة فيما مضى، وحاضرة أن تكون جبهة مساندة لجبهة لبنان.
هل أنتم بحاجة إلى إسناد من اليمن؟
غبريس: لسنا بحاجة، ولكن.. لأنه اذا حصل هذا الاعتداء (العالم: سيكون ثقيلاً) تماماً.. على سبيل المثال بعض الجماعات في لبنان -حتى براك وآخرين- يقولون ستكون حرب بلا هوادة، مدمرة أكثر من غزة.. مجرد كلام، الآن كل الأنظار تتجه إلى المقاومة وحزب الله، ماذا لديكم؟ ماذا عندكم؟ طيب لماذا لا نقلب الصورة ونقول ماذا عند العدو؟ نحن نعلم أن لديه قوة عسكرية وسلاح جو متطور.. ولكن هذا الجيش المنهك المتعب الذي أكثر من سنتين الآن هو من جبهة إلى جبهة.. هو الآن بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي معنوي مادي..
العالم: ويبحثون عن جنود من الخارج..
غبريس: تماماً.. العدو ليس مرتاحاً، ليس لديه إلا أن يكون حاضرا للقتال.. هؤلاء في النهاية بشر.. لذلك فكروا في كل هذا، أنتم ونحن وكل هؤلاء عليهم أن يفكروا في الموضوع، أصبحت المسألة خلفنا.. الآن نحن بماذا نفكر؟ الآن تفكيرنا إلى متى سنصبر على الاعتداءات للعدو وتجاوزاته؟ يوميا يغتال، يوميا يقصف، يوميا يضرب، يوميا يحاول الدخول إلى هذه المنطقة أو تلك، ويمنع حتى ورش إعادة الإعمار.. مجرد الآلات المدنية التي تساعد على البناء من الكاتربيلر والجرافات وما شاكل ذلك.. كلها الآن مستهدفة من قبل العدو وتدمر، نحن صبرنا، وما زلنا نصبر، ولكن هذا الصبر ليس مفتوحا، قيادة المقاومة تحدد متى وكيف وأين.
العالم: هل تحدثتم عن ذلك مع الحكومة؟ ربما حتى تحت الطاولة؟
غبريس: طبعا، نحن قلنا هذا الكلام، كمسؤولين التقوا بالمسؤولين، عند الرئيس ورئيس الحكومة وقالوا بوضوح له نحن الآن نصبر حرصاً منا على أكثر من سبب..
العالم: هل هناك مهلة زمنية محددة؟
غبريس: عند المقاومة حتما هناك مدة، لكن هي بيد القائد.. بيد الأمين العام، ولكن قلنا لهم نحن نصبر ونكظم الغيض ونتحمل جراحات وآلام وعذابات.. نشيع شهدائنا، إلى الآن أكثر من 300 شهيد بفترة وقف إطلاق النار والآلاف من الجرحى، ومنازل دمرت، والكثير من الإشكالات التي حصلت.. لكن لا تراهنوا كثيرا على صبرنا، إن لهذا الصبر حدودا نحن نحددها.
العالم: السيدحسن الله يرحمه كان دائما يقول أعدكم بالمفاجآت، اليوم أنتم كحزب الله في أي مواجهة قادمة هل سنرى هذه المفاجآت كذلك؟
غبريس: حتماً.. حتماً.. نحن حفظنا وصية السيد، وسنعمل عليها بإذن الله تعالى، لست في إطار أن نكشف ماذا وكيف.. ولكن فليعلم الجميع أن الذي حصل درس تعلمنا منه الكثير، لم نعد بوارد أن نكون ضعفاء من جديد، أو أن نكون النزهة، لبنان ليس نزهة للعدو (العالم: يدخله متى يشاء ويخرج منها متى يشاء) أبداً.. أبداً.. وحتى لو تخلت الدنيا كلها عنا نحن لن نتخلى عن واجبنا، هذا تكليف شرعي، المشكلة أن كثيرين لا يعلمون هذا السبب، نحن لسنا في وارد أن تكون عندنا صداقة شخصية مع هذا السلاح أو ذلك، لا.. نحن ولدنا لنعيش في الحياة (العالم: بكرامة) كغيرنا ولكن بكرامة.. تماما، أما أن نكون ضعفاء إلى هذا الحد الذي يريده العدو ساعة يشاء نحن تعلمنا.

العالم: قيل مؤخرا إن إسرائيل رفضت مقترح أميركي يقضي بإطلاق مسار تفاوضي قائم على الانسحاب ووقف الأعمال العدائية لمدة شهرين.. ما الذي تريده إسرائيل؟
غبريس: إسرائيل تريد الاستمرار في عدوانها، لا يردعها أحد، ولا تتصور أن يكون هناك (قوة موازية) أي قوة صغرت أو كبرت، ليسوا في وارد أن يقبلوا على حدودهم أي قوة مهما كانت حجمها، ولكن اليوم مطروح.. يطرح الأميركي مفاوضات مباشرة مع العدو، القيادة السياسية في لبنان.. الحكومة اللبنانية أبلغت وصرح نائب رئيس الحكومة الوزير متري قال نحن عرض علينا في شهر مارس آذار السابق هذا العرض الأميركي ورفضناه كحكومة، من الطبيعي جدا أن الحكومة أيا يكن شكلها أن لا تقبل بالتفاوض المباشر مع العدو، لذلك الآن يطرحون التفاوض الغير مباشر، هناك محاولة للوصول إلى هدف..
العالم: هل لديكم مشكلة مع التفاوض غير المباشر؟
غبريس: نحن بالأساس رفضنا وما زلنا نرفض، ولكن ليسمع المعنيون في لبنان على ماذا يتم التفاوض، ماذا يريد العدو؟ نحن قلنا لهم هذا العدو يريد أن يراهن على الوقت ويعمل على إضاعة الفرص، لأنه ما زال مقتنعا بأنه قادر على المواجهة سيعتدي وسيستمر في عدوانه.
العالم: سأختم بهذا السؤال يا شيخ.. أنا اعلم أنه لديك علاقة شخصية خاصة عائلية مع رحمة الله ورضوانه عليه السيدحسن نصرالله.. وربما جمعكم منزل واحد.. ما تريد أن تخبرنا ولم نعرفه من أحد وممكن أن نعرفه فقط منك؟
غبريس: دعيني أقول وبشفافية أيضاً، أنا تعرفت على السيد بعد ما رجع من العراق.. وطبعا مجموعة من الطلبة على رأسهم السيد عباس الموسوي الشهيد الأمين العام الأول لحزب الله.. والسيد حسن وآخرين من إخوتنا العلماء الذين اصبحوا بلا مأوى.. بمعنى ليست هناك حوزة تستضيفهم، فبدأوا في البقاع في مدينة بعلبك تأسيس حوزة علمية، كان السيد من بينهم، والسيد حسن رضوان الله عليه كان بين الفينة والفينة يأتي إلى إيران في محاولة للدرس وتحصيل الدروس الحوزوية، لكن لم يكن بالإمكان ذلك، عاد في إحدى المرات وأنا كنت في بيته في بعلبك، البيت هو عبارة عن غرفتين.. فقط غرفتين مع مطبخ وأكيد توابع المطبخ.. كنت قد جلست في البيت لمدة أثناء أحداث في بيروت.. وعندما رجع السيد فوجئ بي.. طبعا كانت بداية معرفة، وأنا لدي مع أسرته والعائلة وأهل زوجتة وكذا صداقات قديمة جدا.. قبل أن قبل أن يتزوج السيد الحاجة أم هادي.. فقلت له إذاً أنت أتيت أهلا وسهلا سيدنا شكرا لكم على الضيافة أستأذن أنا.. قال لا أنا لا أقبل.. قلت يا سيد البيت صغير، قال غرفة لك والعائلة، وغرفة لي والعائلة، وقضينا فترة من الزمن سوياً إلى أن هدات الأمور في بيروت وأنا غادرت إلى بيروت، طبعا بقيت العلاقة والصلة، كثيرة هي الأمور التي جمعتنا حتى هنا في إيران لما كان يأتي.. هو السيد لا يشعر أحدا بأنه (العالم: غريب) أبداً.. تواضعه وقربه من الناس هذا ما يميزه.. وهذا ما الذي جعله قائدا بهذا المستوى وهذا الحجم.. سيدتي لو يعلم الناس.. نحتاج إلى وقت لندرك كم كانت الخسارة فادحة بفقد هذا الرجل، استشهاد هذا الرجل، إمتلك من السجايا والطباع والأخلاق والسلوكيات ما تعجز عنه ربما معاجم وكتب وكتابات ومحاضرات عديدة، لكن رغم قساوة المشهد وعظم الخسارة إلا أن المقاومة لا تتوقف بفقد واحد أو اثنين أو ثلاثة.. أو حتى لو كان قائدا أو قائدين أو أكثر.. المقاومة مشروع إلهي في الأرض، المقاومة أمة المقاومة بيئة.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..