خاص بقناة العالم..

لن تصدق ماكُتب علی قبر 'أب البرنامج الصاروخي الإيراني'

الأربعاء ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٥
١١:٠٢ بتوقيت غرينتش
حين يُذكر تاريخ الصناعات العسكرية الإيرانية، لا يمكن تجاوز اسم الشهيد حسن طهراني مقدم، ذلك القائد الذي كرّس حياته ليكتب اسم بلاده بحروفٍ من ذهب في سجلّ الصناعة الصاروخية العالمية، فحوّلها من دولةٍ محاصرة بعد الحرب المفروضة إلى واحدة من القوى الإقليمية الأكثر تطوراً في هذا المجال. 

وُلد مقدم عام 1955، ومنذ صغره كان يمتلك شغفًا كبيرًا بالعلم، وكان طالباً متميزًا. وقبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان من الداعمين لها، حيث شارك في الحلقات والنشاطات المناهضة للنظام آنذاك. وبعد انتصار الثورة، ومع اندلاع العدوان على إيران من قبل النظام البعثي العراقي، التحق طهراني مقدم بجبهات القتال، وهناك بدأت بوادر عبقريته تتجلى بوضوح.

فقد كانت القدرات الدفاعية الإيرانية في تلك المرحلة ضعيفة جداً، ومن هنا بدأ التفكير الجاد في كيفية صناعة صواريخ إيرانية بالاعتماد على الذات. وبعد انتهاء الحرب المفروضة، تولّى طهراني مقدم، باعتباره قائدًا للقوة الصاروخية في الحرس الثوري الإيراني، إنشاء مشروع القدرة الصاروخية الإيرانية، الذي شكّل الأساس لكل ما وصلت إليه الجمهورية الإسلامية من تطور في هذا المجال.

من أبرز الصواريخ التي تم تطويرها في تلك الفترة صاروخ شهاب-1 الذي وصل إلى مرحلة الإنتاج الضخم في أوائل العقد الأول من الألفية، بمدى يبلغ نحو 300 كيلومتر ودقة إصابة نسبية. ثم تطورت سلسلة الصواريخ لتشمل شهاب-2 وشهاب-3، وصولاً إلى سجيل وقدر، وهما من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى القادرة على إصابة الأهداف البعيدة بدقة عالية.

تفاصيل حياة حسن طهراني مقدم قليلة جدًا ومتفرقة، غير أن مقاطع الفيديو القصيرة التي نُشرت له في وسائل الإعلام الإيرانية تُظهر شخصية تمتلك إيمانًا عميقًا جدًا وذكاءً خارقًا.

ومن القصص الطريفة التي تُروى عنه أنه عندما زار روسيا في إحدى الفترات لطلب بعض المعلومات عن الصواريخ، ابتسم المسؤول الروسي وقال له ساخرًا إن هذه المعلومات "سرية للغاية ومخصصة فقط لروسيا". فردّ طهراني مقدم بابتسامة قائلًا إنه سيسعى للوصول إليها بنفسه، ثم عاد إلى إيران ليواصل العمل حتى نجح في تطوير صواريخ تتفوّق على كثير من النماذج المعروفة آنذاك.

كان الشهيد طهراني مقدم القائد الذي أوصى أن يُكتب على قبره: "هنا يُدفن من كان يريد زوال إسرائيل". وربما من أهم ما يُقال عن أي قائد شهيد في محور المقاومة، أن البوصلة التي حرّكتهم كانت فلسطين، فقد كانت أكبر أحلامه تحرير فلسطين، وظل هذا الهدف هو الذي يوجّه مسيرته حتى استشهاده.

شهرته لم تقتصر على الداخل الإيراني، بل امتدت إلى العدو الإسرائيلي والغرب، إذ كان مهندس مشروع الصواريخ الباليستية الإيرانية والمسؤول الأول عن تصميمها، كما كان المشرف على تأسيس البرنامج الصاروخي لحزب الله اللبناني، ومؤسس مركز الصواريخ في الحرس الثوري الإيراني، وأسس برنامج الصواريخ بعيدة المدى.

صمم طهراني مقدم صواريخ شهاب وقدر وسجيل بكل نسخها المطوّرة، وبلغت مدى تشغيلها مئات الكيلومترات، لتصبح اليوم من أبرز منظومات الردع في المنطقة.

وتعود بداية قصته مع السلاح الصاروخي إلى فترة الحرب العراقية–الإيرانية، مع ازدياد الحاجة إلى صواريخ بعيدة المدى وتعاظم الكراهية المتأصلة لدى الإيرانيين تجاه الكيان الصهيوني، الأمر الذي دفعه إلى العمل الجاد على إنشاء برنامج صاروخي يمكّن إيران من تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية.

وكان الصاروخ المدفعي الأرض-ارض "نازعات" هو باكورة إنتاج فريق طهراني مقدم والشباب الذين عملوا معه آنذاك، ثم تبعته سلسلة من الصواريخ مثل شهاب، وبعده غدير وعماد، وصولاً إلى البرامج الحالية التي جعلت الصواريخ الإيرانية قوة مهابة وورقة اقتدار استراتيجية للجمهورية الإسلامية.

اليوم تُعدّ الصواريخ الإيرانية ورقة ردع استراتيجية على مستوى إقليمي وعالمي، بفضل ما تتمتع به من أنظمة تسليح متطورة ودقة عالية في الأداء.

ولم يكن طهراني مقدم رجلاً عادياً، بل كان مهندس تحصين بلاده إلى المستوى الذي نشهده اليوم، حتى أصبح مدينًا له كل رجل وامرأة في محور المقاومة.

صحيح أن هذا الرجل رحل عن الدنيا، وهو الملقّب بـ«أب البرنامج الصاروخي الإيراني»، ولكن إرثه ما زال حاضرًا بقوة. فالصواريخ الإيرانية اليوم تُعد الأولى في المنطقة، وحققت مراتب متقدمة على مستوى العالم.

ويكفي أن نذكر أنه في أحد الاعتداءات الأخيرة على إيران، كان أحد الصواريخ التي أُطلقت في الرد الإيراني على الكيان الصهيوني يحمل اسم حسن طهراني مقدم، في إشارة رمزية إلى استمرار نهجه وإرادته في الجيل الذي تتلمذ على فكره.

إقرأ ايضاً.. إيران باتت القوة الصاروخية الأولى في المنطقة

0% ...

آخرالاخبار

خبر الموسم: رصاصة واحدة أنهت مشروع خطة إسرائيلية


قطر: نحن في نقطة مفصلية للخطوات القادمة في غزة


الاحتلال يعذب القائد الأسير مروان البرغوثي ويقطع جزءا من أذنه


بري: سلاح حزب الله شأن داخلي..لا يمكن التفاوض تحت النار


جاس‑313.. عين الأسطول الإيراني في عمق المحيطات


ايران تستخدم تتقنية جوية متقدمة لمواجهة الجفاف


من موسكو إلى ميامي: تحركات دبلوماسية ترسم ملامح التسوية


التصعيد الإسرائيلي مع مصر.. ومسيرة جاس 313 البحرية


"كاس العالم 2026".. مواجهه إيران في صدارة حديث المدربين


"يوروفيجن".. إسبانيا تفضح وتنسحب..."إسرائيل" تتلاعب وتتسلل!