شهادات صادمة..

أسرى النخبة في قبضة الاحتلال: الموت أرحم من السجون

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
٠٩:١١ بتوقيت غرينتش
أسرى النخبة في قبضة الاحتلال: الموت أرحم من السجون 
تكشف شهادات أسرى محرَّرين عن حجم المعاناة المروعة في سجون الاحتلال، حيث التعذيب اليومي والقتل البطيء باتا واقعا مأساويًا، فيما يدفع الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يتيح الإعدام الفوري للأسرى الفلسطينيين، وسط تحذيرات حقوقية من أن القانون سيؤدي إلى أكبر عملية قمع وقتل جماعي منذ عقود.

تفضح شهادات أسرى محررين، سياسة الإعدام والقتل البطيء في سجون الاحتلال، فيما يدفع "الكنيست" قانون إعدام الأسرى في مخطط إسرائيلي يستهدف تنفيذ أكبر عملية قتل جماعي مدبرة.

في وقت تحذر فيه الهيئات الحقوقية من مخطط إسرائيلي يستهدف تنفيذ أكبر عملية قمع وقتل جماعي مدبرة، تتبدى معالم هذه العملية من خلال الجدل الدائر داخل أروقة الكنيست الإسرائيلي، خصوصا في ما يتعلق بمشروع قانون إعدام الأسرى.

غير أن تلك الضوضاء تتلاشى في عيون الأسرى المحررين وآذانهم وذاكراتهم، في ظل بقاء شهاداتهم الحية والمثقلة بتفاصيل التعذيب حاضرة؛ فبالنسبة إلى هؤلاء الذين عايشوا تجربة الأسر خلال العامين الماضيين، وحظوا بحريتهم أخيرا، يبدو الموت - على رهبته - رحيما جدا، قياسا بما يمارسه جنود الاحتلال من تعذيب نفسي وجسدي وجنسي ممنهج، يسحق الكرامة البشرية بصورة يومية.

هذه الذكرى لا تكاد تفارق حياة "أبو مصطفى"، وهو أسير محرر عايش تجربة السجن في ثلاثة معتقلات هي: "سدي تيمان"، و"عوفر"، و"عسقلان"، قبل أن ينال حريته في صفقة تبادل الأسرى التي أعقبت وقف إطلاق النار في مطلع تشرين الأول الماضي.

يقول الشاب الثلاثيني، تعليقا على قانون الإعدام المزمع إقراره، إن "ما تفعله إدارة السجون من ممارسات، هو الإعدام اليومي البطيء بحد ذاته...لم يعاملنا السجانون كبشر... كانوا وحوشا لا لجام لها، ولا قانون يضبط حدود التعذيب ولا رقابة... مسموحٌ لهم أن يتفننوا في أساليب القهر والتنكيل وسحق الكرامة البشرية كما يحلو لهم".

وبحسب الشاب الذي اعتقل من حاجز الإدارة المدنية شمالي قطاع غزة في تشرين الأول 2025، فإن أكثر الأسرى تعرضوا للتعذيب الجسدي المبرح، بما فيه اقتلاع الأظفار، والشبح لساعات طويلة جدا، والحرمان من الطعام والعلاج.

ويؤكد أن "كل أسير كان يخسر ما لا يقل عن ثلثي وزنه، حتى يخرج كهيكل عظمي بالكاد يكسوه القليل من الجلد.. أما أقسى الممارسات فهي التنكيل الجنسي والاعتداءات المتكررة التي يجبر الأسرى على مشاهدتها..ما أن تقتلع أظفارك، ويكوى جسدك بالقصدير، وتطفأ أعقاب السجائر في وجهك وظهرك، كل ذلك محتمل ويمكن أن يمر... أما أن تجبر على مشاهدة أسير آخر مسن مبتور القدم، وهو يضرب ويعذب حتى يسقط أرضا، وتغتصبه الكلاب البوليسية، فهذا ما لا يمكن نسيانه".

على أن كل تلك المشاهدات ليست سوى نقطة في بحر من الظلام والعذاب اللذين تختص بهما مصلحة إدارة السجون، ضد من يصطلح على تسميتهم "أسرى النخبة"، إذ يعتقل معظم هؤلاء في قسم مخصص يدعى "ركيفت»"، وهو سجنٌ معزول بني خصيصا تحت سجن "نتيسان"في الرملة، علما أن عدد الأسرى المعتقلين فيه يقدر بنحو 300، أخذ معظمهم في يوم عملية "طوفان الأقصى"، وآخرون خلال المعارك والمداهمات على مدى عامين من الحرب الغاشمة الإسرائيلية.

وبحسب تقرير سابق لـ"هيئة شؤون الأسرى" و"نادي الأسير الفلسطيني"، فقد أجرت المؤسستان زيارة واحدة فقط لهذا القسم، خرجتا بعدها بانطباعات "صادمة ومرعبة»" حول ظروف الاعتقال، حيث يجبر الأسرى طوال الوقت على الاستماع إلى موسيقى صاخبة تحرمهم من النوم والراحة، ولا يسمح لهم بالحركة؛ كما يجبرون على قضاء حاجتهم في "الحفاضات"، ولا يقدم لهم سوى نصف كأس ماء يوميا... كذلك، يحتجز هؤلاء في زنازين لا تدخلها أشعة الشمس، وينامون على أسرة حديدية بلا فرشات أو أغطية، حتى في فصل الشتاء.

وتشير شهادات بعض الأسرى، في هذا السياق، أيضا، إلى إجبارهم على شتم أمهاتهم، وتعريضهم للضرب اليومي على مناطق حساسة من أجسادهم، بالإضافة إلى قيام السجانين بتكسير أصابع الإبهام لكل أسير بشكل دوري.

وتؤكد هذه المعطيات أن ما يمارس بحق الأسرى بشكل اعتيادي، هو الإعدام والقتل البطيء بكل ما للكلمة من معنى، وإن كانت أدواته بعيدة من الشنق وإطلاق الرصاص والكرسي الكهربائي والحقنة السامة، وهي الوسائل التي وضعت كـ«"خيارات" لتنفيذ حكم الإعدام بحق "أسرى النخبة".

وإذ تشير تقارير مؤسستي الأسرى المشار إليهما، إلى أن عدد الشهداء داخل السجون منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة تجاوز 100، جرى توثيق هوية 84 منهم، بينهم 50 من أبناء القطاع، فإن حصيلة شهداء الحركة الأسيرة ترتفع بذلك منذ عام 1967 إلى 321.

وتصف مؤسسات الأسرى المرحلة الحالية بأنها الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية، في ظل سياسات "الإعدام البطيء" عبر التجويع، والحرمان من العلاج، والاعتداءات المتواصلة.

وفي خضم ذلك، نشر وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، المتطرف إيتمار بن غفير، أمس، تفاصيل محدثة لمشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، الذي تدفع به كتلته "عوتسما يهوديت"، تمهيدا للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة في "الكنيست".

وبحسب مسودة المشروع، التي قدمتها ليمور سون هار ميلخ، عضو «الكنيست» عن الكتلة نفسها، يهدف التشريع إلى فرض عقوبة الإعدام على من تصفهم سلطات الاحتلال بـ"المخربين الذين تسببوا بمقتل إسرائيليين

وذلك بزعم «حماية إسرائيل ومواطنيها»، و«تعزيز الردع»، و«تقويض الدافع لعمليات الخطف وصفقات التبادل».

وللمرة الأولى، تتضمن المسودة بندا خاصا يتعلق بأسرى يوم السابع من تشرين الأول 2023، ينص على تطبيق القانون بأثر رجعي، بما يسمح بالحكم بالإعدام كعقوبة إلزامية على «كل من تسبب بمقتل مدنيين أو سكان إسرائيليين» خلال الهجوم.

وبحسب الصيغة المقترحة، تصنف هذه الأفعال كـ"إبادة إنسان" وفق قانون منع الإبادة الجماعية الإسرائيلي، كما تمنح المحكمة صلاحية فرض حكم الإعدام من دون التقيد بموقف النيابة، على أن ينفذ الحكم خلال 90 يوما من صدوره النهائي - بواسطة مصلحة السجون.

كذلك، ينص المشروع على فرض الإعدام الإلزامي على أسرى من سكان الضفة الغربية المحتلة، عبر تخويل المحاكم العسكرية إصدار أحكام الإعدام من دون الارتباط بموقف النيابة، فيما يقضي بإلغاء شرط الإجماع بين القضاة، والاكتفاء بأغلبية عادية.

بالإضافة إلى إلغاء شرط الرتب العسكرية العليا للقضاة المشاركين في إصدار الحكم. ويقترح القانون، أيضا، تعديل قانون العقوبات الإسرائيلي لفرض الإعدام على «كل من تسبب عمدا بمقتل مواطن أو مقيم إسرائيلي»، مع النص على أن صلاحية المحكمة في فرض العقوبة غير مشروطة بطلب من النيابة.

أما طرق تنفيذ الإعدام، فيقترح المشروع أن تتم عبر إطلاق النار، أو الشنق، أو بواسطة الكرسي الكهربائي أو الحقنة السامة، على أن ينفذ الحكم سجان يعين خصيصا من قبل مفوض مصلحة السجون، مع الحفاظ على سرية هويته.

وفي 8 كانون الأول الجاري، حضر بن غفير وأعضاء كتلته جلسة لجنة "الأمن القومي" وهم يضعون دبابيس على شكل مشانق، في خطوة أثارت موجة انتقادات واسعة، داخل الكنيست وخارجه.

وحينها، قال بن غفير"جئنا جميعا مع هذا الدبوس الذي يمثل أحد خيارات تنفيذ قانون الإعدام (…) هناك المشنقة، والكرسي الكهربائي، وحتى الحقنة".

كما تباهى بتشديد الإجراءات بحق الأسرى، بما في ذلك تجويعهم، قائلا"أوقفنا المخيمات الصيفية، وجولات التنفس، والطعام الفاخر".

وفي المقابل، أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية رفضها المشاركة في تنفيذ عقوبة الإعدام، فيما أكدت "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" أن العقوبة تتناقض مع قدسية الحياة وكرامة الإنسان.

وحذر رئيس نقابة أطباء الصحة العامة، البروفيسور حغاي ليفين، من أن تطبيق الإعدام "قد يزيد منسوب العنف ويلحق ضررا خطيرا». كما حذر 16 مسؤولا إسرائيليا سابقا، بينهم رئيسان سابقان لجهاز "الشاباك"، في رسالة رسمية، من أن القانون «لن يعزز الردع»، بل «سيلحق ضررا شديدا بأمن "إسرائيل"، ويعرض اليهود والإسرائيليين حول العالم للخطر".

وكانت الهيئة العامة لـ«الكنيست» قد صادقت في 10 تشرين الثاني الماضي على مشروع القانون بالقراءة الأولى، بأغلبية 39 نائبا مقابل 16 صوتا معارضا، فيما أقر في الجلسة ذاتها مشروع قانون مماثل بدعم من أحزاب في الائتلاف والمعارضة، في ما يؤشر إلى وجود توافق سياسي واسع داخل المؤسسة الإسرائيلية على الانتقام الوحشي من الأسرى.

المصدر: موقع "الأخبار"

0% ...

آخرالاخبار

الإعلام العبري بين لقاء ترامب–نتنياهو وتصعيد الجبهة اللبنانية


طاجيكستان تدعو إلى توسيع التعاون في مجال الطيران المدني مع إيران


فنزويلا: احتجاز واشنطن لناقلة النفط الثانية قبالة سواحلنا قرصنة


حماس تصدر بيانا عقب الاجتماع مع الاستخبارات التركية


العميد وحيدي: لا يجرؤون على نزع سلاح حزب الله


القرض الأوروبي لأوكرانيا يفتح باب الخلاف في القارة الخضراء


الأردن يضرب مواقع داعش في سوريا ضمن 'التحالف الدولي'


إصابة شاب برصاص جيش الإحتلال قرب مخيم نور شمس


البرازيل تحذر من التدخل العسكري في فنزويلا


البرلمان الجزائري يواجه إرث الاستعمار الفرنسي في بلاده