وأرقت مسيرة "شاهد" الإيرانية حلفاء أمريكا، وفي مقدمتهم الإحتلال الإسرائيلي، وغيرت معادلات الصراع في أكثر من ساحة.
وفي اعتراف لافت، أفاد موقع "ناشونال إنترست" الأميركي بأن الجيش الأميركي تمكن من الاستحواذ على طائرة مسيرة إيرانية من طراز "شاهد"، ويجري حاليًا دراستها داخل مختبرات وزارة الدفاع بهدف تفكيك أسرارها التقنية ومحاولة الاستفادة منها، في مشهد يعكس انقلاب الأدوار بين من كان يدعي الريادة ومن بات يسعى للحاق بالآخرين.

ويعيد هذا التطور إلى الأذهان حادثة عام 2011، حين نجحت إيران، بقدراتها المحلية في الحرب الإلكترونية، في السيطرة على الطائرة الأميركية الشبحية "RQ-170" وإنزالها سالمـة داخل أراضيها، لتتحول لاحقًا إلى أساس لتطوير جيل متقدم من الطائرات المسيرة الإيرانية. واليوم، تجد واشنطن نفسها مضطرة لتكرار التجربة ذاتها، ولكن من موقع المتلقي لا المُصدِر.
ويرى التقرير أن الاستخدام الواسع لمسيرات "شاهد"، خصوصًا في الحرب الأوكرانية، كشف هشاشة السردية الغربية التي طالما وصفت الصناعات العسكرية الإيرانية بالبدائية، إذ أثبتت هذه المنظومات منخفضة الكلفة وعالية الفعالية قدرتها على اختراق أنظمة الدفاع الغربية وإرباكها، ما أثار قلقًا متزايدًا داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبحسب ناشونال إنترست، ورغم السباق العالمي لتطوير الطائرات المسيرة بين قوى كبرى كالصين وروسيا وتركيا، فإن إيران تميزت بقدرتها على إنتاج منظومات انتحارية فعالة بتكلفة محدودة، وهو ما جعلها النموذج الأكثر تأثيرًا في هذا المجال، وأجبر خصومها على إعادة النظر في استراتيجياتهم.

ويقر الموقع الأميركي بأن مسيرة "شاهد-136" تتفوق من حيث الفعالية والكلفة على عدد من الأنظمة التي تطورها الولايات المتحدة، إلى درجة أن مشروع مشاة البحرية الأميركي الجديد "LUCAS" يُعد، وفق التقرير، مستوحى بشكل مباشر من التصميم والفلسفة التشغيلية للطائرة الإيرانية، ويخضع حاليًا للاختبار في مركز "يوما" العسكري بولاية أريزونا.
هذا الاعتراف لا يقتصر على الجانب التقني فحسب، بل يفضح أيضًا ازدواجية الخطاب الغربي الذي يفرض العقوبات على إيران بزعم "منع انتشار التكنولوجيا"، فيما يسارع في الخفاء إلى نسخ هذه التكنولوجيا نفسها عندما تثبت فاعليتها على أرض الواقع.
وفيما تسعى واشنطن إلى تعميم إنتاج منظومة "LUCAS" على نطاق واسع، على أمل استخدامها في مسارح عمليات متعددة من أوروبا إلى الشرق الأوسط والمحيطين الهندي والهادئ، يبقى الثابت أن الريادة في هذا المجال بدأت من طهران، لا من مختبرات البنتاغون.
ويشير التقرير الأميركي، إلى أن استحواذ الولايات المتحدة على التكنولوجيا العسكرية الإيرانية يكشف حجم الفجوة بين الدعاية السياسية والواقع الميداني، مؤكدًا أن القدرات الدفاعية الإيرانية أكثر تقدمًا مما يسوق للرأي العام الغربي، ومثيرًا تساؤلات مقلقة داخل الأوساط العسكرية الأميركية حول ما تمتلكه إيران من منظومات أخرى لم تكشف بعد، وقد تشكل تهديدًا حقيقيًا للوجود الأميركي وحلفائه، وفي مقدمتهم كيان الاحتلال، في المنطقة.