ايران كما ارادها الامام الخميني!

ايران كما ارادها الامام الخميني!
الخميس ١٤ مارس ٢٠١٣ - ٠٩:٢١ بتوقيت غرينتش

نشأت الجمهورية الاسلامية في ايران على انقاض نظام الشاه وهي تستبدل ثياب التغيير تحت رعاية الجماهير الايرانية، دون ان يلجأ الثوريون فيها لأسياف الاخرين، وحينما حطت الطائرة التي حملت شخصية الامام الخميني (قدس سره) قادمة من باريس في مطار طهران حُمل قائد الثورة على اكتاف الشعب دون الحاجة لوسائط الجوار والاصدقاء.

فعاشت ايران في رحاب ثورة غير مدنسة وفي كيان دولة غير مهزوزة.. الامر الذي كان جليا في استجلاب حظوظها الكامنة في السمو والتقدم والازدهار .. ولهذا ابتدأت الرحلة من نقطة المسار الصحيح ولم تنحرف ابدا عن خطوطها المرسومة منذ اوائل الرغبة العظيمة للشعب ذاته ..
فإيران اليوم هي جمهورية الثورة الاولى .. تلك التي ترعرعت بهيئة واحدة وقوام واحد .. وارتفاع مستقيم واستطالة مقدسة .. غير خاضعة للعمليات السياسية القيصرية، ولم تمر بمخاضات الاجهاض القسري ابدا .. رغم تكالب المخالب الممتدة عبر حدودها الاربعة، واندفع جذعها بالنمو ولم يهتز رغم العواصف العاتية القادمة من الغرب او من الشرق .. لتولد ايران اليوم .. جمهورية متدفقة العطاء ومتسامية الازدهار ..
ولعل الباحث عن سر هذا الصمود وهذا التألق سيكتشف ان الامر يتعلق بسرّين رهيبين، اولهما:  الشعب، وهو العامل المهمين على رسم ثيمة الدولة بكل تفاصيلها.. وحينما تجد شعبا يمر بالظروف والعوامل الاجتياحات الاقتصادية والسياسية والفكرية التي مرّ بها الشعب الايراني، ليصمد كل هذا الصمود من اجل الحفاظ على ثورته، بل ويذهب لتهذيب مسارها وتشييد مواطن القوة فيها، والمحافظة على مبانيها الفكرية بكل تفان واخلاص، ليكون شعبا يبتكر عنوانا جديدا للمواطنة الحقة، وهو يبتلع مرارة جوعه من اجل ان يصد كتل الحنظل المدفوعة من اكبر القوى العالمية .. مقابل ذلك لابد من ولادة الدولة النموذج .. وهو ما حصل كثمن مقبوض وجائزة نادرة .
اما السر الثاني: فهو القيادة العظيمة .. تلك القيادة التي استلمت مبادئ سيرتها منذ ما يقارب الخمسة وثلاثين عاما دون ان تُحرف او تَغير بنودها رغم توالي القادة وتعدد رجالها، تلك القيادة التي تخطط من اجل ان تدوم وتبقى لا من اجل ان تعيش وتحيا، وهي تصنع لذاتها ايديولوجية فريدة وسامية تسير باتجاهين – الديمومة والعطاء – ، دون ان تزيل قواعدها الاولى. فالثبات هو ابرز عناصر خلود القائد .. وعندما نجد مثلا النظرة التي أسسها الامام الخميني (قدس سره) تجاه السياسة الامريكية في المنطقة باعتبارها الشيطان الاكبر نجدها موجودة اليوم بنفس المعايير والاسس طالما ان تلك السياسة تسير وفق النهج الاستعماري. فالقائد ليس نظرية سياسية تتقلب حسب تموجات محيطها وانما مركب عامر بالايمان يسير باتجاه واحد نحو هدف وغاية واحدة .
فالجمهورية الاسلامية في ايران، تمثل دولة الانسان بعيدا عن الافكار المستوردة، بعد بناء قاعدة عريضة تمثلت بالالتزامات والمثل والقيم والمبادئ، وان تتقادم وتزدهر وفق مساحة مدروسة .. ولهذا لايمكن ان تُعد ايران ضمن الكيانات القابلة للزوال .. كما تم التوقع للاتحاد السوفيتي او يوغسلافيا او غيرها .. ولو كان كذلك لتم اقتحامها منذ البداية من القوى الكبرى في العالم .. اذا فهي دولة تسير بوتيرة واحدة لا متعددة تتعاضد اواصرها الجيوسياسية وفق ما خطط له الامام الخميني الذي حقق حلم الانبياء بحسب وصف المفكر والفيلسوف العالمي محمد باقر الصدر (رحمه الله) ، لذلك ايران تمثل قوة لا يستهان بها ويحسب لها الف حساب من قبل المبريالية العالمية الجديدة فهي تشكل عامل قلق مزمن لامريكا وحلفائها في المنطقة خصوصا اسرائيل التي تتجاهر علنا بعدائها لايران  وتضعها في خانة العدو الاول الذي يهدد بزوالها ويأرق فكر ساستها ، فايران في تطورها الباهر قد فندت نظرية نهاية التاريخ والانسان الاخير التي احياها الصحفي الامريكي فوكوياما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتحلل المعسكر الاشتراكي ..ايران هي المقص الذي مزق خارطة الشرق الاوسط الجديد...

حيدر يعقوب الطائي

haider_1175@yahoo.com