إذا كان بلفور وعد اليهود بدولة على ارض لا يملكها، فالاستعمار الجديد شرعن للكيان الإسرائيلي ما هو أكثر من ذلك، شرعن لهذا الكيان المذابح والإبادة والعنصرية والسادية والفاشية.
بعد قرن وثمانية أعوام على الوعد المشؤوم علينا أن نقرأ ما بين السطور وما خلف الأبواب المغلقة، حتى نضع خطوة للأمام.. أن تعرف حضارة عام للأمام عليك أن تعرف حضارة 1000 عام للوراء.
في هذه الحلقة من ضيف وحوار والتي تتزامن مع ذكرى وعد بلفور إستضافت قناة العالم الإخبارية المؤرخ الفلسطيني الدكتور صالح عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت.
ولفت د.صالح أن: الوعد لا يتضمن كلمة "دولة"، وعد بلفور حتى إسمه هو "تصريح".. ديكلاريشن.. ومع الزمن عرف بوعد بلفور.. ولكن هو مجرد تصريح.. هو من 67 كلمة فقط، ولكن هذه الكلمات التي جاءت في الوثيقة تعتبر أطول كلمات استغرقت صياغتها عدة سنوات.
وأكد قائلاً: علينا أن نتذكر أن وعد بلفور صدر في الحرب العالمية الأولى وهو أحد إرهاصاتها، بمعنى أن علينا أن نعرف ما كان يجري.. إندلعت الحرب العالمية الأولى والألمان في البداية كانوا متقدمين في الحرب، والحرب تحولت فيما بعد إلى نوع من المراوحة في نفس المكان، حرب خنادق، مدفعية ثقيلة تضرب مدفعية ثقيلة، لا يوجد تقدم وليس هناك أي أفق لأي نجاح.
ونوه أنه: كان هناك من الضروري بالنسبة لبريطانيا أن تقوم الولايات المتحدة بدخول هذه الحرب بثقلها الاقتصادي والمالي والعسكري من أجل إنهاءها، لهذا الغرض كان المفتاح لدخول الولايات المتحدة للحرب هم اليهود، و رأس المال اليهودي، اليهود يسيطرون في الولايات المتحدة على وسائل الإعلام وتوجيه الرأي العام، ولذلك هذا كان أحد الأسباب الرئيسية الكبرى.

ولفت إلى أن: النقطة الثانية من أجل أن يقوم اليهود بشراء سندات الخزينة، بمعنى أن الحرب مكلفة جدا والدولة بحاجة إلى الحصول على قروض وبالتالي تصدر سندات.. من سيشتري هذه السندات؟ اليهود، ولذلك أيضاً كانت هناك محاولة ترضية،
وشدد على أن اللورد بلفور بالذات هو شخص معادي للسامية، وأوضح: نحن نعرف من خلال كتاباته أنه كان شخص يخشى من هجرة يهود أوروبا الشرقية إلى بريطانيا، وبالتالي كان هذا هو أحد الأسباب.. أحد العوامل هو أنه كان معاد للسامية فكان لا يريد لليهود أن يأتون إلى بريطانيا، فأصدر هذا الوعد من أجل أن يذهبوا إلى مكان بعيد.
ولفت إلى أن: إصدار وعد بلفور تأخر من 1915 إلى أواخر 2017 لأنه كانت هناك معارضة قوية من قبل اليهود الذين كانوا يشعرون بأن هذا موقف معاد للسامية.. بأنك تجمع اليهود في العالم وترسلهم إلى فلسطين، وبالتالي الدول تتعامل مع اليهود كناس لهم وطنهم والله معكم، وهذا كان أحد اسباب صدور الوعد.
وقال د.صالح: هناك سبب آخر وهو ثانوي، أن حييم وايزمان زعيم المنظمة الصهيونية العالمية، كان عالم كيمياء شهير واكتشف مادة الأسيتون التي استخدمت لاحقا في صناعة المتفجرات.. وخلال الحرب كانوا بحاجة إلى كمية هائلة من المتفجرات، ومادة الأسيتون كانت تسمح بتحويل مواد بشكل سريع وبكميات كبيرة.
وأكد قائلاً: لكن السبب الرئيسي وجد منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر وليس القرن العشرين، اللورد بالمرستون كان رئيس وزراء بريطانيا عندما قام محمد علي بمحاولة السيطرة لإنشاء دولة دولة عربية إسلامية لأسرة محمد، تخلف الرجل المريض "الدولة العثمانية" فكر في تلك اللحظة يجب علينا أن نقوم بخلق دولة فيها جنس مؤيد للغرب الاستعماري، وفي نفس الوقت يكون موقعها على حلقة الوصل بين القارة الآسيوية والقارة الإفريقية.. وهؤلاء الناس هم اليهود، ولهذا كان التفكير بالأساس أنه يجب إنشاء دولة تكون بمثابة الإسفين بين البر الآسيوي والبر الإفريقي.. بمعنى آخر أن التقاء المصالح الاستعمارية الكبرى للإمبراطورية البريطانية مع الرأسمالية اليهودية العالمية هي التي أنتجت الحركة الصهيونية.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..