القرار اللبناني القاضي بتعيين موفد مدني داخل لجنة الميكانيزم أثار مفاجأة لدى جزء من الرأي العام، رغم أنه جاء بعد محاولة سابقة قبل شهر لعقد لقاء بين مندوبين لبناني وإسرائيلي خارج إطار اللجنة.
وكانت تلك المحاولة قد دفعت حزب الله إلى إصدار الكتاب المفتوح الموجه إلى الرؤساء الثلاثة، محذرا من الانزلاق نحو تفاوض مباشر، ومحددا جملة من الضوابط.
وتشير المعلومات إلى أن تسوية تمت خلال الأسابيع الماضية، أبلغت بها الجهات السياسية قبل نحو أسبوع.
ووفق مصادر قريبة من الرئيس نبيه بري، فإن حزب الله كان على علم بإضافة عنصر دبلوماسي تقني إلى الوفد اللبناني ضمن الميكانيزم، رغم عدم موافقته على اسم الموفد المقترح، الذي لا يعتبره مناسبا لتمثيل موقف متصل بالمقاومة، إلا أن الحزب يفصل بين شخص الموفد وبين طبيعة الدور التقني المفترض أن يؤديه.
وفيما تتردد تساؤلات حول ما إذا كان هذا المسار يمهد لتفاوض سياسي أو اقتصادي، أكد رئيس الحكومة أن تفسير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبالغ فيه، مشددا على أن التفاوض محصور في الملفات التقنية العالقة، ومنها السلاح وبعض النقاط الحدودية وترسيم الحدود البرية ووقف إطلاق النار، وكل ذلك ضمن صلاحيات اللجنة.
كما أوردت الصحف اللبنانية تصريحات للرئيس بري شدد فيها على أن مهمة السفير سيمون كرم ذات طابع تقني بحت، مرتبطة بمتابعة الاعتداءات وتطبيق القرار 1901، وبالتنسيق الكامل مع الحكومة اللبنانية، إذ يمثلها رسميا داخل اللجنة.
وفي سياق القلق الشعبي من احتمال توسع مهمة اللجنة لتشمل مسارات تفاوضية أو اقتصادية، أوضح بيان رئاسة الجمهورية أن هناك مظلة وطنية واضحة لحصر دور اللجنة في الإطار التقني الفني.
ويذكر أن واشنطن كانت تطالب منذ مدة بإضافة شخصية مدنية خارج الميكانيزم، بينما أصر الرئيس بري وحزب الله والثنائي الوطني على أن تكون ضمنه، وهو ما انسجم أيضا مع موقف رئيس الحكومة الرافض للذهاب نحو أي مسار تطبيعي.
أما على مستوى موقف حزب الله، فتشير مصادر إعلامية قريبة منه إلى أن درجة التحفظ الحالية أدنى من سقف الكتاب المفتوح الذي صدر قبل شهر.
ويرجح أن الحزب يتعاطى مع الخطوة بمرونة أكبر ما دامت محصورة في الجانب التقني وتحظى بموافقة الرئيس بري، باعتبار أن الدولة تتحمل مسؤولية اختبار هذا الخيار.
وفي ظل التساؤلات حول ما إذا كان توسيع الوفد اللبناني قد يجنب البلاد حربا إسرائيلية، يرى بعض المراقبين أن التصعيد الأخير كان وسيلة لفرض هذا الخيار على لبنان وإعطائه شرعية داخلية.
وتبقى علامات الاستفهام قائمة حول النيات الإسرائيلية، إذ ينظر في تل أبيب إلى لبنان من زاوية ملف سلاح حزب الله حصرا، فيما تشير تقديرات إلى أنه لو كان القرار الإسرائيلي متجها نحو الحرب، لكان اتخذ منذ البداية دون الحاجة إلى هذا المسار.