الذكرى الثانية للثورة المصرية

الذكرى الثانية للثورة المصرية
الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٣ - ٠٣:٤١ بتوقيت غرينتش

تمر بعد أيام الذكرى الثانية للثورة المصرية ضد نظام حسني مبارك الذي سقط بفعل ثورة الشعب المصري ، وها هو يقبع في السجن بانتظار محاكمته لجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب المصري ونهبه وزبانيته لأموال وخيرات هذا الشعب.

و يحتفل الشعب التونسي أيضا بذكرى الاطاحة بديكتاتور تونس زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية وهو الان يقيم مع اهله وافراد عائلته وزبانيته معززين مكرمين في كنف آل سعود وعلى اراضي الجزيرة العربية بانتظار الفرصة المؤاتية.
وكذلك يحتفل الشعب الليبي بسقوط معمر القذافي الذي حكم ليبيا لاكثر من أربعين عاما حكما فرديا ديكتاتوريا .
وتخلص الشعب اليمني من رئيسه علي عبد الله صالح بعد أن تواطأ  زعماء مجلس التعاون بقیادة حكام آل سعود لتخليصه من قبضة شعبه وتبرأته من الجرائم التي ارتكبها طوال اكثر من ثلاثين عاما.
وها هو الشعب البحريني يواصل انتفاضته ضد حكم آل خليفة الذي يحظى بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة والغرب وشيوخ المنطقة ، ويواصل جرائمه بحق شعب اعزل انتفض ضد نظام طائفي معارض للديمقراطية والحريات ومدعوم بالاسطول الخامس الامريكي وقوات درع الجزيرة.
فالانتفاضات الشعبية في الوطن العربي ، قد أطاحت بزعماء كانوا يعتبرون انفسهم خالدين في الحكم ، ولا يزال هناك حكام يحكمون بلدانا عربية  ويحاولون ابعاد شعوبهم عن الانتفاضات الشعبية.
فحكام آل سعود يجهدون كثيرا للحيلولة دون وقوع أي انتفاضة شعبية في الجزيرة العربية بدفع مليارات الدولارات كرشى لشعبهم وقيامهم بخطوات ترقيعية منها تعيين 30 إمرأة في مجلس للشورى عينه الملك ولا يمثل الشعب بل يقوم بتقديم المشورة مع وعد باجراء انتخابات بلدية في عام 2015.
وهناك محاولات مشابهة للدول العربية الاخرى في الخليج الفارسي، لاطالة أمد حكم شيوخها وحكامها الذين يحكمون منذ عشرات السنين.
فالثورة المصرية حققت انجازا كبيرا باسقاط نظام حسني مبارك، المدعوم من الامريكان والصهاينة. ومن المفارقات العجيبة ان الامريكان لم يدعموا مبارك قبل سقوطه، لانهم يدركون بان الاصرار على بقاء الديكتاتور يثير الشعوب ضد زعماء البيت الابيض.
فالشعب المصري حقق انجازات عديدة بعد اسقاط مبارك منها انهاء حكم العسكر في مصر وهذا انجاز كبير لم يكن يظن أحد بان القادة العسكريين الذين حلوا محل مبارك بعد نجاح الثورة من السهولة اعادتهم الى ثكناتهم او احالتهم على التقاعد.
فالثورة المصرية حققت للشعب المصرية الحريات الاساسية حيث بات الشعب قادرا على التعبير عن ارائه دون خوف ووجل من السلطة.
ومنذ انتصار الثورة اجريت انتخابات برلمانية ورئاسية وكذلك اجرى استفتاء على الدستور مع وجود تحفظات من جانب الاحزاب السياسية المصرية عليها.
وكانت الثورة المصرية قد اعادت العلاقات بين الشعب المصري والفلسطينيين وفتحت الحدود بين مصر وقطاع غزة، وتغير الموقف المصري من ايران حيث زار الرئيس محمد مرسي طهران للمشاركة في قمة عدم الانحياز، كما زار وزير الخارجية الايراني على اكبر صالحي  القاهرة هذا الشهر ومن المقرر ان يزور الرئيس الايراني مصر قريبا.
ولا ننسى هنا، ان الثورات الشعبية في البلدان العربية ومنها تونس ومصر، ابتليت بجماعات سلفية متطرفة وصلت الى مراكز القرار بفعل ظروف غير عادية منها رغبة الولايات المتحدة بمشاركة هذه الجماعات في الحكم في البلدان العربية لتشكل مستقبلا حكومات في البلدان التي نجحت فيها الثورات والانتفاضات الشعبية.
لا ننسى، أن حكومات الولايات المتحدة والغرب التي تحرص على السيطرة على مصادر النفط والغاز في منطقة الشرق الاوسط والخليج الفارسي، وجدت في الاحزاب السلفية والمتطرفة بديلا عن الحكام المستبدين و السبيل الوحيد للحيلولة دون  قيام حكومات ديمقراطية وحرة في المنطقة، وها هي الاحزاب السلفية والمتشددة تعد نفسها للانقضاض على الحكم في أي بلد يحاول التخلص من حكامه.
فتنظيم القاعدة الذي يحظى بدعم مالي وعسكري كبيروغير مباشر من  الولايات المتحدة والغرب وشيوخ المنطقة ، يعمل ليل نهارلمصادرة الانتفاضات الشعبية وسحب البساط من تحت أرجل الشعوب المنتفضة وطرح التنظيم كبديل شرعي للانظمة الحاكمة ، وهذا التنظيم يكتسح الساحات في البلدان العربية ، بدعم مالي وتسليحي كبير ، متدثرا  بعباءة الاسلام السلفي المتشدد ومزودا بفتاوى التكفير لمن لا يقبل طروحاته وبرامجه.
فنرى تنظيم القاعدة ، يتدخل بمسميات عديدة وتحت عناوين أحزاب وجماعات  سلفية ومتشددة وطائفية وعنصرية ، في مصر وتونس والعراق وسوريا واليمن والجزائر و يعتبر نفسه الممثل الشرعي والوحيد للاسلام الحركي الذي من حقه تحديد مصير الشعوب في منطقة الشرق الاوسط وهو يستخدم كافة الاساليب السياسية والعسكرية لمواجهة معارضيه الذين لا يقبلون طروحاته.
الا ترى تنظيم القاعدة ، يستخدم المفخخات والمتفجرات والاحزمة الناسفة ضد معارضيه في العراق وسوريا واليمن وباكستان وافغانستان وأقطار المغرب العربي و يقتل العشرات من الاشخاص ويجرح المئات كل يوم ، ويعتبر ذلك جهادا في سبيل الله ، والمقتولين كفارا يستحقون القتل والعذاب .
فأين مفعول خطوات الولايات المتحدة والغرب في مكافحة الجماعات الارهابية وخاصة تنظيم القاعدة الذي يزداد قوة يوما بعد يوم ويتحدى معارضيه ومناوئيه .
هل نعجب ، اذا ما استنكرت الاحزاب والفئات والجماعات الوطنية والشعبية في العالم العربي تحركات الاحزاب السلفية والمتشددة  المرتبطة بتنظيم القاعدة  في كل بلد عربي تخلص من حاكمه ؟ ، ان هذه الاحزاب ترى بوضوح  بان الجماعات السلفية والمتشددة تريد فرض اسلام سلفي ومتشدد على الشعوب العربية والاسلامية التي تخلصت توا من حكومات متجبرة وديكتاتورية ومستبدة.
فالاحزاب السلفية التكفيرية المتشددة تكتسح الساحة بفكرها التكفيري الاقصائي وطروحاتها المعارضة لكل فكر مخالف ، وهي تستخدم القوة لضرب معارضيها والقضاء عليهم ، لانها  تحمل نظريات تكفر من يخالفها الرأي وتفسر الاسلام تفسيرا أحادي الجانب  ولن تجد لها أنصارا يتقبلون افكارها وطروحاتها ،  الا من جانب بعض  الشباب البسيط المنغلق اللاهث وراء مكاسب مادية آنیة رخيصة.
ان ما يواجه الثورات العربية الان ، هو خطر الاسلام السلفي المتطرف  الاقصائي الذي يحاول شق صفوف الامة الاسلامية ويطرح شعارات طائفية عنصرية  فاشلة ، ويحظى بدعم حكام رجعيين معادين للديمقراطية و يصرفون الاموال الطائلة للحيلولة دون يقظة الشعوب العربية والاسلامية ، و هذا ما أدركه العديد من الحريصين على هذه الثورات ونبهوا الى اخطارهذه الجماعات على الشعوب العربية والاسلامية.
 
شاكر كسرائي