وفي كلمة مباشرة بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد ألقى قائد حركة أنصار الله في اليمن كلمةً متلفزة، تناول فيها واقع الأمة الإسلامية، وعلاقة الشهادة والجهاد بالكرامة والسمو، متحدثًا عن الجرائم الأمريكية والإسرائيلية ضد الشعوب العربية والإسلامية، مع تركيز خاص على تطورات الأوضاع في فلسطين وقطاع غزة وموقف الأمة تجاهها.
الشهادة والجهاد: ثقافة الحياة الحقيقية
افتتح السيد الحوثي كلمته بتأصيل مفاهيم الشهيد والشهادة والجهاد باعتبارها قيمًا إيمانية عليا ومراتب رفيعة لا خسارة فيها. أكد أن الشهادة والجهاد مرتبطان بسعادة وعزة المسلمين في الحياتين، وأنهما ليسا نقيض الحياة بل "ثقافة الحياة الحقيقية" التي تحفظ الأمة من الذل والفناء.
وشرح أن مقام الشهيد ومرتبة الشهادة هبة إلهية تواسي أهالي الشهيد وتحث الأمة على الثبات والجهاد مهما تزايدت المخاطر، وأن من يظن أن الشهادة نقيض للحياة "لا يفهم المعنى الحقيقي للإيمان" ولا الرسالة المحمدية الخالدة التي اعتبرت الجهاد وطلب الشهادة ككرامة ورفعة للإسلام والمسلمين. وبذلك، فإن الأمة التي تحمل روح الجهاد والاستشهاد هي أمة حية، والأمة التي لا تحمل هذا الفكر أمة وهن وضعف.
فواجع تاريخية ومسؤولية الأمة
وقال السيد الحوثي إن الأمة مرت بـ"فواجع كبرى" من المراحل الماضية إلى مرحلة الاستعمار وصولًا إلى المرحلة الراهنة، وأنها "قدمت الكثير من القتلى في غير قتال وفي غير موقف". أشار إلى تقارير تتحدث عن مآلات حروب الأمريكان والغرب خلال العقود الأخيرة، وقال إن هذه الحصيلة تُظهر ثمن غياب ثقافة الجهاد والمناعة المجتمعية أمام مشاريع التدجين والاستهداف.
عندما غاب الجهاد حلت الكارثة
وربط السيد الحوثي بين ما حل بالأمة من وهن وترهل سياسي وأخلاقي وبين تفريطها في ثقافة الجهاد والاستشهاد، مستعرضًا أمثلة تاريخية مؤلمة: اجتياح المغول لبغداد عام 1258م وما رافقه من نهب وذبح ووباء أودى بملايين، والحملات الصليبية لاحقًا، وعهود الاستعمار الأوروبي والاحتلالات الحديثة. وجادل بأن هذه الكوارث ليست مجرد أحداث عابرة بل نتائج مباشرة لانحراف البوصلة وتعلق الحكام بالسلطة وحياة الترف على حساب مسؤوليات الأمة المقدسة.
خدمة الأجندة الأمريكية والإسرائيلية
وقال السيد الحوثي إن بعض الحركات والتشكيلات التكفيرية "غيرت بوصلة عدائها" لتتحرك وفق مصالح الأمريكي والإسرائيلي، معتبرًا أن أهل الباطل والظلم والطغيان يعملون بأهداف شيطانية وممارسات إجرامية تماثل ممارسات أمريكا وإسرائيل ومن يرتبط بهم.
تفريط الأمة وضعفها التاريخي
وشدد على أن الأمة عبر قرون "فرطت في مسؤولياتها الكبرى"، ما أدى إلى ضعف وشتات وكثرة العملاء ونقص الوعي، وهو واقع يفتح الباب أمام أعدائها للطمع والاستهداف. وحذر من أن حالة السكون والخضوع تقود إلى المزيد من سفك الدماء والاستباحة.
القضية الفلسطينية.. مقدمة لاستهداف الأمة
وأكد السيد الحوثي أن اليهود الصهاينة هم "ألد أعداء الأمة"، واعتبر فلسطين "مقدمة" لاستهداف الأمة بأكملها. استعرض جرائمٍ إجرامية مستمرة منذ سبعة عقود، ورفض وجود مبرر يستدعي هذا القتل والتهجير، قائلاً إن الصهاينة انطلقوا من خلفية فكرية وعقائدية شريرة لا تحتاج لأي استفزاز لتبرير عدوانها.
اتهم الضامن الأميركي بأنه "شريك في الإجرام" الإسرائيلي، وانتقد العجز الدولي عن تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات، مشيرًا إلى استمرار الحصار وإغلاق معبر رفح ومنع إجلاء المرضى والجرحى، واستمرار الاعتداءات والتدمير والخطف والتعذيب للأسرى، وذكر أن عدد الشهداء من الأسرى تجاوز الثمانين.
التطبيع والغرب ودور بعض الأنظمة العربية
واكد على تورط عدد من الدول الغربية بتزويد إسرائيل بالسلاح، وانتقد استمرار بعض الدول العربية في التجارة مع العدو أثناء العدوان، وذكر وعد بلفور كدليل على الدور الغربي في تمكين الكيان الصهيوني. واعتبر أن الغفلة العربية ما زالت مستمرة وأن هناك عملًا لتدجين شعوب الأمة لصالح أعدائها.
تشويه القوى المقاومة واتهامات المنافقين
انتقد حملات تشويه واسعة طاولت القوى المجاهدة التي وقفت مع غزة، وبين أن المنافقين الموالين لأمريكا وإسرائيل يتبنون نفس التوصيفات لتشويه من يقف مع الشعب الفلسطيني بتهم "إيرانية" و"أدوات خارجية"، وهو منهج يقوي الفتن ويشجع الإجرام كما يحدث في دول كالسودان.
المسيرة القرآنية وثمرات ثقافة الشهادة
استدل السيد الحوثي بأن المسيرة القرآنية مثال حي على ثمار ثقافة الشهادة؛ فقد بدأت من حال ضعف فأيدها الله ونصرها، وأثمرت عزة وتمكينًا لمن جسد ثقافة الجهاد في حياته، مشيرًا إلى أن اليمن كمثال قد خرج "من هذه الجولة أقوى مما كان عليه".
تشبيه تاريخي للعدو: المغول والصليبيون المعاصرون
خلص السيد الحوثي إلى تشبيه عدو اليوم بمغول العصر العباسي وصليبيي القرن الحادي عشر والثالث عشر ومحتلي العصر الحديث، معتبرًا أن الأمريكيين والصهاينة هم امتداد لتلك القوى العدوانية عبر التاريخ، وأن الصراع معهم "صراع وجودي عقائدي" لا يُحسم إلا بالجهاد والتحرر من الهيمنة.