لماذا وأدت السعودية دعوة الحوار بين أتباع الاديان والثقافات؟

لماذا وأدت السعودية دعوة الحوار بين أتباع الاديان والثقافات؟
الثلاثاء ٢٦ مارس ٢٠١٣ - ٠٥:٥٤ بتوقيت غرينتش

طرح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز شعار "الحوار بين اتباع الاديان والثقافات" في خطوة اعتبرت دعائية اكثر منها عملية وواقعية ، وأسست المملكة مركزا لهذا الحوار في العاصمة النمساوية فيينا، واستبشر الكثير من المراقبين بهذا الشعار الذي لو طبق لكان فيه الخير والفائدة ولطمأن العديد من اتباع المذاهب في السعودية بأن الزعماء السعوديين يرغبون في العدل والمساواة بين اتباع المذاهب في هذا البلد ، ولكن من المؤسف أن هذا الشعار بقي حبرا على ورق ، ولم يتحقق منه شيء على ارض الواقع.

وتعتقد الكاتبة السعودية مضاوي الرشيد: "ان النظام السعودي الذي تبنى خطاب الوحدة الاسلامية، لم يستطع ان يحتوي التعددية الدينية الموجودة في داخل الاسلام السني ناهيك عن التعددية بين هذا الاسلام والانماط المرتبطة بالطوائف الأخرى من شيعية الى اسماعيلية متواجدة على ارض المملكة ، فانبثق في ظل هذه الحالة أشد الخطابات طائفية واقصائية للمسلم السني الآخر ثم غيره من أتباع الطوائف الاسلامية المتعددة والمتنوعة ".
ورأينا أخيرا كيف رفض القائمون على وزارة الداخلية السعودية دعوة الملك عبد الله وعملوا خلافا لهذا الشعار، واعلنوا عن اعتقال شبكة تجسس اتهموا فيها جمعا من شخصيات شيعية بينهم رجال دين وأطباء وأكاديميين معروفين بوطنيتهم واستقامتهم بالضلوع في هذه الشبكة كما ذكر بيان للقيادات الشيعية البارزة في السعودية.
موقعو بيان القيادات الشيعية الـ 37 وجلهم من الأحساء والقطيف إتهموا السلطات بـ"استغلال التوتر الطائفي المتفاقم في المنطقة، ورأوا بأن مزاعم السلطات بشأن شبكة التجسس تأتي لغرض " صرف الأنظار عن المطالب المتصاعدة بالإصلاح السياسي وإنهاء الاعتقال من دون محاكمة عادلة الذي يخضع له آلاف المواطنين ودعا الموقعون السلطات إلى تجاوز ما وصفوه سياسة اللعب على ورقة الافتراق المذهبي.
كما طالبوا الحكومة بالتوجه نحو معالجة مشكلات البلد والتقدم بخطوات في الإصلاح السياسي وإقرار المساواة وحماية حقوق الإنسان والعمل بجدَ لتعزيز الوحدة الوطنية وفقا للبيان.
ويتخبط المسؤولون السعوديون في معالجة الازمة السياسية التي تعصف بالبلد، والاحتجاجات الشعبية التي تتوسع يوما بعد يوم وقد وصلت الأزمة السياسية في هذا البلد الى حد حذر فيه الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة الحكومة السعودية من قمع الاحتجاجات الشعبية وتوقع ان تتحول الاحتجاجات الى عمل مسلح ما لم تتم معالجة بواعث القلق بشاأن المعتقلين وسوء الخدمات والفساد ..
وفي خطاب مفتوح على الانترنت، قال العودة ان للشعب مطالب وحقوق ولن يسكتوا إلى الأبد على مصادرتها كليا أو جزئيا. وشدد على ضرورة اتخاذ قرارات حكيمة في الوقت المناسب قبل ان تندلع شرارة أعمال عنف في الشارع محذرا من انها قد تتسع وتمتد، وطالب العودة بإجراء اصلاحات في المملكة محذرا من الاحتقان.
فالخطاب الطائفي الذي انتهجته وزارة الداخلية السعودية ، تهدف من ورائه الى توسيع شقة  الخلافات المذهبية المتفاقمة في السعودية وتعميق الهوة بين المواطنين وإثارة العداوة والبغضاء بينهم وهذه سياسة اتبعها صدام حسين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وفشل فيها فشلا ذريعا.
فصدام حسين كان يعالج أزماته السياسية في الداخل بإثارة النعرات الطائفية بين أتباع مختلف المذاهب في العراق، كما كان يدعي اكتشاف شبكات تجسس في الداخل ويتهم شخصيات مذهب معين بالمشاركة في هذه الشبكات والتجسس لصالح دولة اجنبية .
إن ما يدعو للأسف ، هو أن يصدر عن المسؤولين السعوديين دعوات متناقضة ، فالعاهل السعودي يدعو الى الحوار بين الاديان والمذاهب ووزارة داخليته تدعو الى تشديد النزاعات الطائفية وتؤلب أتباع مذهب ضد أتباع مذهب آخر.
ويرى المتتبع للاوضاع في السعودية ، ان هناك خلافات عميقة بين المسؤولين السعوديين حول معالجة ما تواجهه السعودية من أزمات، وهناك قوى في هذا البلد لا ترضح لتعليمات الملك، بل تعمل ضده وتريد أن تظهر نفسها بأنها الذي يتحكم بالامور عمليا وان قرارات الملك ما هي الا حبر على ورق.


*شاكر كسرائي