وانتشرت صوراً من الكيان الاسرائيلي تُظهر اختباء نتنياهو في "الحفرة" أو موقعه المخصص خلال قصف المقاومة اللبنانية لصواريخ استهدفت "كرياه" لعقد اجتماع طارئ.
تاريخ الإنشاء والرمزية
تاريخيًا، "كرياه" هي جزء من مستعمرة "سارونا" التي أنشأها فرسان الهيكل الألمان في القرن التاسع عشر، قبل مصادقة الجمعية العامة على خطة تقسيم فلسطين عام 1947. مؤسسات الاستيطان اليهودي، برئاسة ديفيد بن جوريون، أنشأت هذه لجنة طوارئ لتأسيس نظام حكومي تمهيدًا للإعلان عن إقامة الكيان. بعد إعلان قيام الكيان عام 1948، رفع جنود هاغانا علم إسرائيل في "سارونا"، واختارت لجنة الطوارئ قطعة أرض منها لتكون المقر المؤقت للحكومة، وأطلقت عليها اسم "كرياه".
تضم المنطقة عدة منشآت حكومية كبيرة، منها مقر القيادة العامة والتي تسمی أيضاً بمقر إسحاق رابين (الرئيس الأسبق للكيان، الذي تم اغتياله بعد اتفاقية اوسلو).
وتعتبر الكرياه، "عاصمة الاحتلال العسكرية" والتي تسمی بـ"بنتاغون إسرائيل"، وهي قلب القيادة العسكرية لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
العمق الاستراتيجي والمرافق المحصنة
في أعماق كرياه، تحت الأرض، توجد قاعة محصنة لإدارة الحروب الكبرى والأزمات، مُصممة لمواجهة الهجمات الصاروخية والكيميائية والنووية. يُستخدم هذا المركز لإدارة الحروب الكبرى، وهو مزود بأنظمة اتصالات مشفرة وشاشات متابعة للأقمار الصناعية، ويتمتع بالقدرة على إدارة الجيش بالكامل في حال تدمير المقرات العلوية.
الأهمية الاستراتيجية والدلالات
تتمتع "الكلية" بأهمية استراتيجية وعسكرية وأمنية قصوى، ولها أهمية رمزية خاصة في الوعي الإسرائيلي باعتبارها "خط الدفاع الأخير عن إسرائيل".
الاستهداف الإيراني
استهداف إيران لهذا الموقع تحديدًا له دلالات بالغة الأهمية، حيث أثبتت الصواريخ الإيرانية قدرتها على الوصول إلى أي هدف حساس داخل الكيان وتجاوز كافة طبقات الدفاع الجوي. وقع الاستهداف الإيراني خلال اجتماع عُقد على مستوى عالٍ ضم رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الحرب، وقيادات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى.
تشير تقارير صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الاجتماع كان يُعقد في العمق داخل "الحفرة" أو القاعة المحصنة. في المقابل، أشارت تقارير أمريكية إلى أن الصواريخ ضربت مقر وزارة الحرب الإسرائيلية بالفعل، وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه دُمر خلال الاستهداف تسعة مبانٍ بشكل كامل وتضررت مئات الشقق والمركبات.
سوابق الاستهداف
من الجدير بالذكر أن كتائب القسام أجرت عام 2014 مناورات جوية فوق مبنى وزارة الحرب في الكرياه باستخدام طائرات "أبابيل 1". كما قصف حزب الله "كرياه" عام 2020، مما يمثل الذكرى السنوية الأولى لتلك الضربة.
خلاصة الرمزية
إن استهداف هذا الموقع تحديدًا له بعد مهم جدًا، وقد وصلت الرسالة للكيان، خاصة وأن هذه المواقع سرية جدًا حتى أن المحيطين بها لا يعلمون ما بداخلها، والمعلومات عن هذه الغرفة المحصنة تقتصر على القيادات العليا فقط. هذا يشير إلى حجم كنز المعلومات الذي تمتلكه القيادة الإيرانية، والذي استُغل جزء منه بشكل مُوجع ومفاجئ للكيان وللولايات المتحدة خلال حرب الـ 12 يومًا. ولهذا، تشير تحليلات إلى أن الكيان والولايات المتحدة لن يقوما بمغامرة عسكرية، وأن أي عدوان أو مشاكسات ستكون بشكل مختلف.