وافاد موقع نهرين نت الثلاثاء ، ان المراقبين وجدوا في هذا الاعلان ، منعطفا في الموقف التركي السري والعلني المتورط في المشروع الاميركي–الاسرائيلي بمشاركة السعودية وقطر ، لاسقاط نظام الرئيس الاسد ، من خلال تبني المعارضة السورية واحتضان قواعد تدريب لها ، والمشاركة في اشعال "الحرائق الامنية والعسكرية" في سوريا منذ اكثر من 15 شهرا وحتى الان.
وقال اردوغان خلال افتتاحه المنتدى الاقتصادي العالمي حول اوروبا والشرق الاوسط وشمال افريقيا وآسيا الوسطى في اسطنبول يوم امس الثلاثاء ان "موقفنا بالنسبة من هذه المشكلة دقيق.. الحريق في سوريا يستطيع ان يلتهم كل المنطقة، وقد حذرنا سابقا مرارا من ذلك.. اذ تم تهجير آلاف الناس من بيوتهم وهربوا الى بلدان مجاورة".
واشار اردوغان الى انه في تركيا وحدها يوجد الآن اكثر من 24 الف لاجئ سوري.
وفي تصريح يناقض الدلائل على ارض الواقع زعم اردوغان قائلا :"لم نتدخل ابدا ولن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، ولكننا مهتمون في سلام واستقرار منطقتنا، اذ تصبح حاليا مشكلة اية دولة مشكلة عالمية، فالحرب والارهاب وعدم الاستقرار في دولة تنعكس بلا شك على حياة الدول الاخرى، لذلك يجب العمل في اطار عالمي".
ويرى المراقبون في هذه التصريحات ، بمثابة "اعلان براءة" من حكومة اردوغان عن الادوار الخطيرة التي لعبتها حكومته لدعم "تسلل وتواجد المجموعات المسلحة" في سوريا وتاجيج الصراعات الطائفية فيها والذهاب بعيدا في الترتيبات الامنية والعسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في سوريا واحتضان رجال القوات الخاصة ف هذه الدول وضباط اجهزة مخابراتها للاتصال بالمعارضة السورية او للتسلل الى داخل الاراضي السورية للاشراف على عمليات تنفيذ وتوجيه العمليات المسلحة للمجاميع الارهابية.
وبرر المراقبون هذا التراجع في تصريحات اردوغان ، الى عدة عوامل مثلت تطورات نوعية في الازمة في سوريا وهي :
العامل الاول: تصاعد الرفض الشعبي الداخلي في تركيا لتورط حكومة اردوغان وتوريط البلاد في الازمة في سوريا ، وتحقيق حزب "الشعب" المعارض والمنافس ، شعبية اوسع على حساب السخط الشعبي من نهج حزب العدالة والتنمية المتمثل بحكومة رجب طيب اردوغان بالتورط في شان داخلي لدولة لها طابعها الطائفي والجيو سياسي المعقد.
العامل الثاني: تراجع الموقف الاميركي والبريطاني والفرنسي من دعوات اسقاط نظام الرئيس الاسد، بعد فشل محاولات عديدة لتمرير مشاريع في مجلس الامن لـ "شرعنة" العمل العسكري ضد الاسد، وجاءت تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاخيرة لتدلل على ذلك بعد لقائها مع وزير الخارجية الروسي لافروف ، اذا اعلنت ان اميركا لاتشترط تنحي الرئيس الاسد في اية عملية سياسية لحل الازمة في سوريا في الوقت الحاضر.
والعامل الثالث: ان هذا التراجع التركي ، ياتي بعد نجاح نظام الاسد من كسب مزيد من الاصطفاف الشعبي لجانبه ، وتخلي طلاب الجامعات والطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة عن تعاطف مع دعوات ,وشعارات"التغيير" الاولى التي كانت تسوقها المعارضة عبر قنوات فضائية عربية مملوكة للسعودية وقطر كالجزيرة والعربية ، وتراجع تاثير قنوات طائفية اخرى موجهة ضد سويا ممولة من المخابرات السعودية والقطرية بشكل مباشر ، اثر المجازر المروعة واخرها "مجزرة الحولة" التي نفذتها المجموعات الوهابية المسلحة ، وراح ضحيتها 117 قتيلا معظمهم من الاطفال والنساء وكبار السن، وبعد التفجيرات الدموية الارهابية التي تفذتها هذه المجموعات ذات الصلة بالقاعدة والتي سببت صدمة وهولا في الشارع السوري لدمويتها واستهدافها للمدنيين واخرها كان التفجير الانتحاري في "القزاز" بالقرب من حي"السيدة زينب" الذي راح ضحيته اكثر من 450 قتيلا وجريحا وجميعهم من المدنيين الا عدد قليل من رجال الشرطة.
كذلك ياتي التراجع التركي الذي بدى في تصريحات اردوغان امام المنتدى الاقتصادي العالمي ، وقوله انه يخشى – الان - ان تلتهم النيران المنطقة ، ولم يفكر بذلك من قبل ، اثر نجاح الجبش السوري وقوات امن النظام من طرد مجاميع مسلحة من داخل المدن الى ارياف وقرى حدودية لتتحول الى مجاميع مسلحة لا قيمة استراتيجية لها ولعملياتها.