آية الله خامنئي: على شعوب المنطقة صون اسلامية ثوراتها

آية الله خامنئي: على شعوب المنطقة صون اسلامية ثوراتها
السبت ٠٥ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٣:٥٤ بتوقيت غرينتش

وجه قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي نداء لحجاج بيت الله الحرام، تطرق فيه الى الاحداث التي شهدتها بعض البلدان المهمة الاسلامية، منوها الى امكانية هذه الاحداث في تغيير مصير الأمة الإسلامية،ودعا المخلصين في هذه البلدان، إلى تحقيق إسلامية النظام الجديد وشعبيته بشكل تام .

وصرح قائد الثورة الاسلامية في ندائه المهم الذي تلي اليوم السبت في وادي عرفة وبعد توصيات بضرورة اغتنام فرصة الحج لتطهير الروح، صرح بان هذه الاحداث اطاحت في مصر وتونس وليبيا بالطواغيت المتفرعنين الفاسدين العملاء، وفي بعض البلدان الأخرى تتصاعد أمواج الثورات الشعبية لتهدّد قصور المال والقوّة بالإبادة والانهدام.

واوضح آية الله خامنئي بان "هذه الصفحة الجديدة من تاريخ أمتنا توضّح حقائق هي بأجمعها من الآيات الإلهية البينات، وتقدّم لنا  دروسًا حياتية، مؤكدا ان هذه الحقائق يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار في جميع  محاسبات الشعوب المسلمة."

وفي معرض تبيينه الحقائق والدروس الحياتية لهذه الاحداث اوضح قائد الثورة الاسلامية: "أنه انبثق من قلب الشعوب التي كانت لعشرات السنوات قابعة تحت السيطرة السياسية الأجنبية، جيل من الشباب باعتماد على النفس ونهض لمواجهة القوى المهينة وشمّر عن ساعد الجدّ لتغيير الأوضاع".

واضاف: انه "رغم سيطرة الحكام العَلمانيين وما بذلوه من سعي في السر والعلن لعزل الدين عن الحياة في هذه البلدان، فإن الإسلام قد صار هاديا و موجّهًا للألسن والقلوب بنفوذٍ وحضور باهر وعظيم، وبعث الطراوة والحياة في أقوال الجماهير المليونية وأعمالهم وفي تجمعاتهم ومواقفهم" معتبرا الانتخابات الأخيرة في تونس بانها برهان قاطع على هذا الادّعاء.

وتابع قائلا: "لا ريب فإن الانتخابات الحرّة في أي بلد إسلامي آخر سوف لا تكون لها غير نتيجة ما حدث في تونس".

واشار قائد الثورة الاسلامية الى ان احداث هذا العام قد بيّنت للجميع أن الله العزيز القدير قد جهّز في عزم الشعوب وإرادتها قدرةً لا تستطيع أن تقاومها أية قدرة أخرى موضحا: ان الشعوب وبما وهبها الله من هذه القوة قادرة أن تغيّر مصيرها وتجعل النصر الإلهي من نصيبها.

واشار قائد الثورة الاسلامية، الى محاولات الدول المستكبرة وعلى رأسها أميركا  لممارسة أحابيلها السياسية والأمنية، من اجل إخضاع حكومات المنطقة والسيطرة الاقتصادية والثقافية والسياسية المتزايدة على هذا الجزء الحسّاس من العالم، موضحا: ان هذه الدول تواجه الان "أمواجًا من السخط والرفض والنفور من شعوب المنطقة، ومما لا شك فيه أن الأنظمة المنبثقة عن هذه الثورات سوف لا تنصاع أبدًا لحالة عدم التعادل المهينة السابقة، وسوف تتغير الجغرافيا السياسية لهذه المنطقة بيد الشعوب وفي اتجاه التحقيق التام لعزّتها واستقلالها".

وصرح بالقول: أن "الطبيعة المزوّرة والمنافقة للقوى الغربية قد انكشفت لشعوب هذه البلدان وان أميركا وأوروبا بذلتا كل ما في وسعهما بشكل من الأشكال لإبقاء صنائعهما في مصر وتونس وليبيا، وحين تغلّب عزم الشعوب على ما أرادوه، توجّهوا إلى هذه الشعوب المنتصرة بابتسامة صداقة مزوّرة".

واكد قائد الثورة الاسلامية إن الأمة الإسلامية بأجمعها وخاصة الشعوب الناهضة بحاجة إلى عنصرين أساسيين الاول هو مواصلة النهوض، والحذر الشديد من وهن العزم الراسخ.

وفي هذا المجال استند آية الله خامنئي في ندائه الى آيات من القران الكريم حينما يأمر الله سبحانه وتعالى للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا" و "فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ" وكذلك في الكتاب الكريم على لسان موسى : "وقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين، مضيفا: إنّ مصداق التقوى البارز للشعوب الناهضة في هذه الفترة يتمثل في عدم توقّف حركتها المباركة، وأن لا تُلهينّها منجزات هذا المقطع.

والعنصر الثاني الذي يحاجة اليه الامة الاسلامية و خاصة الشعوب الناهضة من منظار قائد الثورة الاسلامية يتمثل في "الوعي واليقظة أمام ما يكيده المستكبرون الدوليون والقوى التي صُفعت جرّاء هذه الثورات والنهضات".

واوضح سماحته : ان "هؤلاء (المستكبرون) سوف لا يقفون مكتوفي الأيدي، بل سيتوجهون إلى الساحة بكل قواهم السياسية والأمنية والمالية لاستعادة نفوذهم واقتدارهم في هذه البلدان وان آليّتهم في ذلك التطميع والتهديد والخداع".

ثم دعا اية الله خامنئي الشباب اليقظين والمثقفين وعلماء الدين الى "حالة دقيقة من المراقبة"لكي لا يسقطوا في فخ مؤامرات هولاء المستكبرين، قائلا ان "التجارب دلت على أن بين الخواص يوجد مَن تفعل هذه الآلية فعلَها فيهم، ويدفعهم الخوف والطمع والغفلة عالمين أوغير عالمين، إلى خدمة العدوّ".

 ووصف قائد الثورة الاسلامية تدخل جبهة الكفر والاستكبار وتأثيرها على صياغة النظام السياسي الجديد في هذه البلدان بالخطر الاهم في هذا المجال ،موضحا "انهم  سوف يبذلون ما وسعهم كي لا تتخذ الأنظمة الجديدة هوية إسلاميّة وشعبيّة".

 واكد سماحته انه ينبغي للمخلصين في هذه البلدان بأجمعهم والذين يحملون عزة بلدانهم وكرامتها وتطورها، أن يسعوا إلى تحقيق إسلامية النظام الجديد وشعبيته بشكل تام وكامل"منوها الى اهمية دور الدساتير في هذا المجال وقال: "إن الاتحاد الوطني وقبول التنوع المذهبي والقبلي والقومي شرط لما يُستقبل من انتصارات".

 واكد اية الله خامنئي ان نجاة الشعوب الشجاعة الناهضة في مصر وتونس وليبيا والشعوب اليقظة المناضلة الأخرى، من ظلم وكيد أميركا وسائر المستكبرين الغربيين انما يكمن في أن يكون تعادل القوى في العالم لصالحهم.

كما شدد ان المسلمين يجب عليهم أن يوصلوا أنفسهم إلى مشارف قوة عالمية كبرى من أجل أن يستطيعوا حلّ مسائلهم بشكل جادّ مع القوى العالمية الطامعة، وهذا لا يتحقق إلاّ بالتعاون والتعاضد والاتحاد بين البلدان الإسلامية.

واشار نداء قائد الثورة الى الاحداث التي شهدتها ليبيا من قصف الناتو وتدمير البنى التحتية فيها قائلا : ان "اميركا والناتو ،صبّت النيران على ليبيا وشعبها لاشهر بذريعة القذافي الخبيث والدكتاتور الذي هو نفسه الذي كان يُعتبر قبل ما أقدم عليه الشعب الليبي من نهوض شجاع، من أصدقائهم المقربين، وكانوا يحتضنونه وينهبون ثروات ليبيا على يديه، بل من أجل اِغوائه يشدّون على يديه أو يقبّلونها.. وبعد نهوض الشعب اتخذوه ذريعة وهدموا جميع البنى التحتية في ليبيا".

وتساءل: "أية دولة استطاعت أن تحول دون مأساة قتل الشعب الليبي وانهدام ليبيا بيد الناتو؟ مضيفا : ان مخالب القوى الدموية الطامعة والوحشية الغربية مادامت لم تنكسر فإن مثل هذه الأخطار متصوّرة للبلدان الإسلامية، ولا نجاة إلاّ بتشكيل قطب مقتدر من العالم الإسلامي".

واضاف : "ان الغرب وأميركا والصهيونية اليوم أكثر ضعفًا من أي وقت مضى، إنّ المشاكل الاقتصادية، والهزائم المتتالية في أفغانستان والعراق، والاعتراضات العميقة الشعبية في أميركا والبلدان الغربية الأخرى التي اتسعت يومًا بعد يوم، ونضال الشعب الفلسطيني واللبناني وتضحياتهما، والنهوض البطولي للشعوب في اليمن والبحرين وبعض البلدان الأخرى القابعة تحت نفوذ أمريكا.. كل هذا يحمل بشائر كبرى للأمة الإسلامية وخاصة للبلدان الثائرة الجديدة".

وختاما دعا سماحته المؤمنين من الرجال والنساء في جميع أرجاء العالم وخاصة في مصر وتونس وليبيا الى ان يستثمروا أكثر فأكثر هذه الفرصة لإقامة القوة الدولية الإسلامية.