مهمة الإبراهيمي في ميزان الحل السياسي

مهمة الإبراهيمي في ميزان الحل السياسي
الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٣:٢٩ بتوقيت غرينتش

دار في الآونة الأخيرة لغط بشأن مهمة المبعوث الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي, والغريب أن يجري التداول السياسي بشأن هذه المهمة في الوقت الذي صدرت فيه إشارات من الإبراهيمي نفسه إلى أن الدخول في الحل السياسي بات ممكناً بعد لقاء دبلن الذي جمع كلاً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون بحضور الإبراهيمي,

 ونتج عن هذا اللقاء دورة من الاجتماعات بين نائبي وزيري الخارجية الأميركية والروسية بلورت ما سمي خطة طريق أو آلية أو صيغاً مرنة لدعوة مجموعة الاتصال الدولية بعد توسيعها لمؤتمر ثانٍ يعقد في جنيف ويحمل تسمية «جنيف 2» على أن تكون المرجعية الأساسية بل المبادئ والأسس لهذا الملتقى النقاط الست التي حملت اسم خطة عنان, ووثيقة جنيف, وهو ما يؤكد أن هناك إمكانية ما للدخول فعلاً وبشكل جاد في عملية سياسية متكاملة وشاملة ما دفع بالإبراهيمي إلى الإعلان أن الحل السياسي للأزمة السورية بات ممكناً, ولا يمكن أن نفصل بالتالي ما ذهبت إليه الوزيرة كلينتون إثر لقاء دبلن عن هذا المؤشر من أنه على الدول صاحبة التأثير في الأزمة السورية أن تبذل جهوداً تدفع في اتجاه تحقيق الحل السياسي, وإنجاح مهمة الإبراهيمي.
بالطبع لا يجوز أن نستبق ما يمكن أن يترتب على هذه المؤشرات على الرغم من ضعف الثقة بها بسبب البراغماتية الأميركية التي تذهب في كثير من الأحداث والتطورات في غير المنحى المعلن في المواقف والتصريحات, إلا أنه من الثابت إذا ما كانت هناك إرادة حقيقية على مستوى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ومعهم بالطبع كل هذه الدول الداعية والداعمة والضامنة للمجموعات الإرهابية المسلحة في الداخل السوري, من أجل التخلي عن توريد السلاح, وتصدير المسلحين, ورفع الغطاء الإعلامي التضليلي والمخادع والمشارك في الحرب الإرهابية على سورية, ووقف التمويل, ومن الطبيعي جداً الدخول في تفاصيل ومنعطفات الحل السياسي لأنه بمجرد أن يتحقق الأمن والاستقرار, ويكف الرصاص الإرهابي عن الأزيز, ويتوقف مسلسل القتل وسفك الدم وتنتهي عمليات التفجير المتنقلة والتدمير والتخريب, واستهداف شبكات الاتصال ومحطات الكهرباء وناقلات النفط والغاز والدقيق والمواد الغذائية.. فإن ذلك كله سيعبد الطريق ولا شك لإنجاز الحل السياسي وتعزيزه على الأرض والواقع, ويفتح كل الأبواب الموصدة حتى هذه اللحظة إلى حوار سياسي وطني شامل وموسع بين التيارات والقوى والأحزاب السورية وتحت سقف الوطن وبقيادة السوريين من دون أي تدخل خارجي في الشأن السوري, ومن دون التهديد بالتلاعب في الأوضاع السورية والمتاجرة بالدم السوري.
ومن هنا تبدو عملية الحل السياسي غير معقدة وليست مركبة إذا ما توافرت النية الجادة والصافية برفع الأيدي كلها عن سورية وعن شعبها ومقدراتها, والإيمان بقدرة الشعب السوري وبوعيه وتماسكه وبوحدته الوطنية في أن يقرر مصيره بنفسه, وتجديد دولته انطلاقاً من الالتزام الكامل والمطلق بالدستور الذي رسم نظام الحكم في سورية على أنه نظام ديمقراطي يقوم على التعددية الحزبية والتشاركية السياسية, وأن صناديق الاقتراع وحدها هي الحكم والمقياس والميزان.
وهكذا وفي ضوء ذلك يتضح أن ما يمكن إقراره بشأن الداخل السوري من إجراءات وتوجهات ورؤى لا ينسف فقط أهداف المؤامرة التي اتخذت أشكال وأساليب الحرب الإرهابية غير المسبوقة على سورية, بل أيضاً يفكك أدواتها التي اتخذت من الوضع في الداخل ذريعة وسيفاً مسلطاً لتمرير مراحلها وسيناريوهاتها على نحو خطير ومدمر بهذه الفوضى الدموية, وبإثارة الفتن وعلى كل الصعد وكان من آخر مظاهرها الاقتحام والهجوم من الجماعات المسلحة على مخيم اليرموك لافتعال فتنة سورية-فلسطينية, وتحميل الجيش العربي السوري زوراً وبهتاناً التسبب بها, على غرار ما أشيع من أكاذيب حيال المجازر والجرائم المرتكبة في وضح النهار في مناطق عديدة من الجغرافيا السورية, وكانت وراءها تنفيذاً الجماعات الإرهابية المسلحة, وتخطيطاً وأوامر ونصائح تلك الدول والقوى الضامنة والداعمة لمخطط أخذ سورية إلى المجهول ونشر الفوضى الدموية وعلى نحو مدمر وكارثي لتقويض بنى الدولة, وضرب مؤسساتها وإسقاطها.
ونتساءل هنا: هل أدرك الإبراهيمي أن مفتاح الحل السياسي, وإنجاح مهمته يكمنان إذاً عند هذه الدول والقوى التي شكلت مخلب قط وجسراً لتهديد سورية وشعبها, ولرفع وتيرة العنف والإرهاب إلى درجة أنه بات يشكل خطراً على كل أوضاع المنطقة ودول الجوار, لسبب بسيط ومعروف هو أن أمن المنطقة واستقرارها من أمن سورية واستقرارها وأي تفكير آخر لن يكون مصيباً ولن يكون إلا عناداً في قلب الحقائق وتغييبها, على الرغم من أنه لا يمكن حجب نور الشمس بغربال.
أحمد صوان - تشرين اون لاين