السينما الايرانية بعد الثورة الاسلامية

الأحد ١٥ فبراير ٢٠٠٩ - ١٠:٠٠ بتوقيت غرينتش

شهدت السينما الإيرانية فترة ازدهار جديدة بعد انتصار الثورة الاسلامية في 1979 فسجلت إنتاجا ملهما غذته عوامل داخلية وخارجية وذاتية.

واختتم مهرجان الفجر السينمائي الدولي اعماله الاربعاء في العاصمة الايرانية طهران، وسط حضور مكثف من المهتمين بقضايا الفن والسينما. وقد خصصت ليلة الاختتام لاعلان النتائج النهائية لمسابقات الاعمال الايرانية المشاركة في هذا المهرجان.

ويحتفي متحف الأفلام في طهران بهذا التقليد السينمائي وتعرض فيه السعفة الذهبية، التي فاز بها عباس كيا رستمي في مهرجان كان عام 1997 عن فيلمه "طعم الكرز".

وفازت السينما الإيرانية بأرفع الجوائز في مهرجانات كان ولوكارنو ومونتريال السينمائية، وتعرف العالم على مخرجين إيرانيين يعتبرون من أبرع السينمائيين مثل عباس كيارستمي ومحسن مخملباف.

وفي الثمانينات والتسعينات فازت إيران بأكثر من ثلاثمائة جائزة عالمية.

وأثبتت التجربة الإيرانية في السينما نجاحه في أوساط السينما الغربية التي تنبهر عادة بالغريب وغير المألوف، ترحب بالسهل والبسيط والتجريدي والأحادي البعد و"الإكزوتي" في صوره ولقطاته، وبالتالي بتحويل الإنسان إلى مجرد صورة شاحبة غير محددة المعالم، وكأن الإنسان لم يصنع تلك الحضارة الهائلة التي تمتد إلى آلاف السنين، بل لايزال شبحا هائما يتبدى ويختفي حسب الحالة النفسية والمزاجية.

يمكن القول ان اهتمام الغرب بالسينما الإيرانية نابع من اختلافها عن النمط المعتاد الذي يشاهده. والأفلام الإيرانية تتميز بالبساطة الشديدة في التناول وبالتركيز على موضوعات مستمدة من الحياة اليومية، وهي تسلط الأضواء على أمور شديدة البساطة قد نمر بها دون أن نتوقف عندها، ولذا فهي سينما انسانية.

إلى أن السينما الإيرانية تلعب دورا كبيرا في المراجعة الجماعية للذات في إيران، كما يصنف الكثير من النقاد السينما الإيرانية اليوم على أنها واحدة من أهم الصناعات السينمائية في العالم من حيث القيمة الفنية.

ترجع شعبية السينما الإيرانية في العالم إلى تركيزها على المشكلات الاجتماعية، لأن صناع الأفلام الإيرانيين نجحوا في التأثير على المشاهدين حول العالم بتكريس الأعمال لمعالجة حياة الناس ومشاكلهم.

ويعود تاريخ صناعة الأفلام في إيران إلى مطلع القرن الماضي حين كان إنتاج الأفلام هواية أرستقراطية على مسرح الغجر، ومع مطلع السبعينات عاشت السينما الإيرانية ازدهارا في حركة صناعة الأفلام، وأنتجت أعمالا مهمة لمخرجين مثل داريوش مهرجوئي صاحب فيلم البقرة.

يعتقد البعض ان الإصرار على الاستمرار في الإنتاج رغم الظروف الحالكة ومحاولة التحايل على الرقابة الصارمة قد خلقت نوعا من السينما ذي ملامح خاصة وأعطاها هذا التميز الذي أوصلها إلى المكانة العالمية التي تحتلها الآن، الذي بدأ تحديداً منذ التسعينات.

وواصل المخرجون الايرانيون الإبداع ورسموا ملامح ذات هوية خاصة، حتى وإن كانت جميعا تتبنى بشكل عام الواقعية الجديدة في الإخراج وتركز على المزج بين الروائي والتسجيلي لكن هؤلاء المخرجين لكل واحد منهم بصمته الخاصة التي تشكل رؤية سينمائية معينة.

من ناحية أخرى قام الإبداع السينمائي الإيراني على أساس الاستمرار وارتبط ببنية سينمائية كانت موجودة في عهد الشاه. وكان العديد من المخرجين الإيرانيين ينتسبون إلى حركة سينمائية من الممكن مقارنتها بحركة "Nouvelle Vague" الفرنسية - هذه الحركة الإيرانية التي غيَّرت في السبعينيَّات الأسلوب السينمائي الذي كان موجودًا مثل أفلام الإثارة وأثرته بأفلام ذات مضمون واقعي اجتماعي وأفلام تجريبية.

وعن أهم العوامل التي ساهمت في إنجاح الأفلام الإيرانية أنه قد تم حذف 3 عناصر نهائيا من السينما الإيرانية وهي مشاهد الكحول، الجنس، والعنف.. وهذا تماشيا مع ما تدعو إليه الشريعة الإسلامية، مما جعل الجمهور الإيراني يتوافد على قاعات العرض بكثرة ليشاهد الأفلام التي تعكس همومه، واقعه، ودينه وهويته.

من جانب آخر كانت‌ السينما الايرانية‌ قبل‌ انتصار الثورة‌ الاسلامية‌ ، بعيدة‌ عن‌ واقع‌ المجتمع‌ ، هذا اذ كان‌ هناك‌ موضوعات‌ في‌ الاصل‌ ، فالافلام‌ استعراضية‌ بمجملها ، ليس‌ فيها قصة‌ او موضوع‌ هادف‌.

ويعتبر مهرجان سينما الدفاع المقدس الذي يقام مرة كل عامين ثاني أهم حدث سينمائي في إيران بعد مهرجان الفجر الذي يقام سنويا في ذكري الثورة الإسلامية وتشارك فيه أفلام سينمائية عالمية.

ويقول المسؤولون إن الاهتمام بسينما الدفاع المقدس لا ينطلق من نظرة عدائية للآخر إنما لتوثيق هذه الحرب باعتبارها من أهم التجارب التي مرت بها إيران ويستدلون علي ذلك بالحرب الفيتنامية التي لم تغب عن السينما العالمية رغم مرور ما يزيد علي ثلاثين عاما علي توقفها.

أما المنتج السينمائي حميد بهمني الذي يدعو إلى التركيز علي الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للمقاتلين دون الاستغراق فيها، فهو يري أن الأفلام الجديدة قد ابتعدت عن تصوير مشاهد الحرب وأصبحت أكثر