ويُعتبر ديرمر من أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة في دائرة نتنياهو الضيقة، وقد شغل سابقا منصب السفير الإسرائيلي في واشنطن، حيث لعب دورا محوريا في توطيد العلاقات مع الإدارة الأميركية خلال السنوات الماضية، خصوصا في ملفات الأمن والتنسيق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
وخلال الانتخابات السابقة، لم يُرشّح ديرمر لعضوية الكنيست على قائمة حزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو، إلا أن الأخير عيّنه لاحقا وزيرا للشؤون الاستراتيجية بالنظر إلى خبرته وعلاقاته الواسعة في واشنطن.
كما مثّل نتنياهو في مهمات سياسية خارجية، لا سيما في البيت الأبيض، وكان عضوا في الكابينت السياسي الأمني، وعضوا أيضا في الكابينت المصغّر المعروف بـ"المطبخ الأمني"، وهي عضوية عادة تقتصر على الوزراء ذوي الصلاحيات العليا في القضايا الأمنية الحساسة.
وفي ظل تصاعد الخلافات بين نتنياهو ورئيس جهاز "الشاباك" السابق رونين بار، الذي غادر منصبه مؤخرا، كلّف نتنياهو ديرمر برئاسة طاقم المفاوضات الإسرائيلي المعني ببحث صفقة تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى التنسيق مع الوسطاء بشأن وقف الحرب على قطاع غزة.
وذكرت القناة 12 أن استقالة ديرمر جاءت بعد خلافات حادة مع نتنياهو خلال اجتماع للكابينت، اتُّخذ فيه قرار احتلال غزة ومخيّمات الوسط، أي السيطرة الكاملة على القطاع. وقد اعترض ديرمر في الاجتماع على المضي في صفقة تبادل محتجزين جزئية، وهو ما رفضه نتنياهو، مشدداً على استكمال العمليات العسكرية أولا.
وبحسب ما نقلته القناة عن مصادر مطلعة على فحوى الجلسة، قال ديرمر خلال النقاش إن "هناك احتمالا كبيرا جدا لأن يطرح الوسطاء علينا صفقة جزئية يُفتتح على أساسها التفاوض، وأنا أقول إن هذا وقت لا نملكه".
وأضاف أن استمرار الحرب بهذا الشكل "سيُضعف موقف إسرائيل أمام الإدارة الأميركية"، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لا يمكنه السماح باستمرار الحرب كل هذا الوقت"، وأن قبول صفقة جزئية في هذا التوقيت "لن يخدم المصالح الإسرائيلية الاستراتيجية".
وتُعدّ استقالة ديرمر، الذي كان من أكثر الشخصيات قربا من نتنياهو ومن مهندسي سياساته الخارجية، ضربة سياسية جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يواجه تحديات داخلية متصاعدة، في ظل استمرار الحرب على غزة وتزايد الانتقادات لطريقة إدارته للأزمة.
وتشير أوساط سياسية في تل أبيب إلى أن خروج ديرمر من الحكومة قد يُحدث فراغا في إدارة العلاقات مع واشنطن والملفات الدبلوماسية الحساسة، خصوصاً أنه كان يتولى قنوات التواصل المباشر مع الإدارة الأميركية، ويُعتبر أحد أبرز صانعي القرار في "المطبخ السياسي" الإسرائيلي.